من الصحافة الاميركية
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا لمراسلها في بيروت، بن هوبارد، تحدث فيه عن اكتشاف تعرض هاتفه للاختراق من قبل السعودية، بواسطة تطبيق “بيغاسوس” الإسرائيلي.
واستعرض هوبارد الأخطار المنضوية على برمجيات التجسس المتطورة، التي عادة ما تستخدمها الأنظمة القمعية ضد خصومها، وتجعل الصحفيين، تحديدا، عرضة للانتهاك، في سبيل الكشف عن مصادرهم الخاصة.
وبات الناشطون وذووهم، وكل من يمكن أن تكون لديه معلومة عنهم، عرضة للخطر، في إطار عملية جمع المعلومات التي تنتهجها أجهزة استخبارات الدول، والتي عادة ما تتذرع بـ”مكافحة الإرهاب”، لتبرير تلك الممارسات.
في المكسيك اخترقت الحكومة الهواتف الخلوية للصحفيين والنشطاء، بينما اخترقت المملكة العربية السعودية هواتف المعارضين في الداخل وفي الخارج على حد سواء، ونجم عن ذلك سجن البعض منهم. واخترق حاكم دبي هاتف زوجته السابقة وهواتف محاميها.
ولذلك، لربما ما كان يجب علي أن أندهش عندما علمت مؤخراً أن هاتفي أيضاً قد تعرض للاختراق.
ومع ذلك كان وقع الخبر مزعجا.
فكوني مراسلاً لصحيفة نيويورك تايمز أغطي لها أحداث الشرق الأوسط، أتحدث من حين لآخر مع الناس الذين يجازفون بتزويدي بالمعلومات التي يرغب حكامهم السلطويون في إبقائها سراً. أتوخى الحذر وأتخذ ما يلزم من احتياطات حتى أحمي هذه المصادر لأنه لو تم اعتقالهم فسينتهي بهم الأمر إما وراء القضبان أو تحت الثرى.
ولكن في عالم بتنا فيه نخزن كما كبيراً من المعلومات الشخصية والمهنية داخل الأجهزة التي نحملها في جيوبنا، وحيث يستمر تطوير برامج الرقابة والتجسس وتصبح أكثر تعقيداً، فإننا جميعاً نصبح، وبشكل متزايد، عرضة للاختراق.
وكما تبين فيما بعد لم أكن بحاجة حتى إلى الضغط على رابط ما لكي يتم اختراق هاتفي من قبل برنامج التجسس.
وسعياً لمعرفة ما الذي حدث بالضبط، عملت مع سيتزن لاب، وهو معهد للأبحاث تابع لكلية مانك للشؤون العالمية في جامعة تورونتو، والذي يعكف على دراسة برامج التجسس الهاتفية.
كنت آمل في أن أعرف متى بالضبط تم اختراق هاتفي ومن قبل من تحديداً وما هي المعلومات التي سرقت منه. ولكن حتى مع كل المساعدة التي يقدمها خبراء الإنترنيت في هذا المجال، لم أحصل على إجابات شافية.
إلا أن ما توصل إليه التحقيق هو أنني وقعت ضحية لقطاع تصنيع برامج التجسس الهاتفية، وهو القطاع الذي يبيع أدوات الرقابة والتجسس للحكومات لمساعدتها في محاربة الجريمة وفي تعقب الإرهابيين.
إلا أن الشركات التي تبيع هذه الأدوات تعمل في الظل، في سوق ما زال إلى حد كبير لا يخضع لأي تنظيم أو ترشيد، ويسمح للدول باستخدام التكنولوجيا كما تحب، بما في ذلك ضد النشطاء والصحفيين.
والذي حدث هو أنني في عام 2018 استهدفت برسالة نصية مريبة يقول الخبراء في سيتزن لاب إنها ربما أرسلت من داخل المملكة العربية السعودية باستخدام برنامج تجسس يسمى بيغاسوس. إلا أن الشركة الصانعة لهذا البرنامج، وهي مجموعة إن إس أو التي تتخذ من إسرائيل مقراً لها، نفت أن يكون برنامجها قد استخدم في ذلك الاختراق.
حت عنوان “القضية ضد مارك زوكربيرغ: مصادر من الداخل تقول إن المدير التنفيذي لفيسبوك فضل النمو على السلامة”، نشرت صحيفة واشنطن بوست تحقيقا أعدته إليزابيث دوسكين وتورس نيومير وشيباني ماهتاني قالوا فيه إن زوكربيرغ واجه في العام الماضي خيارا بين الاستجابة لمطالب الحزب الشيوعي الفيتنامي الحاكم وفرض الرقابة على العناصر المعادية له أو خسارة واحد من أهم أسواقه المربحة في آسيا.
وفي أمريكا تروج المنصة الاجتماعية لحرية التعبير وترفض حذف المحتوى المضلل والخبيث عنها. أما في فيتنام فالدفاع عن حرية التعبير لمن يتحدون رؤية الحكومة هناك فثمنه خسارة مليار دولار من الموارد السنوية. ولهذا قرر زوكربيرغ أن شركته ستلتزم بمطالب حكومة هانوي، حسب أشخاص على معرفة بقراره وطلبوا عدم الكشف عن هويتهم.
ومع اقتراب موعد اجتماع الحزب الشيوعي الفيتنامي السنوي، زادت الشركة من الرقابة على المنشورات المعادية للحكومة بشكل منح الحكومة السيطرة شبه التامة على المنصة، حسبما قال ناشطون محليون وأنصار لحقوق الإنسان.
وكان قرار زوكربيرغ المتعلق في فيتنام الذي كشف عنه سابقا، هو مثال عن تصميمه للحفاظ على تسيد منصته وإن جاء هذا على حساب القيم والمبادئ التي يدعو إليها.
وقابلت الصحيفة عددا من الموظفين والعاملين في الشركة كشفوا فيها عن التناقض بين الأخلاق والحرص على الربح. في وقت كشف فيه عاملون سابقون في سلسلة من الفضائح عنها وشكوى قدمتها مديرة سابقة لمفوضية الأمنيات والتبادل الأمريكية. وفي الوقت الذي لا يظهر إن كانت المفوضية ستحاول متابعة الاتهامات ضد الشركة ومديرها إلا أن ما كشفته الموظفة السابقة مثل تحد لسيطرة زوكربيرغ المتشددة على أهم وأقوى منصة اجتماعية على وجه الأرض.
ويرى خبراء أن المفوضية التي لديها الصلاحية لطلب إفادات منه أو تغريمه وربما محاولة عزله من إدارة الشركة قد تحاول البحث بشكل أعمق حول ما كان يعرف ومتى. ويقول من عمل معه إن رؤية زوكربيرغ لا تنعكس عادة في الوثائق إلا أن أصابعه موجودة في كل مكان. فقد قام بتصريحات عدة عكس دفاعه المستميت عن حرية التعبير. وحتى في فيتنام فقد بررت الشركة قرارها ممارسة الرقابة بأنه محاولة لتوفير الخدمة وحرية المعلومات للملايين الذين يعتمدون عليها في البلد.
وأشارت فرانسيس هوغين، المديرة السابقة إلى تصريحات زوكيربرغ العام 20 مرة في شكواها للمفوضية، مشيرة إلى أن موقعه الإستثنائي كمدير وسيطرته تجعله في موقع المسؤولية عن سلسلة من الأضرار الإجتماعية. وتكشف الوثائق التي قدمتها تناقضا مع المدير التنفيذي في عدد من الموضوعات بما فيها أثر المنصة على الأطفال وسلامتهم العقلية وفيما إن كانت الخوارزميات للمنصة تسهم في الاستقطاب وما هو حجم خطاب الكراهية الذي تكتشفه حول العالم. ففي العام الماضي قال زوكربيرغ في شهادة أمام الكونغرس إن شركته تحذف 94% من خطاب الكراهية، لكن الوثائق الداخلية تظهر أن الشركة لا تحذف إلا أقل من 5% من هذا الخطاب. وفي آذار/مارس أخبر الكونغرس أنه “ليس من الواضح” إن كانت المنصات الإجتماعية تسهم في استقطاب الناس، وهذا كلام تناقضه الوثائق إلى مفوضية الأمنيات والتبادل التي قدمتها للكونغرس وتم مراجعتها من قبل مجموعة صحافية بمن فيها “واشنطن بوست”.
وفي شهادتها أمام الكونغرس اتهمت هوغين فيسبوك بتقديم النمو والربح على السلامة العامة، وهو أمر واضح من كلام من قابلتهم الصحيفة.
وقال بريان بولاند، نائب المدير السابق للشراكات والتسويق والذي غادر الشركة عام 2020 “شبح زوكربيرغ يلوح في كل شيء تعمله الشركة” و”هي مدفوعة منه”. ونفت المتحدثة باسم فيسبوك أن القرارات نابعة من زوكربيربيغ وأنها “تؤدي للضرر”، مشيرة إلى أن الوثائق المنشورة انتقائية ونزعت عن سياقها. و”ليس لدينا أي حوافز مالية أو أخلاقية لعمل شيء غير تقديم أكبر عدد من الناس تجربة إيجابية قدر الإمكان” و”مثل أي منصة فنحن نقوم وبشكل مستمر باتخاذ قرارات صعبة بين حرية التعبير والتعبير الضار والأمن وغير ذلك من القضايا، وهذه القرارات لا تتخذ من فراغ”.