نحو مجلس للتعاون المشرقي
غالب قنديل
تفتح التطورات أبواب التعاون الواسعة بين دول المشرق ولبنان الذي هب الأشقاء لنجدته من ايران وسورية والعراق هو الأولى بتحريك مبادرة سياسية للحوار بين الحكومات الشقيقة المعنية في أسرع وقت والاتفاق على صيغة بسيطة من غير تعقيدات أو فذلكة لبناء تكتل عابر للحدو يضم كلا من لبنان وسورية والعراق وايران.
أولا على السلطات اللبنانية اتخاذ المبادرة بدعوة الحكومات الشقيقة في سورية والعراق وايران إلى المشاركة في منتدى سياسي اقتصادي مالي تحضر له بإتقان كجدول أعمال ومباشرة تحضير وصياغة مسودات الاتفاقيات الثنائية والمشتركة المطلوب دراستها وتحضيرها من قبل فريق خبراء مفوض من الحكومات المعنية لإقرار توقيعها وإبرامها بهدف تنظيم تسهيل انتقال السلع والشركات والأموال والأشخاص عبر الحدود بينما يفترض أن يناقش المنتدى جميع المواضيع والنقاط المتاحة حول التسهيلات الجمركية والمصرفية والإدارية لتطوير التعاون الاقتصادي والشراكات والتسهيلات بين دول المشرق لتسريع التقارب والتكامل وستكون مهمة هذا المنتدى تحضير أوراق النقاش والحوار حول التبادل التجاري وفرص التصنيع المشترك والتعاون الزراعي والتكنولوجي وتبادل الخبرات واعداد مسودة الاتفاقات الثنائية والجماعية المقترحة لإطلاق وتنمية الشراكات الممكنة في الإنتاج والاستثمار والتسويق الخارجي وسيكون متاحا في هذا المجال تكامل الخبرات والعلاقات بين الدول وحيث للبنان أن يقدم مساهمات مفيدة لجميع الأشقاء الذين نحتاج منهم إلى الكثير من الموارد والقدرات.
ثانيا يتيح تكامل المزايا الثقافية والعلمية والتقنية بين هذه الدول وكذلك تنوع شراكاتها الدولية في الشرق والغرب انبثاق كتلة اقتصادية فاعلة وواعدة في قوتها ومستوى أهلية قواها المنتجة وتطورها وسيكون تناغمها السياسي في اطار محور المقاومة محفزا حاسما لانبثاق منظمة إقليمية للتعاون وللشراكة في التنمية والبناء الاقتصادي وهذا ما ينبغي ان تقوم به الحكومات والوزارات المعنية بناء على توصيات الخبراء وصولا إلى توقيع معاهدة مشتركة تنظم العلاقات الاقتصادية ومؤسسات العمل المشترك بين بلدان المحور وهذا المسار الجديد يتوج التحالف السياسي الذي فرضته شروط الصراع ضد الحلف الاستعماري الصهيوني في المنطقة وكما انتقلت تكنولوجيا تصنيع الصواريخ عبر حدود بلدان المنطقة يمكن نقل خبرات وتكنولوجيا صناعية وزراعية مهمة في البناء الاقتصادي والعمراني وتجنيد جيوش الخبراء والمهندسين لإقامة المدن الصناعية ومحطات التوليد الكهربائي والسدود الصغيرة والكبيرة ومد شبكات الري ومياه الشرب ومحطات تنقية المجاري وتحلية مباه البحر والشراكة في الصيد واستثمار الثروة السمكية والحيوانية وتأصيلها وغيرها.
ثالثا سوف تكتشف شعوب بلدان المشرق حجم قدراتها الكامنة وفعل تكاملها الممكن ومدى تأثيره وانعكاسه التنموي والاستراتيجي على المستقبل عندما تتجسد مزايا هذا التكتل وتفيض نتائجه في المنطقة بحيث سيكون الارتداد صعبا وشبه مستحيل لأن نسيجا إنسانيا متشعبا مجتمعيا في بلداننا سوف يتمتع بحاصل ومردود التعاون والشراكة مما سيجعل صيغ التكامل أكثر حصانة ورسوخا وبالتجربة العملية الواقعية سيكتشف دعاة الوحدة السياسية العابرة للحدود أن التكامل الاقتصادي سيوفر قوة اندماج هيكلية تفرض تعبيرات مؤسسية وقانونية متسارعة عصية على الانقلابات والتبدلات السياسية بل هي ستكون الحاكمة والمقررة في التطور القانوني والمؤسسي وديناميته.
إن الآفاق المستقبلية للتطور السياسي والاقتصادي لبلداننا في المشرق رهن بهذه المبادرة التي لا تحتمل التأخير مع تسارع الصعود الإيراني وكسر طوق الحصار والعقوبات وكما كان محور المقاومة قوة فعل نوعي وتغيير للبيئة الإقليمية عسكريا وسياسيا يمكن بإطلاق منظمة المشرق للتعاون والتنمية تفعيل مسار التنمية وبناء القوة المشرقية الاقتصادية بتكتل بلداننا وتوحيد جهودها في خوض معارك الاستقلال الاقتصادي وتصفية آثار للهيمنة والتخلف والتبعية ووضع بلداننا في مسار التنمية والتقدم والتحرر.