مقالات مختارة

إلى المعارضة: نوريت كنتي

 

في الوقت الذي تتخبط فيه عملية تشكيل الحكومة فان على هرتسوغ الاعلان أنه متوجه إلى المعارضة. وهو بذلك يحرك من جديد عجلات الدولة ويقود إلى اعادة الاستعداد لحزب العمل

فوز الليكود في الانتخابات خلق الانطباع وكأن الحكومة القادمة في جيب نتنياهو. حتى لو كان هذا هو الوضع فان العملية ما زالت تتخبط، ليس فقط بسبب المطالب المبالغ فيها «للشركاء الطبيعيين» ومحاولات الخروج من هذا المأزق أو ذاك.

يبدو أن هذا التخبط جاء من اجل اعطاء اشارات لشركاء الليكود بأن هناك بدائل (أي المعسكر الصهيوني أو حتى يوجد مستقبل)، أو اعطاء اشارات للبدائل الاخرى بأنها ما زالت في الحسبان. ولكن في السياسة كما في السياسة فان أحدا لا يأخذ الجمهور في الاعتبار. منذ أشهر والدولة عالقة. موظفون في جهاز الخدمة العامة يديرون وزاراتهم على نار هادئة، الاصلاحات عالقة، الميزانية متأخرة ـ فقط اجهزة الطرد المركزي مستمرة في الدوران. لدينا وقت.

وكأن المزارعين في العربة غير منهارين ولا ينتظرون وزير زراعة يجلس في مكتبه، وكأن الطلاب في إسرائيل لا يواصلون الخروج إلى اجازاتهم الطويلة والعودة إلى صفوف مكتظة جدا، وكأنهم في الشرطة لا ينتظرون تعيين مفتش عام جديد ليصلح هذه المؤسسة المضروبة، وكأن البحر الميت لا يواصل جفافه وغيرها من المشكلات المختلفة.

الآن واضح أن مشروع القانون الاول الواجب وضعه على طاولة الكنيست عند عودتها من عطلتها (لقد عمل اعضاء الكنيست كثيرا جدا من اجل انتخابهم والآن يستحقون الراحة على حسابنا)، مشروع القانون هو تقصير الفترة المعطاة لرئيس الحكومة لتشكيل الحكومة. اذا لم يكن هناك وقت لاطالته فانهم سيقومون بلعب لعبة الوزارات حسب قواعد مختلفة تماما. يجب عدم القلق، الحكومة ستُشكل. يمكن تقصير هذا الامر إلى اسبوعين.

ولكن إلى حين عودة اعضاء الكنيست اليها يستطيع اسحق هرتسوغ انهاء الصمغ غير المسؤول هذا لتركيب الحكومة. ليس فقط من خلال تحمله مسؤولية مصير الدولة ولكن بسبب الاعتراف بحسم الناخب. عليه الخروج إلى الجمهور والقول له بصورة واضحة لا لبس فيها إنه لن تُشكل حكومة وحدة وطنية. في تقييم أولي يبدو أن اغلبية الناخبين للكنيست العشرين غير معنيين بحكومة وحدة. فماذا يوجد لحزب العمل في حكومة نتنياهو؟.

لقد ثبت مرارا وتكرارا أنه في الوقت الذي زين فيه ممثلوه اسم الحكومة في العالم فانهم لم ينجحوا في دفع عملية سياسية أو إحداث ثورات مدنية. ولم يحصلوا من الحكومة على انجازات، باستثناء الحقائب الوزارية، على شيء. ايضا من اجل الوصول إلى الحكم عن طريق الانتخاب لم ينجحوا بعد جلوسهم المطول في الحكومة. مرات قليلة جدا نجح حزب العمل في الفوز في الانتخابات منذ الانقلاب، وكان ذلك دائما من خلال وجوده في المعارضة.

اذا قام اسحق هرتسوغ بضم حزب العمل إلى الائتلاف فانه سيؤدي ثانية إلى انفصاله عن قيمه وأهدافه بدلا من القيام بالمراجعة واعادة اعداد الحزب من جديد ليكون مركز الثقل في الكتلة. حينها سيشبه حزب العمل ثانية من يزحف على ركبتيه مقابل الحقائب الوزارية، وسيتحول من نباتي إلى حيواني تحت غطاء الوحدة والحالة الطارئة، في حين أنه لا توجد طواريء في الأفق. كل ذلك بدون الحديث عن نتنياهو والليكود الذين حذروا من بوجي ومن هذا اليسار الذين سيتنازلون فورا وسريعا عن القدس ويفتحوا البوابة لداعش وباقي الأعداء اللدودين.

بشكل عام سيكون ذلك مضحكا اذا سقط اولئك من «فقط ليس هو» في أحضان «فقط ليس هم». لقد حان الوقت لأن يتمسك هؤلاء واولئك بما أعلنوا عنه في الانتخابات ويخدموا الجمهور الذي انتخبهم على أساس هذه التعهدات. بدلا من الصمت المدوي في الآونة الاخيرة من جانب زعماء المعسكر الصهيوني، وبدلا من الاجابات الضبابية التي تقول «لم يتصلوا، واذا اتصلوا سنحضر، واذا حضرنا فلن ننجح في الوصول إلى اتفاق».

على هرتسوغ الاعلان بدون تردد وبدون وضع كلمات تحفظ يستطيع على ظهرها التسحب إلى الحكومة، أن وجهته هي المعارضة، من خلال قيامه بذلك يوضح جيدا كيف ستُشكل الحكومة، سيُقرب تشكيلها وسيُسرع تحريك عجلات الدولة. وفي طريقه إلى ذلك فانه يقدم خدمة حيوية لحزب العمل الذي يحتاج إلى التفكير بمسار جديد.

معاريف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى