مقالات مختارة
رشق الحجارة لايعيق المسيرة بقلم د. طلال حاطوم
ليس هيناً على المنتمي الى تنظيم او حزب ان يكتب مقالاً صحفياً، ليس لعلة عدم المقدرة على الكتابة، او ضعف امتلاك المهارات النصيّة، ولكن بسبب أمرين: الاول الالتزام التنظيمي، والثاني الاشتباه بأن يخرج في ما يكتب على الموضوعية في ما يتعلق بالانتماء السياسي.
ولكن يضطر المرء احياناً، غير باغٍ، ان يحبر بضعة اسطر حين يكتب بعض اشباه الصحافيين مواضيع ليس فيها من الدقة او الصحة او حتى المعلومات اي كلمة او حرف ناهيك عن القيمة والموضوعية.
فيطالعنا بعض مدعي الصحافة بين الحين والاخر بـ “مقالات” تظن ان كاتبها كان في اجتماع الرئيسين الروسي والاميركي في القاعة المقفلة (وهما لم ينتبها الى وجود هذا الصحافي “الاستقصائي”، او ذلك المتنكر عل شكل “برداية” معلقة على الحائط )، او انه شارك بفعالية وفرض رأيه على قيادة المقاومة، بل يتطور الامر عند البعض انه تحول الى (سوسلوف) التنظير وفلسفة الامور في بدايات الحزب الشيوعي واصبح له مريدون ومزار يقصده التابعون.
الداعي لهذا الكلام ان بعض الغرف الاعلامية السوداء المعروفة المكان ومن تضم، تختار شخصية سياسية او عاملة في الحقل العام، وتبدأ بالتصويب عليها بمواضيع مدفوعة الاجر للـ “الكتبة الكسبة” على ما عرفهم ابن خلدون في مقدمته الشهيرة، ويتكلون على نظرية “غوبلز”: اكذب ثم اكذب ثم اكذب. فترى البعض من هؤلاء (وهو من مواليد 1990) يُحدّث عن قضية وطنية كبرى هي قضية الامام المغيب السيد موسى الصدر، وكأنه احرص من عائلة الامام الصدر وحركة امل على القضية التي أُثبِتت وقائعها وجريمة القذافي فيها بالتحقيقات القضائية اللبنانية والايطالية بشواهد وادلة لا تحتمل الشك. وهم انما يفعلون ذلك للتصويب على الرئيس نبيه بري وحركة امل ومحاولة زرع البلبلة فترة محاولة قراءة ما كتبوا ليس أكثر.
ثم يتفجر (نبع الذكاء والالهام) عندهم ـ على ضحالته ـ فتتفتق عقيرتهم وادمغتهم المربعة (يُنسب الى جبران خليل جبران: كيف يستطيع مربع الرأس ان يفكر افكاراً مستديرة) عما يضمرون ويحلمون ويتمنون حول موقع رئاسة المجلس النيابي، وهم ينسون ويتناسون او يجهلون، ان الرئيس نبيه بري ليس شخصاً فرداً، بل هو رمز وقامة وطنية اكبر بكثير من ان يطالوها بنقد او تجريح، وهو قائد لحركة جماهيرية تشكل جزءاً وازناً في تركيبة المجتمع اللبناني ومكوناته، هي حركة أمل، وانه رئيس لكتلة نيابية تضم من كل اطياف الوطن، وان اقله فمستويات حركة امل القيادية فقط تضم اكثر من اعداد المنتمين الى احزاب وتنظيمات تدعي التمثيل الشعبي، وتطالب بحصرية تمثيلها له.
والناس تعرف اياديه البيضاء اوقات المحن والسلم، وتشهد المدارس التي عمت القرى والدساكر التي كانت ممنوعة من التعلم (على فكرة، مجمل الاراضي التي شيدت عليها هذه المدارس كانت تقدمة من اهل القرى ولم تدفع الدولة تكاليف الاستملاك)، وخرانات المياه التي روت عطش الناس، ومحوّلات الكهرباء والطرقات والمستشفيات والمستوصفات، والجمعيات الكشفية والشبابية والدفاع المدني التي كانت تعمل بين الطلقة والطلقة في مناطق المواجهة (التي اشك ان يكون هؤلاء المحبرون بسواد قلوبهم ما يسمى (مقالات) قد زاروها او يعرفون موقعها على الخريطة اللبنانية) كلها شواهد على عمق وصدق متبادل بين الناس الاوفياء وبينه.
ويصوبون على الخط الذي حمى لبنان وقدم الشهداء دفاعاً عنه في مواجهة العدو الاسرائيلي حين كان بعضهم لا يزال في (الملفة).
كفى! رحمة بأنفسكم أولاً، ولتعلموا ان اسهل المواقف هي تلك التي يتنصل فيها المسؤول من دوره وموقعه ويترك البلد للضياع، ومن الهيّن ان لا تقدم مبادرة ولا ان تجمع الاطراف السياسية حول المشتركات ـ على ندرتها ـ وان تستمر الفرجة على انهيار الوطن، ولكن من الصعب الاصرار ان تكون الى جانب قيامة البلد في مواجهة من يريدون ان يعيدوا تركيبه على مقاس احلامهم بضرب كل عناصر قوته منعته، ومتخطين (الطائف) والدستور والاعراف.
الرئيس نبيه بري.. للكعبة رب يحميها.
الشجرة المثمرة هي التي ترشق بالحجارة. المسيرة مستمرة، والقافلة تسير…