إسرائيل: نصر الله يملك قرار الرد على الغارات حلمي موسى
ألهبت الأحداث الأخيرة على الجبهة السورية تقديرات المعلقين العسكريين في إسرائيل بشأن احتمالات التصعيد على الجبهة اللبنانية أيضاً. ولاحظ معلقون أن الكلمة الأخيرة في هذا التصعيد ستكون للأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله، الذي كان قد أعلن قواعد اشتباك جديدة قبل شهور.
ورغم أن بعض وسائل الإعلام العربية تحدثت عن غارة إسرائيلية جديدة، بعد قتل ثلاثة شبان ثبت أنهم أصلاً من أهالي مجدل شمس قيل أنهم كانوا يزرعون عبوة ناسفة قرب الحدود، إلا أن مصادر إسرائيلية سارعت لإبداء تقدير معاكس. وفي كل حال تجنبت أوساط إسرائيلية التقدير بأن محاولة زرع العبوة كانت رداً مباشراً على الغارات الإسرائيلية ليلة الجمعة الماضية.
وشككت هذه الأوساط في أن يكون الشبان الدروز، الذين حاولوا زرع العبوة، ينتمون إلى «حزب الله». ومع ذلك لا تحسم الأوساط الإسرائيلية في هذا الشأن، وتقول إنه إذا ثبت أن «حزب الله» كان وراء المحاولة، فإن هذا يثبت إصرار الحزب، ولو من خلال خلية سورية، على ترسيخ ميزان جديد للردع.
وفي هذا الشأن، كتب المعلق العسكري لصحيفة «هآرتس» عاموس هارئيل أن وتيرة الأحداث في الجبهة الشمالية سريعة جداً هذه الأيام. وبعد أن عدد ما يشاع عن ضربات إسرائيلية قال إنه «على مدى السنين الأخيرة كانت الحكمة الشائعة في المؤسسة الأمنية ترى أن ثلاث أو أربع ضربات متبادلة هي أمر أكثر مما ينبغي. وحسب هذه القاعدة، فإن جولة طويلة جداً من الغارات، وعمليات الرد، قد تقود الطرفين إلى مواجهة شاملة».
وأشار إلى انتهاج إسرائيل على مدى السنوات الأربع الماضية سياسة مزدوجة تجاه سوريا، تقوم على وضع خطوط حمراء لا تسمح باجتيازها، والحفاظ على «هامش غموض» بشأن غاراتها، على أمل ألا تدفع لحرب أوسع. وطوال هذه الفترة كانت الاستخبارات الإسرائيلية تعلن أنها لا ترى مصلحة، لأي من الطرفين، في التصعيد الشامل، ولكن مثل هذه الأقوال كانت تقال أيضاً عن الوضع مع «حماس» في غزة، وهي لم تمنع وقوع حرب استمرت 51 يوماً.
ويشدد هارئيل على أن الكلمة الأخيرة في هذا الشأن ستكون بيد السيد نصر الله. ويكتب أنه «إذا خرج الأمين العام لحزب الله باتهام علني لإسرائيل، فهذا قد يشكل إشارة لنيته شن عمل انتقامي. وفي أسرة الاستخبارات الإسرائيلية اعتادوا مع السنين على أخذ خطابات نصر الله بجدية». واضاف ان «كل العمليات المركزية لحزب الله في السنوات الأخيرة، والهادفة إلى محاولة ترسيخ ميزان ردع، يمنع إسرائيل من مهاجمة الأراضي السورية واللبنانية من دون قيود، سبقتها تصريحات بالغة الصراحة من جانب نصر الله».
أما المعلق العسكري لصحيفة «إسرائيل اليوم» يؤآف ليمور فأشار إلى مخاوف سرت في الجيش الإسرائيلي من احتمال أن يكون «حزب الله» هو من يقف خلف محاولة زرع العبوة شرقي مجدل شمس.
وكتب إن «حزب الله» كان يحتاج في الماضي إلى بضعة أيام للرد، لكنه صار حالياً يجهز لنفسه «عمليات جاهزة» بانتظار صدور الأمر، وهي التي تم أمس الأول تنفيذ واحدة منها. ومع ذلك أشار إلى أنه ليس واضحاً إن كان إحباط عملية زرع العبوة سينهي الجولة الراهنة من الأحداث أم لا. ولكن في كل الأحوال يرى ليمور أن لدى «حزب الله» رغبة في الثأر، ولكن بشكل لا يقود إلى إشعال المنطقة. ويحذر من أنه حتى إذا لم تكن لدى الطرفين مصلحة في أن تخرج الأمور عن دائرة السيطرة، فقد يحدث الانفجار.
