من الصحافة الاميركية
نشرت صحيفة واشنطن بوست تقريرا للصحفية التونسية والناشطة في مجال حقوق الإنسان سهام بنسدرين، والتي ترأست هيئة “الحقيقة والكرامة” ما بين 2014- 2019، أكدت فيه أن العودة إلى الاستبداد لن تحل مشاكل تونس.
وأشارت إلى قرار الرئيس التونسي قيس سعيد في 29 أيلول/ سبتمبر الذي أثار دهشة الكثيرين عندما كلف المحاضرة الجامعية غير المعروفة، نجلاء بودن رمضان لتشكيل الحكومة. وهي أول امرأة تتولى المنصب في العالم العربي لكن تعيينها جاء في مرحلة مضطربة في تونس لم تمر عليها منذ عام 2011، والتي أدت لثورات الربيع العربي. وتولت منصبها بعد شهرين من عزل سعيد سلفها وتجميده البرلمان في 25 تموز/يوليو، بشكل أثار مخاوف الكثيرين من أنه يقوم بإرجاع البلاد مرة أخرى إلى حكم الفرد.
وقالت بنسدرين إن نسبة من التونسيين رحبوا باستيلاء سعيد على السلطة، فقد ساهم الاقتصاد المتدهور والفساد المستمر وارتفاع حالات الإصابة بكوفيد- 19 بخلق حالة من الخيبة بالأحزاب السياسية.
وأشارت إلى أن المعتذرين عن سعيد مخطئون لو اعتقدوا أن العودة إلى حكم الرجل القوي هي الإجابة لحل مشاكل تونس. مضيفة: “لم تخدمنا الديكتاتورية في عهد زين العابدين بن علي ولن تخدمنا اليوم. وما تحتاجه تونس اليوم هو بناء أعمدة تقوي ديمقراطيتها التي حصلت عليها بصعوبة. وأهم شيء هو إنشاء محكمة دستورية وتحقيق العدالة الانتقالية، ولو بدأ سعيد إصلاحات كبيرة لتعامل الناس بلطف مع استيلائه على السلطة، ولكن للأسف لم يفعل، والآن يتزايد الحنق حتى بين الذين رحبوا بداية بتحركه”.
وفي 22 أيلول/ سبتمبر أصدر سعيد مرسوما يقلل من صلاحيات رئيس الوزراء بشكل كبير. وهو تحرك خطير يترك انعكاساته على حكم القانون وسط قوانين الطوارئ المعمول بها منذ الهجمات الإرهابية عام 2015.
وقالت الناشطة الحقوقية إن أنصار سعيد يساوون إنجازات الثورة التونسية بأجندة حزب النهضة الذي يسيطر حاليا على البرلمان، و”يعامل هؤلاء النقاد انتخابات تشرين الأول/أكتوبر 2011 التي جعلت من النهضة أضخم حزب سياسي، كنقطة بداية لديمقراطيتنا الحالية. وبعملهم هذا يتجاوز المعتذرون عن الرئيس وبشكل كامل التغيرات الكثيرة التي حصلت خلال السنوات الماضية”.
فالدستور الذي تم تبنيه عام 2014 ظهر عبر نقاش وطني واسع هدف لمنع عودة منظور الشمولية والتأكيد على الحريات الأساسية ووجود ضوابط وتوازنات حقيقية.
ورأت الكاتبة أن “أنصار سعيد محقون بنقدهم النهضة على فشلها، فبدلا من تبنيها أجندة الثورة، ركزت على السلطة والحفاظ عليها. وقادها هذا الهوس لعقد تحالفات مع شبكات النظام السابق في الشرطة والقضاء والإعلام. ولم تعارض النهضة فقط الإصلاحات التي دعت إليها الثورة بل وصادقت على قوانين المصالحة التي صممت لتبرئة الأفراد الفاسدين”.
نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا لأمين عام المجلس النرويجي للاجئين، جان إيغلاند، قال فيه: “عندما كنت أتجول حول كابول قبل بضعة أسابيع، شعرت أن المدينة مختلفة تماما عن زيارتي السابقة في عام 2019، وليس فقط لأن حربا استمرت 20 عاما قد انتهت أخيرا. الاقتصاد يخرج عن نطاق السيطرة. وما لم تبدأ الأموال في التدفق قريبا، فإن انهيارا اقتصاديا شاملا سيغرق الأفغان في كارثة إنسانية“.
وأضاف أن اليأس في كل مكان، و”أخبرتني الأمهات اللاتي جلست معهن في خيام مؤقتة أن عائلاتهن ليس لديهن دخل ولا احتياطيات، وأنهن قلقات من أن أطفالهن سيجوعون ويتجمدون حتى الموت هذا الشتاء”.
و”قابلت معلمين وعاملين في مجال الصحة ومهندسي مياه لم يتقاضوا رواتبهم منذ أيار/ مايو. لم يعد بإمكانهم إعالة أسرهم الممتدة أو الحفاظ على الخدمات العامة الحيوية قائمة. من دون وجود بنوك عاملة وسيولة، فإن الأفغان العاديين معزولون عن مدخرات حياتهم، وليس لديهم وسيلة للبقاء على قيد الحياة”.
وقال إنه عندما أطاحت طالبان بالحكومة الأفغانية في آب/ أغسطس، فقدت البلاد فجأة الوصول إلى أكثر من 9 مليارات دولار من احتياطيات البنك المركزي، التي جمدتها إدارة بايدن. وأدى ذلك إلى تداعيات في النظام المصرفي، ما دفع قادة طالبان الجدد إلى اتخاذ تدابير للسيطرة على حركة الأموال، ما أدى إلى إغلاق البنوك وتوقف الاقتصاد.
وحذر قائلا من أنه يجب ألا يؤدي الصراع السياسي مع طالبان إلى معاقبة السكان المدنيين. ويجب على المجتمع الدولي أن يتدخل على وجه السرعة في الاتفاقات متعددة الأطراف لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد وتمويل الخدمات العامة، وهذا يعني إيجاد قنوات دفع آمنة لتدفق المساعدات وحماية العمل الإنساني من العقوبات الدولية وغيرها من تدابير مكافحة تمويل الإرهاب.
وعلق قائلا: “منظمتنا، المجلس النرويجي للاجئين، هي واحدة من العديد من المنظمات التي تحاول تقديم المساعدة في هذه البيئة الجديدة والصعبة. لم نتمكن من نقل أموال المساعدات بشكل آمن إلى البلاد لشراء إمدادات الطوارئ للأسر التي تواجه التشرد والجوع هذا الشتاء. أدت الأزمة المصرفية إلى إغلاق العديد من البنوك الأفغانية، وتعمل بنوك أخرى بقدرة محدودة. لقد تركنا هذا نواجه صعوبات في دفع رواتب موظفينا وموردينا في أفغانستان. وبدلا من ذلك، نضطر إلى شراء الخيام والبطانيات والمواد الغذائية في باكستان المجاورة”.
وقال: “تخيل الآن هذه المعضلة تتضاعف لكل صاحب عمل لديه موظفين في جميع أنحاء أفغانستان”.
بالإضافة إلى حالة الطوارئ المتعلقة بالسيولة، فقد ساهم تجميد تمويل المانحين في شل الخدمات العامة. وتم تمويل حوالي 75% من الإنفاق العام لأفغانستان في السنوات الأخيرة من خلال المساعدات الخارجية. وتم قطع شريان الحياة هذا إلى حد كبير؛ لأن المجتمع الدولي يكافح في كيفية العمل مع حكومة تديرها طالبان، بما في ذلك الوزراء على قوائم العقوبات الدولية.
وحث قائلا من أن هناك حاجة ماسة إلى إنشاء آليات لدفع رواتب مئات الآلاف من موظفي البلديات والدولة مباشرة عن طريق تحويل أموال البنك الدولي المجمدة من خلال وكالات الأمم المتحدة. هذا ما أثرتُه في رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس البنك الدولي تحثهم على اتخاذ إجراء ما، مقترحا إنشاء صناديق تديرها الأمم المتحدة لدفع رواتب موظفي القطاع العام مباشرة. نظرا لوجود الموارد بالفعل داخل البنك الدولي وقنوات الأمم المتحدة الموثوقة متوفرة بالفعل في البلد، يمكن إنشاء هذه الأنواع من التحويلات بسرعة.
وقالت إن المشاكل التي تواجه تونس نابعة من سياسة الإجماع التي خربت العملية الديمقراطية. وعليه فالتحالف بين الإسلاميين وحزب نداء تونس العلماني منع من اتخاذ قرارات شجاعة في قضايا مهمة مثل المحاسبة القضائية وإنشاء محكمة دستورية. ومن الناحية الرسمية فانتخابات 2014 و2019 كانت حرة، وهذا بسبب غض السلطات الطرف عن التمويل غير المشروع للانتخابات. وهذا قاد لاتهام النواب بالرشوة والتهريب.