خلافات داخل «اللجنة العلميّة» حول الخروج من الإقفال: نحو «العلاج المنزلي» للمصابين: راجانا حمية
في ظل الإنهاك الذي يعانيه القطاع الصحي الاستشفائي، وخصوصاً الحكومي، وازدياد عدد الحالات المصابة بكورونا، انطلقت مبادرات «العلاج المنزلي» التي يتوقّع أن تستكمل باستراتيجية تُعدّها لجنة متابعة التدابير الوقائية لكورونا لتطبيق مبدأ العناية المنزلية للمصابين
كان أمس يوماً «كورونياً» استثنائياً. لم يكن في الحسبان أن يأتي عدّاد الوفيات بهذا الشكل. فعدا عن الرقم الصادم (81 ضحية)، جاء الإعلان عن حالتَي وفاة لحوامل، إحداهما توفّيت بعد وضع مولودتها بدقائق في مستشفى في منطقة النبطية، وأخرى في مستشفى بيروت الحكومي إثر مضاعفات الإصابة بالفيروس. العام الماضي، لم يحمل عدّاد وفيات الحوامل سوى ست ضحايا، أربع منهنّ توفّين بسبب مضاعفات مرتبطة بشكل غير مباشر بالفيروس. أما حالتا الوفاة أمس، فقد كان أثر الفيروس مباشراً عليهما، ما ينذر بالمضاعفات الخطرة التي بلغها الفيروس.
ورغم «استقرار» عدّاد الإصابات تحت عتبة الثلاثة آلاف (2751 إصابة أمس)، لا تزال الأوضاع غير مطمئنة مع زيادة مؤشر الوفيات وارتفاع مؤشر حالات الاستشفاء، وخصوصاً المقيمين في غرف العناية الفائقة (942 بينهم 345 على أجهزة التنفس). وهذه الأرقام تزيد الضغط على القطاع الصحي الاستشفائي، وخصوصاً أن فترة إقامة أصحاب الحالات الحرجة طويلة، ما يحرم آخرين من تلك الأسرّة.
ولأن «نسبة المؤشرات الإيجابية لا تزال عالية، وكذلك نسبة الوفيات»، رأى رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي أن «هذه المؤشرات يجب أن تدرس بشكل علمي وطبي وميداني، قبل اتخاذ قرار بتمديد الإقفال من عدمه»، مشيراً الى أن هذا القرار «يجب أن يؤخذ في 6 شباط عندما يكون قد مرّ شهر كامل على الإقفال». يأتي ذلك، في وقت لا يزال فيه الجدل دائراً حول قرار فتح البلاد من عدمه مع اقتراب موعد انتهاء الإقفال الثالث في الثامن من الجاري. وفي ظل معلومات عن إمكانية فتح البلاد تدريجياً ابتداءً من الأسبوع المقبل، وعن خلافات داخل اللجنة العلمية لمتابعة كورونا حول هذا الأمر.
أمام هذا الواقع، باتت الحاجة ملحّة لاستراتيجية أخرى في مواجهة الفيروس. ففي ظل إنهاك القطاع الاستشفائي وانفلاش الفيروس، صار من الثابت أن ما هو معمول به اليوم لم يعد يتلاءم مع مشاهد طوابير المصابين أو المشتبه في إصابتهم في باحات المستشفيات وعلى الطرقات. لذلك، وفي وقت تتخبط فيه الدولة في أزمتها الصحية والاقتصادية، نشأت مبادرات، فردية وبلدية، قبل أن تتسع لتشمل جمعيات ومنظمات غير حكومية. لم يكن الهدف في البداية «استراتيجياً». كل ما كان يهمّ في تلك اللحظة تجنب الوقوف أمام أبواب المستشفيات بلا طائل، فكان أن بدأ عدد لا بأس به من الناس بشراء مستلزمات العناية، من الأدوية إلى أجهزة التنفس وغيرها، تلتها «حركة» من المبادرات تقوم على إعارة تلك الأجهزة للمرضى… قبل أن تلتحق لجنة متابعة التدابير الوقائية لكورونا بالركب في إطار إعداد استراتيجية لـ«العلاج المنزلي»، لتخفيف الضغط عن القطاع الصحي كخطوة أولى وأساسية. وفي هذا السياق، أعدّت اللجنة خطة عمل أوّلية لمتابعة المصابين في المنازل، تقع مسؤولية متابعتها على المفارز الصحية في البلديات واتحاداتها والصليب الأحمر وطبابة الأقضية التابعة لوزارة الصحة، بالتعاون مع النقابات (الأطباء، الممرضين والممرضات…) وبإشراف وزارة الداخلية. ويقوم مبدأ هذه الخطة على متابعة المصابين في منازلهم، وتدريب ممرضين وعاملين على رعاية المصابين، وإشراك أكبر عدد من الأطباء والممرضين، وتجهيز قاعدة بيانات مركزية على مستوى البلديات. وفي هذا السياق، بحث وزير الصحة، حمد حسن، في اجتماع عقد أمس في وضع «آلية تطبيقية للرعاية المنزلية لمرضى كورونا، وتقديم ما أمكن من أدوية ومستلزمات وأجهزة أوكسيجين منزلية من خلال عدد من الجمعيات وبمؤازرة من نقابتَي الأطباء والممرضين وبتنسيق مع وزارتَي الصحة والداخلية».
81 وفاة بينها اثنتان لحوامل تنذر بالمضاعفات الخطرة التي بلغها الفيروس
وفي انتظار انطلاق الاستراتيجية «الرسمية»، انتشرت مبادرات تحت عنوان «العلاج المنزلي»، من خلال العمل على تأمين أجهزة تنفس ومعدّات للمصابين ومساعدتهم على البقاء في بيوتهم. ومن بينها مبادرة الصليب الأحمر اللبناني قبل 10 أيام لـ«إعطاء المصابين جرعات الأوكسيجين في منازلهم إن كان الأمر لا يستدعي دخولاً إلى المستشفى لتخفيف الضغط عن القطاع الصحي»، بحسب المدير الطبي في الصليب الأحمر الدكتور أنطوني نصر. هناك 100 جهاز تنفس لدى الصليب الأحمر «جميعها صارت مع المرضى»، مشيراً الى أن «لائحة الانتظار طويلة. إذ إن الطلب أكبر بكثير من الكمية المتوافرة». وهذا إن عنى شيئاً، فهو أن الفيروس بات «في كل البيوت». بلديات عدة في محتلف المناطق بدأت أيضاً مبادراتها هذه قبل خروج الاستراتيجية «الوطنية» إلى الضوء، منها بلدية الغبيري التي اتجهت صوب الرعاية المنزلية للمرضى. وفي هذا الإطار، يشير رئيس البلدية، معن الخليل، إلى أنه «في ظل غلاء تأجير ماكينات الأوكسيجين، عمدنا كبلدية إلى استيراد أجهزة تنفس من التبرعات التي حصلنا عليها، ولدينا اليوم 20 جهازاً جميعها لدى المرضى وننتظر وصول 10 أجهزة أخرى». مع ذلك، يؤكد الخليل أن «هذا لا يكفي، وخصوصاً أن الاتصالات التي تصلنا أكبر مما نستطيع توفيره».
تسهيل استيراد اللقاحات
درست وزارة الصحة العامة في الاجتماع الأول للجنة الفنية التي شكلتها للبحث في السماح لإعطاء إذن طارئ لاستعمال لقاحات كورونا، ستة طلبات مقدمة لاستقدام لقاحات روسية وصينية وهندية والملفات العلمية العائدة لها، «على أن يعقد اجتماع ثان الجمعة ليبنى على الشيء مقتضاه». وأكد وزير الصحة حمد حسن أن «استراتيجية وزارة الصحة تقضي بتسهيل تسجيل اللقاحات المستوفية للشروط لتشجيع القطاع الخاص على الاستيراد وتنسيق المبادرات الفردية والمؤسساتية لتحقيق أعلى نسبة تحصين في أقصر فترة زمنية».
اللقاح الروسي فعّال بنسبة 91.6%
أظهرت نتائج نشرتها أمس مجلة «لانست» الطبية، أمس، أن لقاح «سبوتنيك-في» الروسي، الذي اتهمت روسيا بأنها لم تعتمد الشفافية بشأنه، فعّال بنسبة 91,6% ضد «كوفيد-19» المصحوب بعوارض.
التحليل الجديد لبيانات 20000 مشارك في تجارب المرحلة الثالثة من التجارب، يشير إلى أن التلقيح بجرعتين يوفر أكثر من 90% من الفعالية. وتضمنت التجربة إعطاء 14964 مشاركاً اللقاح و4902 مشارك اللقاح الوهمي بجرعتين وبفاصل 21 يوماً. وبعد الجرعة الثانية من اللقاح، تم تأكيد 16 حالة مصابة بأعراض الفيروس في مجموعة اللقاح و62 حالة في مجموعة اللقاح الوهمي، ما يعطي فعالية تعادل 91.6٪.
وكما في كل اللقاحات الموجودة حالياً، لم يتم تحديد كم ستدوم فترة الحماية أو المناعة التي باتت في أجساد المشاركين في التجربة. كما ان الفعالية تم حسابها فقط على الحالات التي تظهر عليها الأعراض، لذلك، هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتقييم كيفية تأثيره على المصابين من دون أعراض، علماً بأن مرحلة التجارب ما زالت مستمرة وتهدف الى تطويع ما مجموعه 40 ألف شخص.
الدراسة أظهرت أن «سبوتنيك-في» من بين اللقاحات الأفضل أداءً، إلى جانب لقاحي «فايزر» و«موديرنا» اللذين أظهرا فعالية تزيد على 90%.
ويستخدم اللقاح الذي ينتجه معهد «غماليا» التابع لوزارة الصحة الروسية تقنية لقاحات النواقل الفيروسية (Viral Vector Vaccines) التي تعتمد على حمل بروتين نتوءات فيروس كورونا بفيروس مختلف اسمه «أدينوفيروس» (يمكن استخدام فيروسات ناقلة أخرى). بعد التلقيح، يتعرف جهاز المناعة البشري إلى بروتين النتوءات ويبدأ تجهيز الدفاعات وكأن فيروس كورونا هو الذي دخل الجسم، علماً بأن الـ«أدينوفيروس» المستخدم هنا حصراً لا يتكاثر داخل الجسم ولا يشكّل ضرراً على الصحة.
ونقلت وكالة «تاس» الروسية عن رئيس صندوق الثروة السيادية (المموّل لمعهد «غماليا») كيريل ديميترييف، أنه «بسبب بعض القيود على الإنتاج، سنكون هذا العام قادرين على تزويد نحو 700 مليون شخص فقط باللقاح».
(الاخبار)