بقلم ناصر قنديل

زمن محور المقاومة: ناصر قنديل

كما في كل مرة تحيي المقاومة يوم شهدائها القادة، تتقدّم المعادلات الحاكمة لصراعها مع كيان الاحتلال وجيشه إلى الواجهة، وتكون معادلات سيد المقاومة في هذا اليوم إطاراً حاكماً لقوانين الصراع لسنة مقبلة، ومعادلة هذه السنة عنوانها، أنه زمن محور المقاومة، والأمر ليس تفاخراً بتزيين صورة الواقع وفقاً للتمنيات والرغبات كما فعل رئيس أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي، بل نتاج قراءة واقعية لحاصل مواجهات السنوات الماضية ونتائجها على موقع حامي الكيان وراعيه الذي تمثله واشنطن، وانعكاس المتغيرات الأميركية على كيان الاحتلال وقدرته على المبادرة، ومصير حروبه ورهاناته ومشاريعه السياسية، من جهة، ومن جهة مقابلة مسار تنامي القدرات والجهوزيّة للحرب على ضفتي محور المقاومة وكيان الاحتلال.

 

في المتغيّرات الناتجة عن ثبات وصمود قوى وحكومات محور المقاومة وإنجازاتها في ميادين المواجهة، وانعكاسها على السياسات الأميركية، قرأ السيد حسن نصرالله، تقدماً لأولوية المواجهة الأميركية مع التحدّي الصينيّ والروسيّ، وعجز عن القدرة على جمع الجهوزية والفاعلية للمواجهة على كل جبهات، وما يترتب على ذلك من سياسات وتكتيكات أميركيّة ستجعل الخطط الهجوميّة لكيان الاحتلال وحليفه السعودي التي قادت مرحلة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب تفقد الاندفاعة التي تمتعت بها واستندت إليها في السنوات الماضية، سواء بالنسبة لمستقبل صفقة القرن، أو بالنسبة للملف النووي الإيراني، أو كيفيّة التعامل مع جبهات مواجهة مثل سورية والعراق واليمن، وهذا التغيير الناتج عن صمود محور المقاومة وثباته وتضحياته ومنجزاته، سيتيح لمحور المقاومة بفرض إيقاعه على معادلات المنطقة، مستثمراً على ما بناه لإيصال الأميركي إلى هذا التبدل، وينطلق منه نحو العنوان الذي ختم به السيد نصرالله كلمته، ليكون الزمن هو زمن محور المقاومة.

في معادلة المواجهة المباشرة مع الكيان، رسم السيد إطاراً لترجمة مفهوم زمن محور المقاومة عبر تفكيكه للخطاب الذي شكل مضمون الدعاية الإسرائيلية الحربيّة على لسان رئيس الأركان كوخافي، وجوهرها ما أسماه السيد نصرالله بالتهديد بقصف الأماكن المدنية وادعاء أن هذا تبدل قانوني في مفهوم الحرب، وهو مجرد إشهار لما دأب كيان الاحتلال على فعله في كل الحروب التي خاضها، ولكن يبدو أنه يلوّح بمزيد من الوحشية. وهنا المعادلة التي تبدأ بثنائية قرية بمستعمرة ومدينة بمدينة، تنتهي بالتذكير بأن الجبهة الداخلية للكيان ستذوق في أي حرب مقبلة مرارة لم تعرف مثلها منذ نشأة الكيان، ويتوج السيد رسم المشهد بمعادلة حاول كوخافي التمهيد لها، تحت عنوان الأيام القتاليّة، وهي فذلكة كلاميّة لنظرية معركة بين حربين سبقه إليها سلفه غادي ايزنكوت، بمثل ما تبدو نظرية إحداث التبدل القانوني باستهداف المدنيين فذلكة كلامية لنظرية ايزنكوت تحت عنوان عقيدة الضاحية. وفي الحالة الواحدة بتسميتين ردّ السيد واضح، تستهدفون فنستهدف على الأولى، ومعركة بين حربين أو أيام قتالية تعني حرباً والحرب ستذوقون فيها ما لم تتوقّعوا.

– في المعادلة التكتيكية وضع السيد نصرالله إشاراته لحضور وجهوزية محور المقاومة في ما أسماه تتبعاً زمانياً ومكانياً لحركة جيش الاحتلال، خصوصاً في البعد التقالي وفي الغارات التي يشنّها، من أين وعلى أين، ومتى وبأي إيقاع زمني، ليقول إن محور المقاومة يرسم من خلال هذا التتبع القواعد التي تحدّد منطلقات حركة جيش الاحتلال، وتقرأ مأزقه ومحاولات إخفائه، وتدرك مكامن القوة وعناصر الضعف، لترسم من وحي نتائج هذا التتبع والإيقاع الزماني والمكاني خططها، وردود أفعالها، تأكيد للمعادلة الأم، إنه زمن محور المقاومة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى