بلدان المشرق وتحديات التعاون الاقتصادي
غالب قنديل
أظهر التكامل وتبادل الخبرات بين جيوش وقوى وتنظيمات شعبية متعددة في بلدان المشرق قدرة نوعية على تصفية عقد الإرهاب التكفيري العابر للحدود في سورية والعراق ولبنان وهو ما يصلح حافزا إلى تنظيم الشراكة والتعاون الإقليمي على الصعيد الاقتصادي حيث تواجه بلداننا ظروفا صعبة مع تفاوت تعبيرات المشاكل في كل منها على حدة.
أولا نشعر في لبنان مع الانهيار الاقتصادي والمالي الذي نعاني منه أننا في أمس الحاجة إلى نجدة الشراكات المشرقية الشقيقة وقد برهنت لنا ظروف الكارثة المتمادية على هذه الحقيقة القاطعة بمبادرات سورية وعراقية كريمة قابلها المسؤولون بلياقات أخوية وببعض الثناء والشكر وهذا من مقتضيات التعامل الطبيعي بين البلدان العربية.
تركت المساعدات والهبات الأخوية في توقيت حرج لبنانيا ارتياحا شعبيا وتثمينا رسمي لكنها أدعى واقعيا إلى التفكير الأبعد مدى بسبل الارتقاء بالتعاون العابر للحدود بين بلدان المشرق ولبنان يفترض به حمل راية فكرة التكتل والتعاون والاتفاقات متعددة الطرف بين بلدان المشرق العربي على طريق شراكة اقتصادية متطورة تحتاجها بلداننا وشعوبنا في أقصى سرعة ممكنة.
ثانيا البدايات المتواضعة هي القابلة للحياة والتطور منهجيا ومع توافر الوعي والإرادة يمكن للشراكة بين دولنا أن تحقق نموا وتطورا برهنت عليه تجارب الشراكات الممكنة ويفترض أن تنطلق المبادرة من لبنان لتحريك حوار منهجي بين دول المشرق الأربعة لبنان وسورية والعراق والأردن حول التعاون الاقتصادي في مجالات الزراعة والثروة المائية وإنتاج الطاقة الكهربائية وشبكات توزيعها ونقلها والرسوم الجمركة والتسويق السياحي والتعاون الصناعي والنفطي وان كان صحيحا ان لبنان يكاد يكون الأقل قدرة والأشد حاجة للمؤازرة بين هؤلاء الأشقاء الذين بادروا جميعا لمساعدته ونجدته لكن لديه خبرات ورصيدا معنويا يؤهلانه للعب دور محوري في المبادرة والموالفة بين الحكومات الشقيقة وبلورة التفاهمات العابرة للحدود والمجسدة لمضمون التعاون الذي يخدم المصالح المشتركة.
ثالثا إننا ندعو الحكومة اللبنانية إلى تنظيم منتدى حوار يجري تحضير اوراقه من قبل لجنة خبراء بإشراف وزاري لإعداد مواضيع النقاش والبحث ومشاريع التوصيات والقرارات التي تسبق الاجتماعات الوزارية الرسمية التي نأمل حال انعقادها أن تتوج بتأسيس مرحلة جديدة من الشراكات الإقليمية التكاملية ولتوضع خارج النقاش سائر العناوين السياسية الخلافية بروح التعاون وباحترام اولوية الاقتصاد في ظروف صعبة تجتازها بلدان المنطقة.
نأمل من الحكومة اللبنانية ومن الرئيس نجيب ميقاتي اتخاذ المبادرة في هذا الاتجاه دون تردد أو تأخير وسيجد أن الحاصل الفعلي اجدى بكثير من خيارات واستشارات غير مضمونة النتائج تقدمها جهات دولية تفترض الفطنة اخذها بحذر وانتباه.