أردوغان والعسكر . . تواطؤ على الأكراد محمد نورالدين
أعلنت الأحزاب التركية قوائم مرشحيها النهائية للانتخابات النيابية العامة التي ستجري في السابع من يونيو/حزيران المقبل .
اللافت هذه المرة أن بعض الأحزاب قد أجرى انتخابات داخلية لتسمية المرشحين ومنهم حزب الشعب الجمهوري المعارض ما أدى الى استبعاد قيادات بارزة عن الترشح للانتخابات .
أما حزب العدالة والتنمية الحاكم ففقد ما لا يقل عن مئة نائب حالي منعوا من الترشح مجدداً بسبب أن النظام الداخلي للحزب يمنع من مضى عليه ثلاث ولايات نيابية . وبذلك أيضاً فإن عدداً كبيراً من الزعماء البارزين مثل بولنت أرينتش وجميل تشيتيك وعلي باباجان لن يترشحوا من دون معرفة ما إذا كان سيستفاد منهم من جديد في الوزارة المقبلة خصوصاً أن باباجان هو من يقود السياسة الاقتصادية التركية منذ أكثر من 12 سنة وعدم عودته مجدداً الى الوزارة على الأقل قد تكون له تأثيرات سلبية .
تشكل هذه الانتخابات أهمية كبيرة نظراً لأن نتائجها سوف ترسم ملامح تركيا ونظامها السياسي على امتداد السنوات الأربع المقبلة حيث لن تجرى أية انتخابات أخرى تجس نبض الشارع بلدية كانت أم رئاسية قبل مرور هذه المدة .
ومع بدء الحماوة في المعركة الانتخابية دخلت على الخط عوامل تأثر متعددة أبرزها اضطراب ولو محدود في الوضع الأمني تمثل في الهجوم على قصر العدل في إسطنبول ومقتل قاض وهجوم آخر على مركز أمني والهجوم على حافلة “فريق فنر باهتشه” لكرة القدم في طرابزون . وقبل ذلك كانت الكهرباء تنقطع عن عدد كبير من المحافظات التركية لم تعرف حتى الآن أسبابه ولا يزال الانقطاع يحدث من وقت لآخر .
ولكن الحدث الأبرز كان الاشتباك العسكري الذي جرى قبل أيام بين الجيش التركي وعناصر من “حزب العمال الكردستاني” في منطقة ضيادين بمحافظة آغري في جنوب شرقي تركيا وأسفر عن مقتل خمسة من المقاتلين الأكراد وجرح ثلاثة جنود وضابط من الجيش التركي .
وتباينت التبريرات للاشتباك . فالجيش التركي يقول في بيان له إن الأكراد هم الذين بدأوا الهجوم . فيما يتهم الأكراد الجيش بافتعال الهجوم لتوتير الوضع وتسعير الحساسية القومية بين الأتراك والأكراد . وهنا فإن العديد من المصادر تعتقد أن هناك تحالفاً بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية والمؤسسة العسكرية من أجل تخريب عملية الحل الكردية والتنصل من أي تعهدات أو وعود من جانب الحكومة .وكذلك من أجل توتير الخطاب القومي العرقي بحيث يستقطب أردوغان المزيد من الأصوات القومية من الأحزاب الأخرى ولا سيما حزب الحركة القومية ليضمن فوز الحزب بأكثرية الثلثين أي 367 نائباً من أصل 550 نائباً، وهي النسبة المطلوبة لتعديل الدستور في البرلمان نفسه، أو على الأقل 330 نائباً وهو الحد الأدنى المطلوب لتأييد أي مشروع لتعديل الدستور وتحويله إلى استفتاء شعبي .
لكن أصل السعي للتوتير العرقي، فضلاً عن التوتير المذهبي، هو أن استطلاعات الرأي لا تعطي حزب العدالة والتنمية نسباً عالية قياساً على انتخابات 2011 . صحيح أن الاستطلاعات تبقيه في المركز الأول وبنسبة أصوات من 40 إلى 45 في المئة، لكن ظاهرة “حزب الشعوب الديمقراطي” الكردي المؤيد لعبدالله أوجلان تقلق أردوغان وحزبه . إذ إن الحزب يتقدم للانتخابات النيابية للمرة الأولى على أساس حزبي وليس كمرشحين مستقلين وهو هنا يقدم على مغامرة كبيرة وخطرة . إذ لو فشل في تخطي العشرة في المئة فسيبقى بالكامل خارج البرلمان واللعبة السياسية وهذا له تداعياته المختلفة . لكن في المقابل لو تخطى حاجز العشرة في المئة المطلوبة لدخول البرلمان لأطاح حتماً حلم أردوغان بتعديل الدستور في البرلمان والانتقال إلى نظام رئاسي . وربما لن يستطيع حزب العدالة والتنمية الوصول الى رقم 330 نائباً . وفي حال لم تتراجع أصوات الأحزاب الأخرى ولا سيما حزبي الشعب الجمهوري والحركة القومية لاكتفى حزب العدالة والتنمية بالحصول على نحو 300 نائب وربما الاقتراب من رقم 276 الضرورية للاحتفاظ بالسلطة . وهو ما يفسر بدء أردوغان عملية الاستقطاب العرقي والمذهبي لكي يحول دون أن يحظى حزب الشعوب الديمقراطي بتأييد فئات تركية، لا كردية . وفي إطار ذلك أتى الاشتباك المسلح بين الجيش التركي بتحريض من أردوغان وحزب العمال الكردستاني على ما يرجحه أغلبية المراقبين .
(الخليج)