لبنان وفرصة الشراكة النفطية المشرقية
غالب قنديل
أطلت فكرة الشراكة السورية اللبنانية مرة جديدة من ملفات الطاقة والتعاون الإقليمي في نقل الغاز واستجراره عبر مصر والأردن وسورية فلبنان، ونالت الفكرة مساندة الدول الشقيقة المعنية، مما يشي بفرصة تبلور شراكة مشرقية عربية طموحة في مجال نقل الطاقة واستثمارها.
أولا، بعد الانهيار الاقتصادي والمالي يحتاج لبنان الى ابتكار شراكات، توفر له الموارد وإمدادات الطاقة، وتوفر على اقتصاده المأزوم والمنهار أكلافا باهظة بالعملة الصعبة، تخصص لتمويل استهلاك المشتقات النفطية. هذا مع العلم أن لبنان بحكم موقعه الجغرافي البري والبحري قادر على توظيف مزاياه كممر لنقل الطاقة المشرقية، عبر الاشتراك في خط أنابيب إقليمي لنقل الغاز والنفط، الذي يمكن استجراره من مصر والعراق وسورية إلى لبنان والأردن، وحيث يستطيع لبنان لعب دور مميز في منصات التسويق والتمويل، استنادا الى المرافق والمنافذ والخبرات اللبنانية تقنيا ومصرفيا. وهذه الشراكة مع الأشقاء ستكون بادرة تحول واعد بفرصة انتعاش اقتصادي ومالي، بالنظر إلى ما يمكن إنشاؤه وإحياؤه من مرافق التكرير والتصنيع وإعادة التصدير، وهي فرصة ثمينة في زمن حرج.
ثانيا: جميع الدراسات والتقارير الاستكشافية اعتلمت مخزونات هائلة من الغاز القابل للاستخراج في مياهنا الإقليمية، وهي ذخيرة مستقبلية وبارقة أمل، من غير المشروع ولا من المفهوم تأخير أو عرقلة الوصول إليها عاجلا. فثمة وقت ضروري يحتسب للتحضيرات القانونية واللوجستية والتقنية، لم ينجز منها شيء أساسي حتى اليوم سوى الثرثرة والضجيج، بينما السباق داهم حرج مع الزمن، وشروط المنافسة التي تزداد سخونة ودقة، في ظل محاولات صهيونية، يعرف بها مسؤولون لبنانيون، للسطو على بلوكات الغاز والنفط في المياه الإقليمية المتداخلة مع فلسطين المحتلة، والعدو سبقنا بأشواط، وثمة مخاوف مشروعة أكدها الخبراء والمهندسون من احتمالات السطو على هذه الثروة اللبنانية السيادية، التي تنشغل عنها قوانا السياسية في مماحكات استنزافية بلا طائل، فتزيد وطأة هدر الزمن ألما وخسائر معنوية ومادية باهظة.
ثالثا: إن ظروف الانهيار المالي والاقتصادي أدعى لتحفيز الحكومة المقبلة، وحثّها على خطوات عاجلة واستثنائية في تحضير مستلزمات وثبة تاريخية في واقع البلد، تشي بفرص انتعاش وازدهار ونمو اقتصادي وازدهار محتمل، إذا أحسنت السلطات المعنية التقاط الفرص، ووضع الخطط الوطنية المتناسبة، وتعبئة الطاقات الحكومية والاقتصادية والمالية المتاحة لإطلاق عهد جديد من النمو بعد الكارثة. وهذا ليس مستحيلا لكنه يتطلّب النأي عن الثرثرة والمماحكة وإطلاق الورشة القانونية والتنفيذية فورا، حتى لا تضيع الفرصة وتُبدّد في متاهة اللغو والسفسطة.
إنها الصدفة السعيدة، تضعنا على مسافة بسيطة زمنيا من عهد انفراج ونمو وازدهار. وهذا ما لا يتّسق مع البرودة الظاهرة في الحركة الرسمية، وطريقة التعامل الروتيني، والنفس الانتظاري السلبي، وعبثية هدر الزمن.