نصرالله في بيان التحرر المشرقي
غالب قنديل
الكلمة التي ألقاها قائد المقاومة سماحة السيد حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله كانت كما في يوم القدس كل عام بيانا شاملا عن راهن المعركة التحرّرية، التي يخوضها الشرق وبصورة خاصة بلداننا العربية المشرقية: سورية ولبنان وفلسطين والعراق بالتحالف مع إيران، التي شكّلت ثورتها من يومها الأول سندا لقضة فلسطين ولخيار التحرر والمقاومة، الذي كانت الجمهورية له حضنا وسندا وحليفا عظيما، يعتمد عليه الأحرار المقاومون في بلداننا.. وهذا التلاحم المصيري العميق تصاعد في معمعان الكفاح التحرري وعبر النضال والمقاومة والصمود في مجابهة الحصار والعقوبات والعدوان والحروب، التي شنّها الغرب الاستعماري وبعض الحكومات التابعة مباشرة وبواسطة عصابات العملاء والتكفيريين خلال السنوت العشر الأخيرة.
أولا: أكد سماحة السيد نصرالله أننا نشهد هذا العام بشائر الحصيلة التاريخية، التي حصدتها شعوب المنطقة وقواها التحررية في سنوات من الصمود والمقاومة ضد الحصار والحروب، التي تنوّعت أدواتها وأنماطها، وكانت غزوة التكفير والتوحش أشدها بشاعة وخطورة وأوسعها تدميرا وتهديدا للبشر وللعمران وللبناء الحضاري، الذي كلّف بلداننا الكثير من التضحيات على مدى العقود الماضية.
كالعادة برهن سماحة السيد على استنتاجه بالوقائع التي يلمسها الناس في بلداننا ويعايشونها يوميا، بعد الشوط الكبير، الذي قطعته بلداننا المستهدفة ولا سيما سورية والعراق ولبنان في التخلص من خطر عصابات التوحّش والإرهاب التكفيري، ومباشرة التعافي الاقتصادي والمجتمعي من حرب دبّرها التخطيط الاستعماري، لإخضاع المشرق، ومنعه من النهوض والتقدم والتكتل في مواكبة تحولات تاريخية، يشهدها العالم، تؤكد غروب عهود الغطرسة الإمبريالية، وتصدع منظومات الهيمنة الاقتصادية والسياسية، التي أعاقت تقدّم الدول الحرّة لعقود متواصلة.
ثانيا: ركّز السيد نصرالله على ملامح التطور النوعي، الذي حققته الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مسيرة البناء الاقتصادي والتطور التقني والمقاومة المستمرة للهيمنة الاستعمارية الغربية، التي شكّلت عصب هويتها الفكرية والسياسية من انطلاق الثورة بقيادة الإمام الراحل آية الله الخميني والتي رسّخها وعمّقها وبلورها المرشد الخامنئي وسائر منظومات ومستويات القيادة. ففي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي تشبّعت بجميع مؤسساتها ومستوياتها بثقافة التحرّر والاستقلال والمقاومة وباعتناق قضة تحرير فلسطين. وهو أكد أن ما تراكمه الجمهورية من قوة ومقدرة وخبرات في جميع المجالات، هو قوة لمحور المقاومة وسند لجميع البلدان والشعوب الشقيقة في المشرق.
هذا الاستنتاج يستند إلى الوقائع، التي تؤكد البنيان الإيراني المتقدّم اقتصاديا وتقنيا، وهو يستند الى معطيات ومعلومات تتعلق بالتحولات الاستراتيجية المتراكمة، في العالم والمنطقة، بعد انكسار الفصول المتلاحقة من الغزوة الاستعمارية الصهيونية الرجعية. وقدم السيد نصرالله، كعادته وقائع وبيّنات ملموسة بنى عليها استنتاجه حول انكسار الغزوة، سواء ما يتصل بإيران أم سورية واليمن والعراق.
ثالثا: في هذا التقرير السنوي عن معارك التحرّر في الشرق، وكما في كل عام، تبقى في تفكير سيد المقاومة وخطابه العام قضية فلسطين، هي المركز والأصل، استنادا إلى الخبرة والتجربة والوعي الاستراتيجي العميق لقضية التحرر الوطني في بلداننا. ونأى السيد بنصه عن الصياغات الإنشائية الشكلية بل قدّم في خطابه بالوقائع والمعطيات، المعترف بها، والتي يعاينها الناس، ويحسونها، كيف ان أجيالا فلسطينية فتية تتقدم الصفوف في معارك التحرر والمقاومة على أرض فلسطين، وفي قلب القدس السلبية وعموم فلسطين، شهادة متجددة للقضية الحية ولإرادة التحرر العصية، التي تجسِّد وجدان أجيال فتية تخوض تجربتها الفذّة في معمعان النضال التحرري المقاوم، وتكتسب معموديتها البطولية بالدماء والتضحيات.
إن ما خلص إليه قائد المقاومة حول تقدّم خيار المقاومة الشعبية الفتية في الداخل الفلسطيني، بينما يتخبّط الكيان الصهيوني في حلقة العجز والفشل، التي يعززها امتلاك محور المقاومة للمزيد من أدوات الردع والدفاع والقدرات النامية والمتطورة على ردع المغامرات الصهيوني.، فجدّد إنذاره لكيان العدو من العربدة بعدوان ضد لبنان خلال المناورات العسكرية المقررة. وبذلك اكتمل بيان نصرالله السنوي عن فلسطين والقدس والمنطقة على عهد المقاومة والتحرّر.