من الصحافة الاسرائيلية
كشف موقع اسرائيلي عن استعداد مبعوث خاص من “الشاباك” للتوجه إلى واشنطن، لتبرير قرار تصنيف ست منظمات مجتمع مدني فلسطينية بأنها “إرهابية“.
وقال إن الزيارة ستجرى هذا الأسبوع، “لعقد جلسات إحاطة مع كبار المسؤولين في إدارة جو بايدن والكونغرس الأمريكي حول المواد الاستخباراتية التي تربط المنظمات المدنية الفلسطينية بالجبهة الشعبية والتي اعتبرتها إسرائيل منظمات إرهابية”.
وكانت وزارة القضاء قد نشرت قبل أيام قائمة تضمنت تصنيف ست مؤسسات حقوقية فلسطينية معروفة بأنها “إرهابية”، بأمر من وزير جيش الاحتلال بيني غانتس.
تركت زيارة رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي نفتالي بينيت إلى موسكو، ولقاؤه الأول بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، آثارا سياسية داخلية وخارجية في الساحة الإسرائيلية، سواء على صعيد أول لقاء قمة يجمعهما، ومدى قدرة بينيت على إقناع مضيفه الروسي بشخصيته، وقدرته على موازاة تأثير سلفه بنيامين نتنياهو، أو النتائج المترتبة على الزيارة، من حيث استمرار حرية العمل العسكرية لجيش الاحتلال في الأراضي والأجواء السورية.
لذلك تزايدت التقديرات الإسرائيلية في الأيام الأخيرة حول حجم ما لعبته شخصية بينيت، وصورته في الكرملين، من دور في قرارات الروس بالامتناع عن تزويد دول في الشرق الأوسط بأنواع معينة من الأسلحة، و”التسامح” مع استمرار العدوان الإسرائيلي في سوريا.
آريئيل بولشتاين الكاتب في صحيفة إسرائيل اليوم ذكر أن “الاجتماع الأول بين بينيت وبوتين اكتسب أهمية تتجاوز بكثير الاستنتاجات الفورية التي ربما تم التوصل إليها، أو فشلت في إنجازها، فقد أظهر بوتين دفئًا تجاه ضيفه، لكنه أخفى خلفها نظرة فاحصة له، لأننا أمام زعيم يترأس روسيا لأكثر من 20 عامًا، وشاهد تقريبا معظم زعماء العالم خلال هذه الفترة، لذلك فهو سيحاول التعرف على ملامح نظيره الجديد، لاسيما أنه الأقل خبرة بالنسبة له”.
وأضاف في مقال أن “زيارة بينيت إلى موسكو أعادت إلى أذهان الروس زيارات نتنياهو المتكررة السابقة إليها، بوصفه رئيس حكومة غير عادي، ويكتسب تقريبا الخصائص الشخصية ذاتها المنسوبة إلى بوتين، من حيث استغلاله للفرص التاريخية، وخلال فترة حكمه الطويلة، صاغت إسرائيل وروسيا قواعد عمل متبادلة على الأرض، خاصة في سوريا، لاسيما بعد دخول روسيا العسكري إلى جانب الأسد، وقد تم هذا التوافق الروسي الإسرائيلي في الغرف المغلقة”.
تواصل الأحداث في المسجد الأقصى تصدر عناوين الصحف وسط توقعات بأن يشكل باب العامود، تحديدا، مهدا لهبة فلسطينية جديدة، في ظل استفزازات المستوطنين وقوات الاحتلال المتواصلة.
وأصبح باب العامود بصورة خاصة يكتسب أهمية استثنائية لدى الأوساط الأمنية الإسرائيلية؛ لما له من إرث أمني وعسكري وسياسي كبير في السنوات السابقة، حيث شهد أخطر المواجهات مع الفلسطينيين، الذين ينظرون إليه برمزية كبيرة، ربما أكثر من سواه من المواقع داخل القدس المحتلة عموما، والمسجد الأقصى خصوصا.
غال بيرغر، الخبير الإسرائيلي في الشؤون الفلسطينية، قال إن “عودة الاشتباكات مرة أخرى عند باب العامود تطرح الكثير من التساؤلات حول أسبابها ودوافعها، وتفسح المجال واسعا أمام جملة المراسلين المتخصصين في شؤون القدس ليقدموا إجابات من وجهة نظرهم، وفهمهم لمسار الأحداث، ما دفعني لمراجعة التقارير اليومية، يوما بعد يوم، وساعة بعد ساعة، في عشرات مجموعات التليغرام الفلسطينية، لمحاولة معرفة كيف بدت الأشياء من هناك”.
