مقالات مختارة

الكتلة الصحيحة… روسيا وإيران: أفرايم هليفي

 

تركز الاهتمام في الاسبوع الاخير على المسألة الإيرانية من حيث سلوك الولايات المتحدة ودول غرب اوروبا: بداية تابعنا الدراما السياسية واشنطن، والتي في نهايتها قرر الناطقون بلسان الحكومة بانه سجل نجاح كبير في شكل التسوية التي فرضت على الرئيس اوباما اجراءات تضيق على صلاحياته في كل ما يتعلق باقرار الاتفاق، اذا ما تحقق. ولم يتغير هذا الخط الحكومي حتى بعد أن أعلنت روسيا بانها قررت رفع الحظر عن بيع صواريخ اس 300 لإيران ـ وشدد الناطقون بلسان الحكومة بان هذه الخطوة غير المرغوب فيها هي نتيجة مباشرة لـ «الاتفاق السيء» المسجل على اسم الولايات المتحدة. ومن هنا فصاعدا استمرت المعركة ضد اوباما بكامل الزخم، واشارت البلاغات الرسمية إلى عقد مكالمة هاتفية بين رئيس الوزراء نتنياهو والرئيس الروسي بوتين، والتي وجه فيها انتقاد إلى الخطوة الروسية.

بعد يوم جاءت ايضا التصريحات العلنية. نتنياهو، الذي القى الخطاب المركزي في المهرجان في مؤسسة يد واسم، خصص كلمات كثيرة ولاذعة للتهديد الإيراني، ربط بينه وبين سلوك الغرب عشية الحرب العالمية الثانية، واعد الجمهور إلى وضع تضطر فيه إسرائيل إلى الوقف وحدها امام مصيرها.

أما بوتين فاختار ان يقول ان القرار الذي اتخذه كان مناسبا، لان السلاح الذي ستورده روسيا لإيران يحمل طابعا دفاعيا ولا يعرض إسرائيل للخطر. كما أنه قال وعن حق، ان ليس في هذه الخطوة خرقا للعقوبات الدولية المفروضة على إيران، ولكنه ربطها بما وصفه كمرونة أبدتها إيران في المفاوضات مع القوى العظمى، وتعهد بان روسيا ستواصل التعاون مع زميلاتها في المفاوضات مع طهران. اضافة إلى ذلك، ألمح بوتين بان توريد السلاح الدفاعي يخدم النية لمنع تدهور الشرق الاوسط إلى معركة عسكرية واسعة النطاق، ومنح شرعية للنظام الإيراني.

وسارع الرئيس الامريكي اوباما إلى التعقيب وقال انه فوجيء من أن بوتين ضبط نفسه حتى الان في تحرير الصفقة لإيران، وانه يحتمل أن تكون حاجة إلى ايجاد صياغات في الاتفاق النهائي تسهل على القيادة في طهران بيع الاتفاق للجمهور.

من كل ما قيل أعلاه تلوح جملتان تستوجبان الانتباه. الاولى هي محاولة مفاجئة بعض الشيء بين واشنطن وموسكو للتعاون في الموضوع النووي الإيراني علنا، خلافا للمواجهات الحادة بينهما في جملة من المواضيع الدولية ـ وعلى رأسها أزمة اوكرانيا. في الشرق الاوسط تدور خصومة شديدة بين روسيا والولايات المتحدة منذ سبعين سنة فأكثر، وفي حرب يوم الغفران وصلت إلى ذروتها عندما لعبت القوتان العظميان ايضا بالتهديدات النووية المتبادلة. والجانب المتعلق بالكتلتين واثره على إسرائيل يحتاج إلى استيضاح جذري في ضوء هذه البوادر الاولية.

الجملة الثانية تتعلق بعلاقات إسرائيل وروسيا على المستوى المتبادل. فإسرائيل تحذر في السنوات الاخيرة من المساس بكبرياء روسيا وكبرياء زعمائها، وبالمقابل أخرت روسيا على مدى سنين اطلاق ارساليات بعض السلاح سواء لإيران أم لسوريا- في ضوء الضغط الإسرائيلي الشديد، الذي اسند بخطوات مشابهة من الولايات المتحدة. غير أن هذه الصورة آخذة في التغير أمام ناظرينا: فالمصلحة الروسية في غرس وتد في دمشق إلى جانب إيران والتطلع الروسي إلى استئناف صورتها كقوة عظمى مركزية في منطقتنا ـ في شبه الجزيرة العربية وفي العراق ايضا ـ يستدعي ليس فقط الانتباه والتفكر حيال موسكو بل وايضا الحاجة إلى تذكر ذلك في الوقت الذي يتم فيه التفكير والتنفيذ لخطوات تفسر كاستعداد للتميز عن واشنطن. هكذا فان هجوم الغرب، والولايات المتحدة على نحو خاص، يتضارب والمصلحة الاستراتيجية الاهم لإسرائيل في المستوى الدولي.

في الاستعراض التاريخي لرئيس الوزراء في يوم الكارثة عن الثلاثينيات نسي ان يذكر بانه كانت لاعبة اخرى في اوروبا، روسيا، تعاطت مع التهديد النازي المتعاظم الذي يشبه اليوم بالخطر الإيراني. وروسيا لم تحاول المصالحة ـ بل عقدت حلفا مع المانيا.

يديعوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى