الحوار السوري اللبناني العراقي من يبادر ؟
غالب قنديل
يفتش المسؤولون اللبنانيون عن ذرائع وتبريرات يعرفون أنها واهية لا تنطلي على أحد لاختراع الأجوبة حول سبب الحالة شبه المعلقة في التواصل اللبناني السوري والمفارقة ان الشخصيات ذاتها كانت لا تبارح فنادق العاصمة السورية لسنوات وبعضها كان يقيم طويلا في فيلات المزة بالعاصمة السورية وبعد الحرب الأميركية التي عصفت بسورية انقلب معظمهم وانكفأ البعض الآخر إلا القليل من الشخصيات والقيادات التي حافظت على ثباتها المبدئي.
أولا فتحت مبادرة العراق الشقيق لنجدة لبنان بوابة تواصل واسعة بين سورية ولبنان بفعل الحصار الأميركي السعودي ومن غير أي فضل للقيادات اللبنانية المسؤولة في السلطة كانت الاستجابة السورية مباشرة وفورية في التسهيل فانسابت قوافل المشتقات النفطية عبر الطريق البري بين سورية ولبنان بعد افراغ شحنات النفط العراقي في الموانئ السورية وبدت المرافق البرية والبحرية السورية والعراقية الواصلة بين القطرين الشقيقين خلايا انعاش واسعاف للبنان الذي دخل مرحلة عناية فائقة بعدما فرغت خزائن مصرفه المركزي من العملات الصعبة في حلقة استنزاف مالي خطير وهذا ما لفت الانتباه بعد غفلة لبنانية مستدامة تهشمت وسقطت في ظروف الحاجة القاهرة التي هي حاصل نهج نظام سياسي مالي خدماتي تابع يجافي الفطنة والمرونة والقدرة على التكيف غاب عن نخبته الحاكمة لعقود أي أثر للتحسب والتحوط على صعيد النهج الاقتصادي والمالي.
ثانيا على الرغم من برهنة التطورات على ضرورة المبادرة اللبنانية إلى إقناع الأشقاء السوريين والعراقيين ببحث السبل المتاحة لتطوير التعاون بين الدول الثلاث واستكشاف المجالات والفرص التي تساعد في تعجيل تخطي الكارثة الراهنة وادخل لبنان حقوق انعاش وتطور يتركز هم السلطات اللبنانية في التعامل مع الأمور بمنطق روتيني مع استمرار الرهان الأبله على الغرب الذي يقرن قطارة التنقيط المالي بشروط قاهرة تمس السيادة وتعمق التشوهات المتوارثة في البنيان الاقتصادي نتيجة الهيمنة والتبعية وغياب الرشد والتخطيط المستقبلي في سياسات الدولة وهذا تشوه تكويني وراثي في النظام اللبناني الذي تفاخر طويلا بورم السمسرة والخدمات بينما غرق في نزيف وغيبوبة وعجز كلي مع عصف التحولات الهيكلية في اقتصاد البيئة الإقليمية وتلوح اليوم فرصة عراقية بدافع النخوة الأخوية التي طغى على العقل اللبناني الاستجدائي والتسولي كيفية صرفها في نفقات روتينية جارية دون أي تفكير اقتصادي جدي وبناء.
ثالثا نكرر دعوتنا إلى الرئيس نجيب ميقاتي لتوجيه رسائل رسمية تدعو رئيسي الحكومة في سورية والعراق ووزراء المال والاقتصاد والطاقة والصناعة والزراعة والتجارة مع فرق المهندسين والخبراء في البلدان الثلاثة للانعقاد بصفة منتدى اقتصادي قانوني يضع على الطاولة بصورة عاجلة تحضير اتفاقات الشراكة والتعاون وتنسيق رسوم عبور الركاب والبضائع والجمارك بين الدول الثلاث وصولا لتأسيس سوق مشتركة واعداد مشاريع شراكات عابرة للحدود زراعية وصناعية ومصرفية وتعليمية وكذلك ربطالشبكات الكهربائية والمائية وللطرقات وسكك الحديد وغيرها وتلك مشاريع يمكن ان تمثل رئة انتعاش للتجارة البينية ولتبادل الخبرات والكفاءات التي يفترض بالوزارات المعنية تنسيقها ورعاية قنواتها الجامعية البحثية والمهنية.