من الصحف البريطانية
ناقشت الصحف البريطانية موضوعات عدة من أبرزها: صعود وسقوط البطلة الثورية لميانمار (أونغ سان سو تشي) التي تحولت إلى حاكم “متعجرف”، وجو بايدن ليس مرشد اليسار الضائع في أوروبا.
نشرت صحيفة الديلي تلغراف مقالا كتبه رولاند أوليفانت بعنوان “أونغ سان سو تشي: صعود وسقوط البطلة الثورية لميانمار التي تحولت إلى حاكم “متعجرف“
يقول الكاتب إن الفضائل التي جعلت من أونغ سان سو تشي قديسة النضال السلمي في السابق، أدت إلى سقوط دراماتيكي من السلطة – لكنها لا تزال تمثل التهديد الأقوى للديكتاتوريين العسكريين المحتملين في ميانمار.
فهي ابنة الجنرال أونغ سان، البطل القومي الذي يُنسب له الفضل على نطاق واسع في استقلال بورما من الحكم البريطاني، ولطالما أبدت سو تشي إحساسا بأن قدرها -الذي قد يسميه النقاد استحقاق – قيادة بلدها.
يشير المقال إلى أنه في أعقاب الانقلاب العسكري في ميانمار صباح الاثنين، اعتقلت سو تشي – الشخصية المثيرة للجدل في البلاد – في مداهمة في الصباح الباكر – ما دفعها لحث أتباعها لاحقا على النزول إلى الشوارع للاحتجاج.
تضمن انتفال سو تشي إلى الديمقراطية، كما يوضح المقال، بعد تحقيق حزبها (الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية)عام 2015، فوزا ساحقا في أول انتخابات حرة في البلاد منذ ربع قرن، تقديم تنازلات فوضوية، أدت إلى تشويه سمعتها، بحسب المقال.
كما منعها الدستور الجديد – الذي تمت صياغته بعناية من قبل العسكر للسماح لهم بالحفاظ على أكبر قدر ممكن من السلطة – من أن تصبح رئيسة على أساس تقني -حيث ولد ابناها في الخارج – لتصبح “مستشارة الدولة” أو زعيمة وطنية بحكم الأمر الواقع.
ويشير النقاد إلى أن العديد من الانتهاكات، بما في ذلك اعتقال أشخاص ينتقدون الحكومة وترهيب الصحفيين، استمرت في ظل حكم سو تشي.
ويوضح المقال أن سمعتها الدولية تلقت ضربة لا يمكن إصلاحها عام 2017، عندما رفضت التحدث علانية عن الحملة الدموية من الإبادة الجماعية التي شنها جيش ميانمار ضد أقلية الروهينجا المسلمة. بل إن حكومتها دافعت عن المذابح باعتبارها “مكافحة الإرهاب” المشروعة.
وقد جادل المدافعون عنها، بحسب المقال، بأنه ليس لديها خيار آخر: إذا شجبت الجيش علنا، فسوف تتعرض لخطر الانقلاب مرة أخرى، والانهيار الكامل لتجربة ميانمار الديمقراطية.
لكن المدير التنفيذي لشبكة بورما لحقوق الإنسان ومقرها المملكة المتحدة، كياو وين، كما نقل الكاتب، يقول “لقد وقفت ضد الجيش في السابق، وهذا ما توقعنا منها أن تفعله – للوقوف بنفس القوة لمبدأ مهم للغاية – ضد الإبادة الجماعية“.
مضيفا “كان لديها واجب أخلاقي أساسي لحماية حياة الإنسان. وبدلا من ذلك، فقدت سمعتها في جميع أنحاء العالم“.
نشرت صحيفة الفاينانشال تايمز ومقال كتبه جانان غانيش بعنوان “جو بايدن ليس مرشدا لليسار الضائع في أوروبا“.
يقول الكاتب إنه في يناير 1993، قام توني بلير، زعيم حزب العمال، بجولة في واشنطن مع نائب بريطاني آخر اسمه جوردون براون. لتوضيح كيف فاز الرئيس المنتخب بيل كلينتون بالمنصب وما قد يتعلمه حزب العمال المهزوم أربع مرات.
ويوضح المقال أن أقران الرئيس جو بايدن من يسار الوسط هم خارج السلطة في كل من المملكة المتحدة وفرنسا وأستراليا وهولندا. وفي ألمانيا ، لم يشغلوا منصب المستشارية الفيدرالية منذ عام 2005. كما هو الحال في البرازيل أيضا.
والحقيقة، كما يرى الكاتب، أن قيود السفر التي فرضت لمكافحة فيروس كورونا في الولايات المتحدة، أنقذت هؤلاء المتعلمين المتحمسين. إذ أن بروز الديمقراطيين جاء نتيجة توعك يسار الوسط، وهذه الأسباب لا يمكن تطبيقها كثيرا خارج الولايات المتحدة.
وبحسب المقال فإن نظام الحزبين الصارم يحمي (في الحقيقة بشكل أكثر من اللازم) شاغلي المناصب، بحيث يمكن حتى للديمقراطي المتعثر أن يفوز بما يقرب من نصف الأصوات في الانتخابات الرئاسية. إن عروق الفكر الليبرالية والعمالية والخضراء، والتي غالبا ما تكون متميزة في أوروبا، محشورة في حركة أمريكية واحدة فقط.
