الأميركي الوقح والتطاول على حزب الله من بيروت
غالب قنديل
التصريحات التي نُقلت في الصحف ووسائل الإعلام عن وفد الكونغرس الأميركي وصفت حزب الله بأنه سرطان لبنان. وقد ورد الموقف العدائي والاستفزازي تحت ستار كثيف من الخطب المعسولة والنفاق المنظّم عن المساعدة، التي يسيل لها لعاب كثير من المسؤولين والزعامات والقادة، الذين يتناسون عمدا وعهرا وتسوّلا ما سبّبه الدعم الأميركي للعدو الصهيوني وعملائه من خسائر وكوارث، لحقت بلبنان واقتصاده، ورتّبت كلفة باهظة بشريا واقتصاديا على مدى أربعين عاما، تُوّجت بالخنق الاقتصادي القاتل.
أولا: نتساءل عن الكرامة الوطنية، التي تمثل صيانتها والدفاع عنها أولى موجبات أي مسؤول سيادي أو سياسي في دولة طبيعية، أيّا كان موقعه أو موقفه الشخصي. وماذا لو قال أيّ سياسي أو إعلامي لبناني عن الادارة الأميركية أنها ظهير الإرهاب الصهيوني وداعمه الأول، أفلا يتعرض إعلاميون وسياسيون ووسائل إعلام لبنانية حرّة للعقوبات والمطاردة، بسبب مثل تلك المواقف، ونقيضا للقوانين والأعراف السيادية، التي يتكرّر الدجل الغربي عن احترامها، والدعوة إلى ترسيخها بصورة مقرفة، وهل يغفل اللبنانيون عن هذا الفجور القذر والتحدّي السافر، وهل الصمت يمكن أن يمرّ اخلاقيا ووطنيا ؟!. طبعا الذريعة الجاهزة هي أننا لا نريد إغضاب واشنطن بسبب كلام، بينما نحتاج إلى استمرار مساعداتها العينية والنقدية للجيش اللبناني، وهذا بذاته عذر أقبح من ذنب.
ثانيا: هل اختبرنا البدائل الممكنة للمساعدة في تمويل جيشنا وتجهيزه، وهل بات الممر الأميركي السبيل الممكن الوحيد؟ وهل سمعتم عن قيام الدولة الرشيدة، التي تتنافخ شرفا وكرامة بأي اتصال أو اجتماع مع دول صديقة لطلب المساعدة، ولإيجاد البدائل، والجميع يعرف أن لنا أصدقاء شرقيون يرحبون في روسيا والصين وايران، وما زال جيشنا يستخدم إلى اليوم بعضا من عتاد سوري تسلّمه خلال السنوات، التي أعقبت اتفاق الطائف وانهاء الحرب الأهلية؟. من الواضح أن عملا منظّما يدار لوضع الجيش الوطني في أسر الهيمنة الأميركية والتأثير الأميركي واختراق السيادة الوطنية، لصالح الكيان الصهيوني من هذه الفجوة الأميركية الخطيرة، التي يديرها مستشارون ومدرِّبون بذريعة المساعدة. وما خفي أعظم بالتعاون مع أخطبوط التجسّس، الذي تقوده السفارة الأميركية من عوكر والعملاء المنتشرون في تلابيب النخاع الشوكي اللبناني سياسيا وإعلاميا وحزبيا وأمنيا.
ثالثا: المساعدات هي من ابتكارات الإمبريالية الأميركية بعد الحرب الكونية الثانية، وهي أداة هيمنة وتدخّل واختراق أمني وسياسي في العالم الثالث، ابتكرتها الإمبراطورية، لتغرس أظافرها في جميع الدول التابعة أو الخاضعة للتأثير، المستتبعة بابتزاز الفقر والفاقة الناتجين عن التطور غير المتكافئ، في ظل التغوّل الاستعماري الغربي، وإحكام السيطرة اللصوصية على الموارد والأسواق في العالم الثالث. وقد أنتج الغرب الاستعماري منصات مالية وإعلامية لترسيخ الهيمنة لمواكبة السيادة المالية والعسكرية والسياسية الغربية، والأخطبوط الاستخباراتي، الذي يعمل في خدمتها. ومن يتجاوز خبرات العالم الثالث في أكثر من نصف قرن، ولا يستخرج العِبر والدروس، هو غبي ساذج أو عميل مشبوه، يمارس التضليل المقصود في خدمة أسياده ومشغليه. ولذلك نقول إن استغباء اللبنانيين واستهبالهم بدسّ السمّ في الدسم، هو إهانة لعقل وكرامة كل مواطن عاقل شريف. والساسة المنخلعون المشاركون في الجوقة المكرّسة لنشر هذه المفاهيم، يجب فضحهم، وعزلهم، كشرط لأيّ نهضة وطنية سيادية لبنانية.