وفي مقال نشرته هيئة الإذاعة والتلفزيون الإسرائيلية- كان، أضاف بيرغر: “فوجئت فعلا بمدى كثافة تعامل الفلسطينيين مع أحداث باب العامود عبر شبكات التواصل والنقاش اليومي، فهناك عشرات مجموعات البرقيات لوسائل الإعلام الفلسطينية وصحفيين وهيئات ومنظمات مختلفة، ما يعكس ما يمكن لي أن أصفه بحالة هوس تجد أثرها على هذه المجموعات تجاه أي تقرير أو تطور يتعلق بما يحدث في باب العامود، سواء كان روتينيا أو طارئا”.
ويعكس حديث بيرغر “تفاجؤ” اسرائيل من تفاعل الفلسطينيين على نطاق واسع مع أحداث باب العامود، وهو جزء أصيل من مسجدهم الأقصى ومدينتهم المحتلة، فيما دفعهم ذلك إلى فتح نافذة على شبكات التواصل الفلسطينية، التي تتابع التطورات أولا بأول.
وبالفعل فإن إصرار الاحتلال على قمع تواجد الفلسطينيين بباب العامود تم الرد عليه برفع حساسية الفلسطينيين تجاه كل تصرف من الجانب الإسرائيلي، برصد كل عملية اعتقال وكل فحص لبطاقة هوية صبي أو فتاة، رجل أو امرأة، أو استجواب واحتجاز، وتصديرها بالعناوين الرئيسية التي تنتشر كالنار في الهشيم مع مقاطع مصورة على هيئة أخبار عاجلة.
ومن الطبيعي أنه عندما يتم إحضار حواجز حديدية للشرطة أن تضيء جميع الفلاشات الفلسطينية مرة واحدة، حتى الغرامات المفروضة على التجار عند باب العامود، أو تقارير شرطة المرور الإسرائيلية للسائقين الفلسطينيين في محيط المنطقة، تصبح أخبارا عاجلة.
أكثر من ذلك فإن كل دخول لما يطلق عليه “شرطة الحدود” بات مصدرا للتوثيق، سواء كانوا بصحبة خيولهم، أو كلابهم، أو بمفردهم، حتى دون احتكاك مع الفلسطينيين، لكن عبورهم للسلالم من المتوقع أن يعتبره الفلسطينيون احتكاكا وتحرشا بهم.
أما في حال انتقلنا إلى التلويح بعلم اسرائيل في ساحات باب العامود، بحسب الكاتب، “فنحن إذن أمام حالة تصعيد حقيقية، تستدعي الدعوة لمعركة حقيقية، وهو ما حصل إبان مسيرة الأعلام اليهودية للمستوطنين”.
غريب أن يبدي الإسرائيليون استغرابا من التفاف الفلسطينيين حول باب العامود، وهم الذين ما زالوا يتذكرون أن حرب غزة الأخيرة اندلعت بالأساس بسبب “مسيرة الأعلام”، حين خرجت دعوات مقدسية للمقاومة الفلسطينية بالتصدي لها، وصولا إلى النجاح بإجبار الاحتلال على إلغائها، ثم الدعوات للاحتفال بالنصر عند باب العامود ذاته.
وبغض النظر عن أي اعتبارات سياسية أو تنظيمية حول أحداث باب العامود، لكن من الصعب على الاحتلال أن يتجاهل حقيقة وجود عاطفة مقدسية أصيلة لدى الفلسطينيين تجاه هذه المنطقة.
وتتخوف اسرائيل من زيادة التفاعل الفلسطيني مع أحداث باب العامود؛ لأنها تقع عشية تطورات عاصفة، قد تتسبب بموجات من الصدمات القوية، وتثير أجواء مشحونة، بالتزامن مع إعلان الفلسطينيين عن شعارهم القديم الجديد أن “الأقصى في خطر”، لذلك لا يكاد يمر يوم دون أن ينشر الفلسطينيون أي صور أو فيديوهات عن باب العامود، حتى في أيام الهدوء التام.