من الصحف البريطانية
مع دخول القتال بين إسرائيل والفلسطينيين يومه الحادي عشر لايزال هذا الموضوع وتعاطي الدول العظمى ومواقفها من طرفي المواجهات يهيمن على اهتمام الصحافة البريطانية.
كتبت المحررة روزينا صبور من واشنطن مقالا تحليليا لصحيفة التلغراف بعنوان “موقف جو بايدن المتشدد إزاء إسرائيل يهدد بتعميق الانقسامات داخل حزبه“.
تقول الكاتبة أن جو بايدن لم يكن يتصور أن التحدي الرئيسي الأول الذي يواجهه في السياسة الخارجية سيكون أيضا اختبارا رئيسيا لقدرته على قيادة حزبه.
وتضيف صبور أنه مع اندلاع أعمال العنف في الشرق الأوسط، وجد الرئيس الأمريكي نفسه على خلاف، بشكل متزايد، مع العديد من زملائه الديمقراطيين بشأن دعمه لإسرائيل.
فعلى مدى أيام، دعم بايدن علنا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في رده العسكري على قطاع غزة.
لأنه يدرك تماما، كرئيس للولايات المتحدة، التداعيات السياسية المحتملة للظهور على أنه يضعف التزام أمريكا تجاه إسرائيل.
لكن في مبنى الكابيتول، أضحت أصوات الديمقراطيين المنتقدة للأعمال العسكرية الإسرائيلية أكثر صخبا من أي وقت مضى، وربطت القضية بمناقشات العدالة العرقية والاجتماعية في أمريكا.
وذهبت عضوة الكونغرس ألكساندريا أوكاسيو كورتيز، إلى حد وصف إسرائيل بـ “دولة الفصل العنصري“.
كما وجد بايدن نفسه هذا الأسبوع في مواجهة عضوة الكونغرس الديمقراطية، الفلسطينية الأصل، رشيدة طليب، خلال زيارتة إلى ميشيغان.
وحرصا منه على إبقاء حزبه موحدا، خصها عندما خاطب الحشد لاحقا، وأشاد بها باعتبارها “مقاتلة” وأكد لها أنه “سيفعل كل ما في وسعه” لضمان بقاء عائلتها في الضفة الغربية بأمان.
لكن الانتقاد المتزايد لأفعال إسرائيل يتجاوز بكثير الجناح التقدمي للحزب الديمقراطي. ليصل إلى السناتور بوب مينينديز، أحد أقوى حلفاء إسرائيل الديمقراطيين، الذي أدان بشكل حاد الضربات الصاروخية التي شنتها إسرائيل على غزة.
لكن مع تزايد الضغوط السياسية في الداخل والخارج، وجد بايدن أنه لم يعد بإمكانه تجنب المزيد من الانغماس في الصراع، فقد حذر نتنياهو خلال مكالمة هاتفية الأربعاء من أنه يتوقع أن يرى “تهدئة كبيرة” للقتال.
ومع إصرار إسرائيل على المضي قدما في عملية غزة “حتى يتم تحقيق هدفها”، أظهر التقدميون في الكونغرس استعدادهم لاتخاذ مزيد من الإجراءات. إذ قُدم قرار الأربعاء يعارض بيع أسلحة عسكرية بقيمة 735 مليون دولار لإسرائيل وافقت عليه إدارة بايدن.
تشير الكاتبة إلى أنه على الرغم من كون ذلك مجرد خطوة رمزية، إلا أن من يقفون وراءها يقولون إنهم يعتزمون إرسال رسالة إلى كل من نتنياهو وبايدن مفادها: لم يعد بإمكانكما الاعتماد على دعمنا الثابت.
كتب جيرارد بيكر مقالا في صحيفة التايمز يتوافق كثيرا مع ما جاء في مقال صحيفة التلغراف بعنوان “أمريكا لم تعد متحدة خلف إسرائيل“.
يقول بيكر إن الأغاني القديمة الإحتجاجية للفنان الامريكي الثمانيني، والحاصل على جائزة نوبل، بوب ديلان والتي غناها في أوائل الستينيات، وكانت تتهم النظام في حينه بعدم المساواة الاجتماعية والعرقية.
إحدى هذه الأغاني، تنتقد إسرائيل، هي “بلطجي الحي” Neighbourhood Bully من ألبوم إنفيديلز لعام 1982، كتبت خلال نزاع عربي-إسرائيلي سابق، بعد أن غزت القوات الإسرائيلية لبنان، الأمر الذي جلب وبشكل متوقع ازدراء الكثير من وسائل الإعلام في العالم والمفكرين والعديد من حكوماتها للدولة اليهودية.
بحسب الكاتب، استحوذ ازدراء ديلان الساخر على هذا النوع نفسه من التحليل الأحادي الجانب منذ عقود. لكن الشيء الوحيد الذي تغير منذ ذلك الحين هو القوى السياسية داخل الولايات المتحدة. فطوال فترة وجودها، تمتعت إسرائيل بدعم أمريكي من الحزبين.
كان هناك نقاد، يوضح الكاتب، وفترات من التوتر عندما كانت تصرفات إسرائيل تستحق في بعض الأحيان عقوبات. ومع ذلك، كان الفهم الأساسي لكلا جانبي السياسة الأمريكية هو أن الخطر الوجودي المستمر للدولة اليهودية يتطلب دعما قويا.
ويرى الكاتب أن الجناح التقدمي الجديد الصاعد في البرنامج الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للحزب الديمقراطي أصبح الآن معاديا بشكل علني، ليس فقط لأفعال إسرائيلية معينة، ولكن، على ما يبدو، لإسرائيل نفسها.
فقد أدانت مجموعة كبيرة من أعضاء الكونغرس إسرائيل في الأسبوع الماضي بعبارات غير عادية في الخطاب السياسي الأمريكي.
وناشدت رشيدة طليب، العضوة اليسارية في الكونغرس، الرئيس بايدن لاتخاذ موقف ضد إسرائيل، وحثت على إنهاء الدعم العسكري الطويل الأمد الذي ساعد في حماية إسرائيل.
ووفقا لتقارير إعلامية، أخبرته: “لا يمكن للولايات المتحدة أن تستمر في منح حكومة نتنياهو اليمينية المليارات سنويا لارتكاب جرائم ضد الفلسطينيين. لا يمكن التسامح مع الفظائع مثل قصف المدارس، ناهيك عن ارتكابها بأسلحة قدمتها الولايات المتحدة “.
يقول الكاتب، في الوقت الحالي، تظل الولايات المتحدة حليفا يمكن لإسرائيل الاعتماد عليه. ومع ذلك، هناك تحولات عميقة جارية في السياسة الأمريكية ستستمر في التردد على نطاق واسع. كما رأينا في العام الماضي.
نشرت صحيفة الغارديان مقال رأي افتتاحي يوضح وجهة نظر الصحيفة بشأن علاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل: وأنه حان وقت التغيير
يوضح المقال أن أحد أكثر جوانب الصراع الذي اندلع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كآبة في الأيام الأخيرة هو توقعه ومعرفته المطلقة، لا سيما لأولئك الذين يعيشون هناك. بما فيهم صغار السن الذين واجهوا هذا العنف مرات عديدة من قبل.
أفاد المجلس النرويجي للاجئين أن 11 من الأطفال الذين قُتلوا في الغارات الجوية الإسرائيلية على غزة خلال الأسبوع الماضي كانوا يشاركون في برنامجه النفسي والاجتماعي لمساعدتهم على التعامل مع الصدمات.
وبلغ إجمالي القتلى 228 فلسطينيا في قطاع غزة، 63 منهم على الأقل من الأطفال، بينما قُتل 12 شخصا في إسرائيل، بينهم طفلان.
ويشير المقال إلى أن كلا الطرفين يتجاهل حياة المدنيين. لكن الغالبية العظمى ممن ماتوا أو فقدوا آباءهم أو أشقائهم، وتعرضت منازلهم ومدارسهم وخدماتهم الصحية للقصف، هم من الأطفال الفلسطينيين.
وفي وقت متأخر الخميس، أعلنت إسرائيل وقف إطلاق النار بعد 11 يوما من العنف، مع تأكيد حماس أن الهدنة ستبدأ بين عشية وضحاها. لقد أصبح من الواضح أن كلا الجانبين كان يبحث عن مخرج، كما يوضح المقال.
وقد عزز ذلك بحسب المقال، لغة جو بايدن في اليوم السابق، عندما أخبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مكالمة هاتفية أنه “يتوقع خفضا كبيرا للتصعيد اليوم في الطريق إلى وقف إطلاق النار “. وكانت الولايات المتحدة قد بدأت بالحديث فقط عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ، وعرقلة الجهود لممارسة الضغط في الأمم المتحدة.
ويقول المقال إن الإدارة الأمريكية تعتقد أنه من الأفضل ممارسة الضغط على انفراد بدلا من النطق علنا.
ويرى المقال أن هذا النهج يعكس أسلوب عمل الرئيس والتجربة المريرة لإدارة أوباما، والتي أظهر نتنياهو ازدراءه لها- مما دفع الولايات المتحدة في نهاية المطاف إلى رفض استخدام حق النقض ضد تصويت الأمم المتحدة التاريخي الذي يطالب بوقف المستوطنات في الأراضي المحتلة.
لكن حماس دونالد ترامب المطلق تجاه نتنياهو، أضعفت الفلسطينيين وشجعت رئيس الوزراء الإسرائيلي، حسبما تقول الصحيفة
اما الأن فقد عاد خليفة ترامب إلى الوضع السابق في العلاقات الأمريكية مع إسرائيل. لكن شيئا ما تغير: حزبه وعدد من المواطنين آخذين في التحول. فقد أدى تدفق الديمقراطيين التقدميين إلى الكونغرس، وحيوية حركة “حياة السود مهمة” ، إلى تجديد الدعم للقضية الفلسطينية. كما ينتقد الكثير من أبناء الجالية اليهودية الأمريكية، وخاصة الأجيال الشابة، إسرائيل بشكل متزايد. ويبدو هذه المرة، أن الصراع قد استحوذ على اهتمام الرأي العام.
وخلص المقال إلى أن بايدن لديه الكثير ليقلقه في الداخل وعلى الصعيد الدولي. في الأساس، كان يريد لكل هذا أن يختفي. لكن هذا العنف الأخير أظهر أنه سيستمر في العودة إلى أن تتم معالجة المشاكل الحقيقية. فقد تفضل الولايات المتحدة عدم التفكير في كل هذا في الوقت الحالي. لكن على المدى الطويل، قد تجد إسرائيل أنها لا تستطيع الاعتماد على مثل هذا الشريك.