الانتخابات الرئاسية السورية في لبنان والمغتربات ودلالاتها
غالب قنديل
المشاهد، التي حملتها الينا وسائل الإعلام ونقلتها الى العالم كلّه، ولا سيما الى الرأي العام العربي وبلدان المشرق على وجه الخصوص، تمثّل بشارة انتصار عظيمة للجمهورية العربية السورية بقيادة الرئيس المقاوم الدكتور بشار الأسد، وهي مدعاة فرح واحتفال لجميع أنصار التحرّر في بلادنا، الذين أظهروا تعاطفا كبيرا مع القلعة السورية في مجابهة الغزوة الاستعمارية وفصولها خلال السنوات العشر الأخيرة.
أولا: إن هذا العرس الانتخابي، الذي يخوضه الشعب العربي السوري الشقيق، يكرّس انتصار الخيار القومي والتحرّري الاستقلالي، الذي يمثّله الرئيس الأسد، بعد انتصاراته في قيادة سورية الى برّ الأمان، إثر تعرّضها لأعتى وأعنف هجوم استعماري صهيوني رجعي، استهدفها طيلة العقود الماضية. وبذلك فإن هذه الانتخابات الرئاسية تضرب موعدا جديدا مع التاريخ لشعب سورية العظيم، ولدولتها الحرّة ولجميع التطلّعات والآمال، التي يجسّدها القائد الأسد في مشاريعه الرؤيوية الخاصة ببلده وبالمنطقة، أي المشرق العربي، وبمجموع الدول النامية الصديقة والمناهضة للهيمنة.
هذا القائد، هو مبدع أفكار واقتراحات خلاقة، كما هو تعبير حي عن وجدان شعبه الأصيل وعن إرادة التحرّر القومي في أمّته، وعلى مستوى وطنه العربي، وهو قدّم، خلال رئاسته الى اليوم، نموذجا ملهما للقادة في حيويته الفكرية والسياسية ودرجة قربه من الناس في بلاده وتعبيره عن وجدانهم وهمومهم وتطلعاتهم. وكم يتمنى المواطنون في أكثر من بلد عربي وأجنبي أن يقدّم لهم التاريخ قادة وزعماء من هذه الطينة ومن هذا الطراز في أدائهم والتحامهم بشعبهم، وفي مصداقيتهم والتزامهم.
ثانيا: إن ما نشهده اليوم يؤسس لمرحلة جديدة في سورية وفي المنطقة كلّها. فالرئيس الأسد، في الولاية المقبلة، سيثبت مجددا وبالأفعال جدارته بثقة شعبه، وبقيادة هذه الدولة الصاعدة والمحورية في المنطقة، سواء في التعافي من جراح الحرب وآثارها الاقتصادية والعمرانية أو في التأسيس لمستقبل جديد من الشراكات والتفاهمات، التي تليق بحجم سورية وموقعها ودورها المحوري. ومن حقّنا أن نؤكد أن ما بعد الانتخابات الرئاسية سيكون ورشة وطنية وقومية واسعة، يقودها الرئيس الأسد من دمشق، لمواصلة مسيرة البناء والتحرّر. وهذا ما سيفيض بنتائجه وبخيره على جميع الأخوة والأشقاء وشركاء المصير في محور المقاومة ومعسكر التحرّر والاستقلال.
سورية القوية كانت على الدوام، في تاريخها المعاصر، تهب من فائض قوتها الى جميع شركاء المصير والخيار، وهي في جميع المنعطفات كانت واضحة في مواقع النضال التحرّري والتضامن القومي والأممي مع المناضلين والأحرار، وبذلت الكثير، وتحمّلت الكثير في سبيل هذا الخيار الواضح والثابت. ومَن ينسى صفحات مجيدة سطّرتها سورية بمواقف شجاعة ومبادِرة مع جميع الدول والشعوب الحرّة، وكانت فيها السبّاقة الى التضامن مع كلّ شقيق أو صديق، يواجه محنة أو مظلومية، دون أن تسأل عن الكلفة أو التبعات. وهذا معروف ومشهود في تاريخنا المعاصر، وينال إجماعا في تأكيد الاعتراف به والشهادة له عند كلّ شخص بعيد عن المواقف المسبقة، والتحامل الأخرق والحاقد، الذي هو سمة المرضى والمعتوهين والمرتزقة من بعض الساسة والإعلاميين.
ثالثا: إن انتخاب الرئيس الأسد لولاية جديدة هو بشارة لجميع الأحرار في المنطقة، وفي محور المقاومة، وفي العالم، لأنه تأكيد لنهوض القلعة السورية الحرّة وقيامها بعد استهدافها بإعصار مدمّر، تكالبت فيه جميع قوى الاستعمار والطغيان والعمالة في العالم والمنطقة، حتى بعض الحكومات، التي كانت ضالعة في ذلك المخطّط اللئيم والغادر، ثم شرعت اليوم، بعد تجلّي النصر السوري، تعيد النظر بمواقفها، وترسل الإشارات، وبعضها يتخذ المبادرات لإعادة التواصل مع دمشق والقائد الأسد. ولذلك نستطيع أن نقول إننا نتوقع، وبقوة، بعد الانتخابات الرئاسية، موسما حاشدا من الـ “الحجّ” الى دمشق، حيث سيتسابق القادة والزعماء في المنطقة والعالم على التواصل مع هذا الرئيس والقائد الكبير، الذي حمله الشعب على الأكتاف، وتوّجه بأجنحة الثقة والحب، نتيجة الإيمان الراسخ لدى السوريين بأن هذا الرئيس هو مثال للقادة الكبار وجدير بحماية بلدهم، وبقيادة دولتهم في مسيرة نهوض وبناء وازدهار على صخرة استقلال ثابتة، تكرّس صمودها في وجه مشاريع الهيمنة والعدوان من أي جهة أتت.
سورية الجديدة، التي يقود مسيرتها هذا الرئيس والقائد التاريخي، ستكون، في حصيلة ولايته الجديدة، أجمل وأرقى وأقوى وأكثر ازدهارا من قبل ما سبق من فصول تاريخها، كما ستشعّ في محيطها، وتمنح جميع الأخوة وشركاء المصير في محور المقاومة مزيدا من هبات مناعتها ونموّها. وهي ستكون دائما السند لكل شقيق عربي ومشرقي في مجابهة الحلف المعادي، والتعامل مع تحديات الاستقلال والتنمية، فتقدّم العون والخبرة المتاحَيْن لكل مَن يقصدها، ويطلب مساعدتها، ويمدّ يده للشراكة معها. فسورية منذورة لقدر الأخوة، منارة مشعّة في مشرقنا وفي أمّتنا العربية.