اللبنانيون والحكومة المستحيلة: عمر عبد القادر غندور*
وصل إلى بيروت أمس مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأدنى باتريك دوريل لحثّ الأطراف اللبنانية على تنفيذ تعهّداتهم بشأن المبادرة الفرنسية التي استدعت حضور الرئيس الفرنسي ماكرون مرتين الى بيروت في خلال شهر واحد.
الا انّ المبادرة بقيت في المربع الأول منذ تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة الجديدة. وقد توهّم كثيرون انّ الرئيس الحريري سيُشكل الحكومة في غضون ثلاثة ايام، لكن مضى على تكليفه 20 يوماً ولم تتشكل الحكومة ولا يبدو أنها ستتشكل في المدى المنظور، وما زال الأمل يُلهم الرئيس الفرنسي، على امل ان تفطن المنظومة السياسية الى حجم التصدّع الذي سيصيب الهيكل المتداعي وينهار على رؤوس الجميع، في ضوء ما تسرّبه الدول المحيطة من انّ لبنان لن ينال فلساً واحداً ما لم يحصل تغيير في أداء الحكومة لجهة التضييق على حزب الله!
والصحيح انّ التضييق على حزب الله وعدمه ليس سبباً في تأخير ولادة الحكومة، بل السبب في تناحر القوى السياسية على الحقائب بعد ان جرى تصنيفها بين حقائب سيادية وأخرى ثانوية والمداورة ومن يسمّي الوزراء وغير ذلك من عوائق ومطبات وحساسيات، كلها تنهش في ما بقي من العهد ولا ندري ما اذا كان المستشار الفرنسي يستطيع تدوير الزوايا بين أكلة الجبنة؟ وما إذا كان سيبلّغ المتخاصمين والمتشاكسين انّ فرنسا يكفيها من الرزايا والكوارث وانّ لبنان سقط في امتحان حسن النوايا واحترام التعهّدات وانتهاج سبل الإصلاحات، وعليه ان يتحمّل وزر طيشه واستخفافه ببلده وشعبه ويغادر…
ومما لا غبار عليه انّ اللبنانيين الذين من عادتهم الاختلاف على كلّ شيء، فهم متحدون متضامنون مفلسون وجائعون ومبتلون بكورونا ومتفاهمون على انّ الطبقة السياسية هي التي نهبت خيرات لبنان وتقاسمت ماله العام والمصارف اللبنانية لم تكن بريئة بفعل مصادرتها لأموال المودعين، وتحوّلت إدارات الدولة ووظائفها جوائز ترضية للأبناء والأزلام والمحاسيب وذوي القربى والمحظوظين على حساب عامة الشعب، حتى انّ الصدر يضيق بما فعل المتسلطون، ولا نعلم كيف تكون حكومة او حكومات على مدى ثلاثين عاماً تقدر على معالجة فظاعات هي مسؤولة عنها ونطلب منها ان تكون وكيلة على إفلاسها…
رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي
(البناء)