يحني الرقبة للصفعة: يوئيل ماركوس
أين كان رجل الحملات بيبي نتنياهو، ذاك الذي في عدة ساعات نجح في تحقيق 30 مقعدا، ولكن في 35 يوما كانت تحت تصرفه تسلق الحيطان كي يشكل حكومة في الموعد المقرر؟ إلى اين اختفت كفاءته في المناورات؟ اذا كان هكذا يدير دكانه الصغير، فكيف يمكن الاعتماد عليه حين يدير المفاوضات مع عظماء العالم؟ كيف يمكن للمنتصر في نظرياته ان يقع بمثل هذا الشكل؟ كيف وصل إلى وضع لا يمكنه فيه أن يحتمل حتى رفاقه في الليكود، وهم لا يمكنهم ان يحتملوه؟
لقد كانت لبيبي لجنة تدير عنه المفاوضات لتشكيل الحكومة، برئاسة المحامي دافيد شومرون، ولكن هذا لم يجدي نفعا. والان، وحتى بعد أن أبلغ رئيس الدولة بانه أنهى المهامة، يمكن أن يقال له ما قاله ايهود باراك في حينه عن اوسلو ـ ان الاتفاق مليء بالثقوب كالجبنة السويسرية. لقد وزع نتنياهو الحقائب بشكل غير متوازن، مثلا حسب قاعدة حقيبة لكل 3 ـ 4 نواب. وعلى طريقة المزاح يمكن القول، ان الاحزاب الصغيرة حصلت على حقائب اكثر من عدد نوابها.
كيف وصل بيبي إلى النقطة التي بعد ان يكون وكأنه أدار ليبرمان باصبعه الصغيرة، حصل في واقع الامر النقيض؟ لماذا رفض بيبي اعطاء اورلي ليفي أبكسيس رئاسة لجنة العمل في الكنيست؟ لو كان بيبي كلف أباها ـ وهو دافيد ليفي اياه، المرشح لـ 48 ساعة لرئاسة الدولة ـ بالمهامة، لكان أنهاها في غضون 24 ساعة.
فهل يعلم أحد ما إلى أين اختفى بيبي في الاسابيع التي منحت له لتشكيل حكومة برئاسته؟ وهل يحتمل أن يكون تغيبه عن المفاوضات نبع من تركيزه على المسألة الحرجة كيف سيجعل كحلون يسقط مثل سلفه يئير لبيد في حقيبة المالية؟ الحقيقة هي أن الاجوبة ليست هامة بهذا القدر. المهم هو ان بيبي اقام حكومة سيئة جدا، حكومة انسحاب تسير إلى الوراء في كل المناطق باستثناء الانسحاب من المناطق. وبغياب كل جديد لديه، يريد بيبي أن ينكل بالإعلام ويمس بصلاحيات المحكمة العليا، زائد التشريع ضد عرب اسرائيل.
ان عدم انضمام ليبرمان إلى حكومة بيبي هو الامر الافضل الذي حصل للدولة. فماذا كان دافع ليبرمان. فهو ببساطة لا يطيق بيبي. الحقيقة هي أنه يمكن تفهمه. فليبرمان يسمي بيبي متذبذبا، يتهمه بالتنازلات للعرب ويصفه كزعيم قابل للضغط. معظم هذا صحيح.
هذا ليس فقط بيبي. فبينيت ايضا في وضع صعب امام جمهوره. هناك ايضا المعارك لا تنتهي. كل واحد يمارس الرعب على خطة غيره. هذه ليست حكومة بل محطة اطفائية الحرائق.
حسنا، إذن على أي حال، حكومة سلام ليست هذه. ولكن ايضا في مجالات اخرى تأثير بيبي سيقترب من الصفر. ومثله كمثل رئيس وزراء قرروا له اين يضع رأسه. وبالتالي ففي الليالي يحلم ببوجي. وبوجي هو في هذه اللحظة الملاك المخلص. اذا ما عرض بيبي على بوجي عرضا يصعب رفضه، فان الاخير على ما يبدو لن يرده خائبا. من يظن أن تسيبي لفني ستستخدم الفيتو مخطيء. في السياسة لا يوجد حرد بل مصالح سياسية. المشكلة هي أن هذا يضع بيبي في وضع حرج. وعندما يكون هناك 61 نائبا بدلا من 67 نائبا، فالحديث يدور عن المسدس الذي يظهر في المعركة اولا.
كحلون قال انه لن يجلس في حكومة 61 نائبا. إذن قال. بينيت هو الاخر، الذي هدد بانه لن يكون في حكومة اذا لم تنتخب شكيد كوزيرة للعدل، كان سيجلس في الحكومة. بكل ظرف. فليس له حقا أي بديل آخر. كله حكي. حظه انه صحيح ما يقال عن بيبي: فهو قابل للضغط. اكثر من هم قابلون للضغط. فما أن يمسك به في وضع سياسي حرج حتى يدفع الثمن كاملا. وكيف يسمى هذا بالعبرية الدارجة: يحني الرقبة للصفعة.
هآرتس