من الصحافة الاسرائيلية
ما زالت الساحة السياسية والحزبية الإسرائيلية تعيش أصداء اللقاء الذي جمع قادة حزب ميرتس اليساري، الشريك في الائتلاف الحكومي، مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، في مقر المقاطعة برام الله، ما أوجد أجواء من التوتر داخل الائتلاف ذاته.
وقد جاءت معظم ردود الفعل الإسرائيلية من معسكر اليمين، سواء داخل الحكومة ذاتها، أو من صفوف المعارضة، واعتبر كلاهما أن مثل هذا الاجتماع إنما يخرج عن الإجماع الإسرائيلي في العلاقة مع الفلسطينيين، وطالبت هذه الأوساط بوقف مثل هذا الاجتماعات التي بدأت مع بيني غانتس وزير الحرب، وانتهت بلقاء قادة ميرتس.
وأوردت صحيفة إسرائيل اليوم في تقرير أن رئيس حزب ميرتس ووزير الصحة نيتسان هوروفيتس رد على العاصفة، بقوله إننا “التقينا بعباس، وكان لقاء طويلا وجيدا للغاية، حتى في مثل هذه الفترة التي لم تكن فيها المفاوضات السياسية، نحن بحاجة للحفاظ على هذا الخيار لأنه ليس لدينا شيء آخر، لأننا إذا فقدنا الأمل، فإن كلا الشعبين سيعانيان، وليس سرا أن هناك خلافات حول هذا الموضوع، لكن دورنا في ميرتس هو منع الإجراءات التي تضر بفرص السلام”.
أما غدعون ساعر زعيم حزب “أمل جديد” وزير القضاء، فقد اعتبر أن “اللقاء غير ضروري، لأنه لا يحمل انعكاسات بعيدة المدى”، فيما قال رئيس حزب “يوجد مستقبل” وزير الخارجية يائير لابيد فزعم أن “كلا منا لديه مسؤولية بالحفاظ على التحالف الحكومي، وليس خلق مواجهات غير ضرورية، ففي الأيام الأخيرة تصرف أعضاء الكنيست والوزراء وكأن كل المشاكل وراءنا، وإصدار عناوين لا داعي لها، والتصرف كما لو أن هذه الحكومة أمر مفروغ منه”.
زعيم المعارضة ورئيس الليكود بنيامين نتنياهو، قال إن “الحكومة الحالية سيئة، وقد كنا في المعارضة، لكننا عدنا بقوة، لذلك سيحدث هذه المرة أيضا، وسنعود من جديد إلى الحكم بسبب إخفاقاتها”.
لا يمكن اعتبار الضجة الإسرائيلية القائمة فقط بسبب اجتماع ميرتس-عباس، لكنها استمرار لإشكاليات يشهدها الائتلاف الحكومي منذ بداياته، ما يعني أن هذه الضجة ليست سوى قمة جبل الجليد في الخلافات الداخلية، في ظل حالة الاستقطابات التي تشهدها الحكومة القائمة.
لم يكن سرا منذ بداية تشكيل الحكومة أنها قامت على أساس هدف واحد فقط يتمثل بالإطاحة بنتنياهو بصورة حصرية، رغم وجود تباينات حزبية بين مكونات الائتلاف الحكومي القائم، ولذلك فمن الواضح أن العاصفة التي أعقبت لقاء غانتس-عباس، وصولا إلى لقاء هوروفيتس-عباس، تعني أننا أمام عواصف قادمة أخرى في الطريق، ما قد يحمل في ثنايا هذه الخلافات مزيدا من التصدعات في الحكومة المشكلة.
في الوقت ذاته لا تحمل اللقاءات الإسرائيلية المتواصلة مع عباس أي تطلعات سياسية باستئناف عملية التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، باستثناء التقاط الصور التذكارية، وتسجيل نقاط داخل الائتلاف الحكومي ذاته، دون وجود برنامج سياسي مخطط له مع الفلسطينيين، إلا فرض مزيد من الوقائع على الأرض من الاستيطان ومصادرة الأراضي واستباحة الضفة الغربية، من أقصاها إلى أقصاها.
رأى المحلل العسكري في صحيفة هآرتس عاموس هرئيل اليوم الثلاثاء، أن التصريحات الإسرائيلية المتكررة حول هجمات ضد أهداف إيرانية والتباهي بها، تستدرج إيران إلى تنفيذ هجمات مضادة ضد أهداف إسرائيلية، ويأتي ذلك على خلفية ادعاءات إسرائيلية أن إيران تحاول اغتيال رجال أعمال إسرائيليين في قبرص.
وكتب هرئيل أن “السلوك الإسرائيلي دفع خططا انتقامية إيرانية. وبالإمكان تبرير جزء كبير من الخطوات الهجومية الإسرائيلية، في محاولة لعرقلة تقدم البرنامج النووي وتقليص المساعدات الإيرانية لأنشطة إرهابية في أنحاء المنطقة”.
وأضاف هرئيل أن “الحاجة إلى التباهي بهذه الأفعال (الإسرائيلية) في أي مناسبة إلى درجة استفزاز متعمد لإيران مفهومة أقل. وبرز هذا الأمر في النشر عن استهداف ناقلات النفط الإيرانية وكذلك بتسريبات متكررة حول تفاصيل عملياتية ضد البرنامج النووي”.
ورأى هرئيل أن “طوفان التقارير هذا يكاد يرغم إيران على الرد ومشكلة إسرائيل هي عدم وجود أي طريقة لنشر مظلة حماية على جميع الأهداف الإسرائيلية، ولو جزئيا في خارج البلاد، من السفن وحتى رجال الأعمال”.
وأشار هرئيل إلى أنه “رغم أن هذه الثرثرة الإسرائيلية بدأت في عهد بنيامين نتنياهو، لكن خلفه رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، لا يتورع عن ذلك أيضا. وليس واضحا ما الذي كان ملحا أمس كي يبشر الجمهور بأن ضباط الموساد عملوا في دولة أجنبية من أجل الحصول على معلومات حول مصير مساعد الطيار المفقود رون أراد”.
وأضاف أنه “إذا لم تكن هناك نتائج واضحة لهذه الخطوة، ماذا يربح بينيت من النشر عن تحرك حساس، باستثناء القليل من العلاقات العامة، التي تعود إليه كسهم مرتد بسبب انتقادات من جانب المعارضة؟”.