سيدي رئيس الوزراء… أنت كذاب:أوري مسغاف
بنيامين نتنياهو ليس رئيس وزرائي. الحكومة التي سيعرضها لتؤدي اليمين القانونية في الاسبوع القادم امام الرئيس والكنيست ليست حكومة. هذا ليس لاني لا اتفق معه، بل لاني لا اعترف به. لا بصلاحياته ولا بمكانته. وانا اقول هذا برأس نقي وبالفم المليء، لاول مرة في حياتي الراشدة. انا ابقى مواطن الدولة، وأعتزم اطاعة القوانين ودفع الضرائب. اما مع نتنياهو فلم يعد لي ما أفعله.
هذا ليس بسبب اغلبيته الائتلافية الطفيفة بفارق اصبع، في ختام عملية ابتزاز نشطة. ولا حتى بسبب اني لا اتفق مع مواقفه، اذا كانت له كهذه على الاطلاق. وليس بسبب أني لا اشخص فيه أي ذرة زعامة، مسؤولية او رؤيا. وليس بسبب انه في الحملة الانتخابية لم يكف عن نزع الشرعية عن معسكر سياسي كامل. ولا حتى بسبب اني اعتقد انه يدهور اسرائيل في الهوة. وبالتأكيد ليس بسبب أني لم اصوت له. فكل هذه الاسباب مشمولة في مساحة الحكم العقلي الديمقراطي، ولا تخرج عن قواعد اللعب. كما أنها ليست بجديدة في عصر نتنياهو.
السبب في اني لم اعد اعترف بنتنياهو كرئيس وزراء يكمن في يوم الانتخابات نفسه. لقد حطم نتنياهو فيه القواعد؛ ودفاعا عن نفسي، إذن، ينبغي الاشارة إلى أنه كان الاول. ففي موعد ما في 17 اذار التقطت له الصور لفيلم دعائي قصير، نشر بمئات لاف الرسائل على الواتس أب للمقترعين المحتملين. والفيلم موجود في اليو تيوب ويمكنكم ان تشاهدوه هناك. انا شاهدته مرة اخرى هذا الاسبوع، وذهلت من جديد. في لقطة قريبة، مضغوطا وتعب العينين، فيما خريطة الشرق الاوسط من خلفه والعلم الوطني إلى يمينه، يقول نتنياهو هناك: «ان حكم اليمين في خطر. المقترعون العرب يتحركون بكميات هائلة إلى صناديق الاقتراع. جمعيات اليسار تجلبهم بالباصات».
كثيرا ما قيل حتى الان عن ان نتنياهو عرض المواطنين العرب كعدو خطير. فقد انتهك ايضا قوانين الدعاية في يوم الانتخابات. ولكن يوجد في هذا الفيلم شيء اكثر خطورة بكثير. ولا توجد عليه مغفرة، ولا يمكن لاي اعتذار هزيل ان يجدي هنا نفعا. فبنيامين نتنياهو كذب. لقد بات هذا معروفا وواضحا اليوم. لم تكن باصات. لم يكن حتى ولا باص واحد. «جمعيات اليسار» لم تسفر بشكل منظم مقترعين عرب إلى صناديق الاقتراع. لقد جمع رئيس الوزراء طاقم تصوير ومصفف شعر ومزينة، وبحضورهم نظر مباشرة إلى شعب اسرائيل وكذب عن وعي. ليس كذبة بيضاء ولا تدويرا لزوايا، لا جزءا من الحقيقة ولا بعضها: كذب فظ وباصداء. معقول الافتراض ان يكون نتنياهو كررها عدة مرات، إلى أن اخذت اللقطة الصحيحة وهتف المخرج: «ها نحن حصلنا على ما نريد».
كي يكذب المرء بوقاحة مصممة امام الكاميرا، وبمن خلالها لعموم مواطني الدولة، مطلوب مبنى معينة جدا للشخصية. هذا لا يهمني. فلست المحلل النفسي لنتنياهو. ويمكن أن نفهم أن هذه ليست الكذبة الاخيرة في حياة نتنياهو السياسية. وعمليا هذه ليست حتى الكذبة الاخيرة في الفيلم. فمع اقتراب نهايته يقول نتنياهو: «بمعونة الرب سنقيم حكومة وطنية»، مع انه في تك الايام تماما، تبين ان نتنياهو لا يؤمن بالرب؛ رفيقه روني مانا روى حتى كيف أنه شرح له بان الباري ليس موجود بل ومثل على اقواله بقلم رصاص.
الموضوع البسيط هو كالتالي: اذا كان على رأس دولة اسرائيل يقف مخادع، في لحظة الحقيقة مستعد لان يكذب دون خجل من اجل مصالحه الشخصية ومصالح مرسليه، لا يمكنني أن اعترف به. اذا كان باع الحقيقة، فانه سيبيعنا نحن ايضا.
هآرتس