تهويل «14 آذار» ومعركة القلمون! غاصب المختار
اثارت محاولات «فريق 14 اذار» لا سيما أقطاب ونواب من «تيار المستقبل» منع اندلاع «معركة القلمون» استغراب قوى «8 آذار»، خصوصاً أن هذه المعركة بنظــرهم هي للدفــاع عن القرى اللبنانية المواجهة لمواقع الإرهابيــين في الجرود وحماية اهلها من احتمالات تعرضهم لهجمات مباغتة كالتي حصلت في عرسال ومحيطها قبل اشهر مضت، وإبعاد مخاطر القصف الصاروخي الذي ما زالت القرى تتعرض له من مواقع الإرهابيين حتى يوم امس.
وبعيداً عن الحسابات الكبرى للمقاومة في موقفها من الحرب القائمة على سوريا والتي بدأت تتخذ اشكال تدخل عسكري مباشر من تركيا وربما غيرها لاحقاً، فإن معركة القلمون التي مهدت لها المقاومة إعلامياً، وكذلك للمعركة التي جرت خلال الايام الماضية وسيطرت فيها المقاومة على العديد من المواقع الحساسة والإستراتيجية، أبعادها اللبنانية ايضاً، وتتمثل في إسقاط ورقة ضغط وابتزاز خارجية على المقاومة لمساومتها على امور اخرى، منها وقف تدخل «حزب الله» العســكري في الداخل السوري، وربما المساومة على ملفات تتعلق بالوضع الداخلي اللبناني وتشعباته.
والمستغرب أكثر، بحسب اوساط «فريق 8 آذار»، ان هجمة الفريق الآخر على رغبة الحزب بـ «تنظيف» المنطقة من المسلحين، ترافقت مع تهويل «بتوسع الفتنة السنية ـ الشيعية» كما بشّر النائب عقاب صقر في ظهوره الإعلامي الأخير بعد غياب طويل، ما يوحي بأن ثمة امراً ما يُدبَّر لتصعيد التوتير السياسي الداخلي لتحقيق مزيد من الضغط على «حزب الله» وحلفائه، لا سيما بعد موقفه العلني الرافض للحرب القائمة على اليمن وتبريراتها، وتطور هذا الموقف الى تصعيد ضد السعودية، وهو ما أثار أكثر حفيظة واستياء «تيار المستقبل» من موقف الحزب.
وتوقفت الأوساط أيضا عند التسريبات الإعلامية التي تتحدث عن خسائر بشرية كبيرة للمقاومة في المعارك التي جرت مؤخراً، «والتي بدت وكأنها حملة إعلامية منسقة بين كل الأطراف للتأثير معنوياً على مقاتلي المقاومة وجمهورها»، ما اضطر المقاومة إلى إصدار بيان رسمي أكدت فيه سقوط ثلاثة شهداء فقط.
في المحصلة لم يردّ «حزب الله» على حملات الفريق الآخر، التي قد يرى فيها دفاعاً عن موقع المسلحين ودورهم، بل اعتمد تكتيكاً مغايراً لما سبق وتم تسريبه إو الإيحاء به عما ستكون عليه طبيعة معركة القلمون، بحيث لجأ الى ما يشبه العمليات النوعية الكبرى في الشريط الحدودي المحتل جنوب لبنان في الثمانينيات والتسعينيات، ما مكنه من تحقيق انتصارات كبيرة على العدو الاسرائيلي عبر استنزافه بمثل هذه العمليات واضطره الى الانسحاب من الجنوب نهائياً وبلا قيد او شرط.
ويبدو أن معركة القلمون التي بدأت باستيعاب الهجوم الاستباقي الذي قام به المسلحون، وشن الهجمات على مواقعهم في تلال عسال الورد وصولا الى تلال البقاع الشرقي وجرودها (يونين وبريتال ومحيطهما)، ستأخذ هذا المنحى من العمليات النوعية لتخفيف خسائر المقاومة من جهة، ولترك تأثيرات عسكرية ميدانية ومعنوية نوعية على المسلحين من جهة اخرى، وذلك لحين اتخاذ قرار آخر بطبيعة أخرى للمعركة إذا اقتضت الحاجة، خاصة أن بعض المعلومات تفيد عن تراجع حجم التحشيد العسكري للمقاومة في المنطقة والاكتفاء بالقوات التي وصلت خلال الأسابيع الأخيرة، وأن أهالي القرى المسيحية الحدودية (وبعضهم محازبون حاليون او سابقون لأحزاب في فريق 14 اذار) انخرطوا أيضاً في الاستنفار العسكري الحاصل في المنطقة لحماية قراهم الى جانب الجيش والمقاومة، عدا استنفار القرى الأخرى غير المسيحية.
كما بدا من سير العمليات ومن الخطاب السياسي للمقاومة، فإنها ماضية في معركة القلمون بالوتيرة التي تراها مناسبة، وأنها سترد على التصعيد السياسي بموقف سياسي يؤكد صحة وجهة نظرها بخوض هذه المعركة.
(السفير)