السعودية تحت النار… وسلمان كبش فداء: ناصر قنديل
– معلوم لدى القيادة السعودية مهما كان حجم المكابرة أن الإعلان عن الهدنة الإنسانية وتأجيل البدء بها كانا بسبب أنها، آخر جولات الحرب السعودية على اليمن، وأنها إعلان وقف نهائي لإطلاق النار، لتعذر إيجاد طرق أخرى لإعلان هذا الإنهاء للحرب بصيغة وفاق سياسي بدا مستحيلاً بسبب الرفع المبالغ به للسقف السياسي السعودي لأهداف الحرب وتضمينها، سحق الحوثيين كهدف، وإنهاء حضورهم في اليمن، وعبرهم إنهاء أي نفوذ إيراني، ومنع إيران من التمدد في مياه الخليج، وبسط السيطرة السعودية على باب المندب، وربط أي عفو عن الحوثيين للسماح بقبولهم في الحل السياسي اليمني، سوريةأن ينسحبوا من المدن وأن يلقوا السلاح وأن يعترفوا بشرعية منصور هادي، وأن يرتضوا رعاية خليجية لحوار يجري في الرياض.
– معلوم لدى القيادة السعودية أن أي هدف من أهداف الحرب لا يمكن الإدعاء بتحقيقه، وأن عليهم قبول وقف الحرب من دون التقدم خطوة جدية نحو أي منها. فبالتزامن مع وقف الحرب، من بوابة الهدنة الإنسانية التي سيجري تمديدها تلقائياً، قبلت السعودية حواراً ترعاه الأمم المتحدة، لا مجلس التعاون الخليجي، وفي جنيف، وليس في الرياض، وليس مرتبطاً بقبول الحوثيين أي من الشروط التي وضعتها السعودية، بل الأدهى أن السعوديين يعلمون أن الحوثيين دخلوا باب المندب في ظل حربهم وتحت عصف وقصف طائراتهم، وأنهم سيدخلون ما تبقى من عدن ويحسمونها بعد وقف النار، طالما اشترطوا لقبول الهدنة عدم شمولها تنظيم «القاعدة»، الذي يعتبرون أنه وحده من يقاتلهم في عدن. ويعلم السعوديون فوق كل ذلك أن إيران دخلت مياه خليج عدن وستدخله مجدداً، على رغم الحرب السعودية وحصارها البحري، وسيكون ختام الحصار البحري السعودي بتسليم الراية للأمم المتحدة تفادياً لاختبار قوة مع إيران، التي عزمت على إرسال باخرة مساعدات ستخترق الحصار السعودي وتتحداه ما لم يعلن رفعه.
– المعلوم أيضاً لدى القيادة السعودية أن سقف المهلة الأميركية التي منحت لهم لوقف الحرب، كان يرتبط بوجوب وقف الحرب قبل أن يحين الموعد المؤجل للقمة الخليجية مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، وأن هذه القمة لن تكون لترضية الخواطر السعودية والخليجية، بمناسبة اقتراب توقيع التفاهم النووي مع إيران، الذي بات حتمياً، بل لرسم صورة المشهد الخليجي القاتم بعد الفشل في حرب اليمن، والقلق الأميركي المتزايد على استقرار أنظمة الحكم هناك من جراء تخلف هذه الأنظمة وسوء توزيع الثروات فيها، وأن قيام واشنطن بتقديم الدعم الأمني لطمأنة الحكام بوجه أي خطر خارجي يستدعي المسارعة لجملة إصلاحات داخلية، تتصل بالمشاركة السياسية والاقتصادية، وستكون البحرين نموذجاً لما تريده واشنطن لسائر حكومات الخليج تأسيساً على دخول مفهوم الملكية الدستورية إلى الخليج بلداً بلداً.
– يغيب الملك سلمان عن القمة، تاركا المسرح لمن ترتاح إليه واشنطن، رجلها محمد بن نايف، مرتضياً العقاب على فشل الحرب على اليمن بإعلان الاستعداد للتنحي عن العرش، وفتح الباب لإعادة صياغة شكل الحكم في المملكة، بينما ترتب حماقة الحرب الوحشية على صعدة، بدء تساقط الصواريخ على منشآت آرامكو النفطية، التي تشكل رمز استقرار السعودية ومكانتها في سوق النفط العالمية، وما ترمز إليه هذه المكانة. ومعلوم لدى القيادة السعودية أن من يسقط صاروخاً فوق آرامكو، يقول نحن ما زلنا هنا، ولا تزال صواريخنا بخير، وقادرون لو شئنا أن ندمر هذه المنشآت، وحربكم فاشلة، وحربنا لم تبدأ بعد، فلا تختبروا المزيد من الغضب فينا، فقد قارب صبرنا على النفاذ.
– من اليوم صارت السعودية تحت النار… فالسعودية نفط والنفط تشعله النيران.
(البناء)