أما المعلق العسكري للقناة العاشرة ألون بن دافيد فكتب في «معاريف» إن من الجائز أن الرد على الغارات الإسرائيلية في سوريا يرتبط بالآثار الإعلامية لهذه الغارات، موضحاً أن وسائل الإعلام لم تعرض صوراً لنتائج الغارات، ولهذا فإنه حتى إذا قرر «حزب الله» الرد، فإن هذا لن يكون فوراً.
ويعتبر أن الهدف المفضل للحزب في الرد هو مزارع شبعا، حيث يشعر أن لديه شرعية للعمل هناك، أو في شمال هضبة الجولان حيث لا تزال السيطرة فيه للجيش السوري. ولهذا فإن بن دافيد يطالب الجيش الإسرائيلي بتوخي الحذر الشديد في تحركاته في هاتين المنطقتين، وتقليص الحركة قدر الإمكان.
ويشدد بن دافيد على أن المشكلة الأساس التي تواجه إسرائيل هي «تآكل الردع أمام حزب الله في العام الأخير بعد عملية الرصاص المسكوب في غزة. فالحزب الذي امتنع طوال ثماني سنوات عن المبادرة بعمليات على الحدود، لم يعد يخشى الاحتكاك بإسرائيل»، ومع ذلك يرى أن «حزب الله» غير معني بالصدام مع إسرائيل، لأنه ليس في الوضع الأمثل، «لكنه مرة أخرى يتجرأ على السير حتى النهاية، ويزيد احتمالات وصول الطرفين إلى مواجهة لا يريدها الطرفان».
عموما يعتبر المعلق العسكري للقناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي روني دانييل أن الواقع على الجبهة الشمالية هش جداً، لدرجة يصعب معه استمرار تعامل الأطراف مع الغارات على مخازن الصواريخ والذخائر وكأنها لم تكن، ومع مرور الوقت، وتكرار العمليات، لا يمكن لسوريا و «حزب الله» وإيران مواصلة سياسة الإنكار وردود الفعل المعتدلة لزمن طويل، خصوصا عندما لا يمكن لإسرائيل من جانبها أن تمتنع عن جهودها لإحباط وصول الأسلحة، كما أعلن عن ذلك وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون.
وكان يعلون قال، أمس الأول في خطاب ألقاه في حفل استقبال أجراه لقيادة الجيش العليا لمناسبة «إعلان الدولة»، قبل وقت قصير من الحادثة في الجولان إن «إيران تواصل محاولة تسليح حزب الله، حتى في هذه الأيام، وهي تتطلع إلى تزويد المنظمة الإرهابية اللبنانية بسلاح متطور ودقيق. ويتطلع رجال الحرس الثوري وحزب الله إلى عمل ذلك بكل سبيل، ومن خلال كل مسار. وهم على علم بالخطوط الحمراء التي وضعتها إسرائيل، والتي ليس لها أي نية للمساومة عليها: لن نسمح بنقل السلاح النوعي إلى منظمات الإرهاب، وعلى رأسها حزب الله، وسنعرف كيف نصل إليها والى مرسليها في كل زمان وكل مكان. لن نسمح لإيران ولحزب الله بإقامة بنى تحتية إرهابية على حدودنا مع سوريا، وسنعرف كيف نضع أيدينا على كل من يهدد مواطني إسرائيل على طول الحدود، بل وبعيدا عنها».
وأضاف يعلون، من دون الدخول في تفاصيل عما يقصده، انه «فقط في منتهى يوم الاستقلال علمنا بان الواقع الأمني يستوجب منا العمل بمسؤولية وتفكر، وألا تغرينا الحلول السهلة والسطحية، للعمل حسب قاعدة الحكم على الفعل من نتيجته، والرد بشكل حاد، واضح ومصمم، ولكن من دون الارتجال أيضاً، لإدارة سياسة واعية وفهيمة».
(السفير)