متى يتدخل الحشد الشعبي لحسم معركة الأنبار؟ حميدي العبدالله
لأول مرة منذ الاحتلال الأميركي للعراق يهجّر سكان الرمادي بهذا العدد الكبير. لا شك أنّ أعمال العنف المختلفة، والمقاومة التي انطلقت ضدّ قوات الاحتلال خلقت وضعاً صعباً للعراقيين في غالبية المناطق، ولا سيما في محافظة الأنبار التي تمثل مدينة الرمادي عاصمتها. ولكن نادراً ما حصلت موجة تهجير من هذه المحافظة، وتحديداً من مدينة الرمادي بهذا العدد الكبير.
هجرة سكان الرمادي سببها الخوف والقلق من أن لا تكون حاميتها الحالية قادرة على صدّ محاولات «داعش» السيطرة على كامل المدينة بما في ذلك الأحياء المحيطة بالمجمع الحكومي، ولتدارك مجزرة مروّعة غادر هذا العدد الكبير منازلهم مرغمين، ويأملون أن يتحسّن الوضع الأمني وتحسم معركة الرمادي والأنبار لكي يعودوا من جديد.
لكن على الرغم من تصريحات المسؤولين التي تحاول إشاعة حال من الاطمئنان، وعلى الرغم من التعزيزات العسكرية التي وصلت إلى حامية مدينة الرمادي، إلا أنّ ذلك لم يبدّد قلق المواطنين، ولم يحُل دون مواصلتهم ترك منازلهم والبحث عن الإقامة في مناطق آمنة، أو على الأقلّ لا يتهدّدها خطر اجتياح «داعش» لها.
سكان الرمادي على وجه الخصوص ليس لديهم قناعة ولا رهان على قدرة الجيش وقوات العشائر الموجودة الآن في المحافظة وفي مدينة الرمادي على صدّ الهجوم المحتمل من قبل «داعش»، وباتوا على قناعة بأنّ تسليح المحافظة أيضاً غير كاف لأنّ هذه المحافظة كانت منذ فترة طويلة ملاذاً آمناً للجماعات الإرهابية وتنظيم «داعش». وبعضهم، ومنهم زعماء عشائر في المحافظة، يناشدون الحشد الشعبي التدخل لحسم المعركة وإعادة الأمان إلى الرمادي وإلى محافظة الأنبار، ولكن حتى هذه اللحظة لم يلبّ الحشد الشعبي هذه النداءات، فلماذا؟
للحشد الشعبي شروط، الشرط الأول، أن يطلب سكان الرمادي صراحة من الحشد الشعبي التدخل لإنقاذهم، وأن يأتي هذا الطلب على لسان زعماء العشائر ووجهاء المدينة. الشرط الثاني، ألا يكون هناك أيّ اعتراض على نوع وحجم المشاركة. الشرط الثالث، أن لا يكون هناك أيّ دعم أو تدخل من قبل دول التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، لأنّ الحشد لا يثق بتدخلات قوات التحالف ويوجّه لها الاتهام بدعم «داعش».
إذا لم تلبّ هذه الشروط لن يتدخل الحشد الشعبي، لكن الحكومة العراقية، وسكان محافظة الأنبار هم الآن أمام خيار من اثنين لا ثالث لهما: إما قبول شروط الحشد الشعبي، أو السماح لـ«داعش» بالسيطرة على الرمادي وعلى محافظة الأنبار، ذلك لأنه ليس هناك أيّ جهة عراقية أو خارجية لديها قدرة على تأمين قوات برية قادرة على إلحاق الهزيمة بـ«داعش»، وكلما تأخر الوقت وزادت المخاطر، كلما توفرت أكثر ظروف ملائمة للاستجابة لشروط الحشد الشعبي.
(البناء)