يشير الكاتب إلى أن العرق يضيف إلى هذه الميزة الهيكلية. إذ يمكن المبالغة في الميل اليساري للأقليات (حقق الجمهوريون مكاسب خاصة بين اللاتينيين) لكنه غالبا ما يكون مهما. قليل من الديمقراطيات الأوروبية لديها التنوع العرقي للولايات المتحدة، لذا فإن قلة من الأحزاب اليسارية لديها القدرة الانتخابية للديمقراطيين.
وعلى الرغم من شهرة الحرب الثقافية الأمريكية، يرى الكاتب أن الطبقة الفقيرة إلى المتوسطة في أوروبا هي الأكثر حرية في التصويت على القيم. إذ أن مصلحتهم المادية في الخدمات العامة والإجازة القانونية مدفوعة الأجر لا تتوقف كثيرا على تغيير الحكومة.
يقول الكاتب إننا إذا نظرنا إلى اليسار الأوروبي، فسنجده ليس غير كفء بشكل فريد فقط، إنه مجرد شخص غريب الأطوار. ما هي أهمية الحركة عندما تحظى قضيتها المركزية – إعادة التوزيع – بموافقة منافسيها، على الأقل في الأساسيات؟ حتى لو كانت الأحزاب التقدمية تقدم رفاهية أكثر وأفضل (وهذا خيار مكلف)، فلا يمكن مقارنتها بالتعهد بتقديم الرعاية الصحية الشاملة في بلد يفتقر إليها كالولايات المتحدة.
نشرت صحيفة الفاينانشال تايمز مقال كتبه مارتن وولف بعنوان “إن احتواء الصين ليس خيارا ممكنا“.
يستهل الكاتب مقاله بالتساؤل: كيف يجب أن تستجيب الولايات المتحدة لصعود الصين؟ هذا من بين أكبر الأسئلة التي تواجه الإدارة الأمريكية الجديدة. ويجادل العديد من الأمريكيين بأن نوعا من الاحتواء ممكن. في الواقع ، هذه إحدى النقاط القليلة التي تميل إدارة جو بايدن وسابقتها إلى الاتفاق عليها.
يقول كلايد بريستويتز في كتابه “العالم انقلب رأساً على عقب”، إنه: “لا توجد منافسة بين الشعب الصيني وشعب الولايات المتحدة”، لكن مسؤولا حكوميا أمريكيا رفيعا قال إن: “التحدي الوحيد الأكثر أهمية الذي يواجه الولايات المتحدة في القرن الحادي والعشرين هو صعود الصين الاستبدادية بشكل متزايد تحت حكم الرئيس شي جين بينغ “، وأن التحدي ليس الصين بل دولتها الاستبدادية.
يتعاطف الكاتب مع القلق الذي يغمر هذه المنشورات. إذ تؤكد تصرفات الصين في شينجيانغ وهونغ كونغ على ازدرائها لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية. تهدد بكين الحكم الذاتي الفعلي لتايوان وتوسع نفوذها على بحر الصين الجنوبي. باختصار، تتصرف الصين بشكل متزايد كقوة عظمى صاعدة يحكمها طاغية قاس وفعال. ويقترح البعض احتواءها كما حدث مع الاتحاد السوفيتي.
وفي حين يجادل البعض بأن التهديد الناجم عن محاولة الصين تحقيق الهيمنة العالمية يجب مواجهته بالدفاع عن قائمة طويلة من المصالح الأمريكية الحيوية: الحفاظ على التفوق الاقتصادي والتكنولوجي الجماعي، وحماية الوضع العالمي للدولار الأمريكي، والحفاظ على ردع عسكري ساحق، ومنع التوسع الإقليمي الصيني، وتعزيز وتوسيع التحالفات والشراكات، والدفاع (وعند الضرورة إصلاح) النظام الدولي الليبرالي القائم على القواعد. إلا أنهم في الوقت نفسه، يدعون إلى معالجة التهديدات العالمية المشتركة، لا سيما تغير المناخ.
ويتساءل الكاتب، هل كل هذا يمكن تحقيقه؟ ويجيب: لا ، لا أعتقد ذلك، لأن الصين خصم أقوى بكثير من الاتحاد السوفيتي. لديها اقتصاد أكثر نجاحا شديد التكامل على المستوى الدولي، وقطاعا تكنولوجيا أكثر ديناميكية، وسكانا أكبر بكثير، ونظام حكم أكثر تماسكا، وحكومة أكثر كفاءة. والأهم من ذلك هو إمكاناتها.
ويختم الكاتب بالقول بأن علاقة الولايات المتحدة بالصين ليست مثل تلك التي كانت مع الاتحاد السوفيتي. نعم، ستكون هناك منافسة كبيرة، لكن يجب أن يكون هناك أيضا تعاون عميق. بقدر ما تكون هناك حرب أيديولوجيات، تظل حرية الغرب وديمقراطيته أكثر جاذبية. التحدي الحقيقي الذي يواجهونه ليس الصين، ولكن استعادة هذه القيم في الوطن.