من الصحف البريطانية
تحدثت الصحف البريطانية الصادرة اليوم عن رؤية اغلب الناس للولايات المتحدة كدولة متنمرة بغض النظر عن هوية رئيسها، وعن مصير الديمقراطية في الولايات المتحدة أمام تحديات الرئيس دونالد ترامب.
نشرت صحيفة الغارديان مقالا كتبه الروائي المقيم في باكستان محمد حنيف يرى فيه أن أغلب الناس يرون الولايات المتحدة دولة متنمرة بغض النظر عن هوية رئيسها.
يقول محمد إن أصدقاءنا الأمريكيين قلقون بشأن رئيسهم. ويقولون لنا، حتى وإن كان على ما يبدو في آخر شهر له في الحكم، إن دونالد ترامب مريض، وإنه فاشي، ولا يملك مقومات الرئيس الأمريكي الحقيقي.
ولكنني باعتباري من الذين عانوا طويلا في عالم يحكمه الرؤساء الأمريكيون، أود أن أذكرهم أن ترامب لا يختلف كثيرا عن بقية الرؤساء الأمريكيين الذين عانيت أنا وغير الأمريكيين من سياساتهم في نصف قرن من الزمن.
ويضيف الكاتب أن الولايات المتحدة تنتخب دائما متنمرا لمنصب الرئيس وتطلب منه أن يذهب إلى العالم ويفعل ما يفعله الرؤساء، وهو محاربة الشر الذي هو بقية العالم. وفي الوقت نفسه يتوقعون من رئيسهم أن يكون طيبا داخل البلاد، ويتحدث عن الحلم الأمريكي والرعاية الصحية للجميع.
أما في الخارج فينشر الرؤساء الأمريكيون الخراب، ويجتاحون ويدمرون البلاد التي لا يستطيعون نطق أسمائها، ويستقبلون الديكتاتوريين من العالم كله في كامب ديفيد، ويجدون دمويين آخرين لاستبدالهم في مناصبهم.
وذكر الكاتب أن أول رئيس أمريكي عرفه وهو طفل كان نيكسون، الذي عزل بعد فضيحة ووترغيت. وخلال فترته الرئاسية، وقف متفرجا على إبادة الشعب البنغلاديشي، ووعد مرارا بالتدخل ولكنه في النهاية لم يكلف نفسه العناء، بحسب حنيف.
أما جيمي كارتر، في رأي الكاتب، فكان يبدو رجلا طيبا، أو ربما كان مترددا في التنمر. وربما سمع المرء مصطلح “حقوق الإنسان” لأول مرة في فترته الرئاسية، ولكن في تلك الفترة في باكستان التي أعيش فيها شنق ديكتاتور عسكري رئيس وزراء منتخبا هو ذو الفقار علي بوتو.
ومقابل ذلك، منح كارتر الجنرال ضياء الحق ملايين الدولارات في هيئة مساعدات لاستمالته. وقد رفض الديكتاتور الأمر لأن المبلغ كان قليلا في نظره.
ويستطرد الكاتب في سرد سير رؤساء أمريكيين آخرين وسياساتهم المتشابهة خارجيا على حد وصفه على الرغم من اختلافاتهم الداخلية. ويشبه الكاتب الرئيس الأمريكي بالمدير الذي يرعب الموظفين في العمل ولكنه في البيت يتعامل مع أهله بلطف وحنان.
نشرت صحيفة الفاينانشال تايمز مقالا كتبه غيديون راكمان يتحدث فيه عن مصير الديمقراطية في الولايات المتحدة أمام تحديات الرئيس دونالد ترامب.
ويقول غيديون إن الولايات المتحدة طالما احتفت بلقب “زعيمة العالم الحر”. وكانت الانتخابات الأمريكية مثالا حيا للديمقراطية. لكننا على موعد مع انتخابات نهايتها ليس لها مثيل. فالناس في كل العالم يتابعون عن كثب، ليس ما ستسفر عنه صناديق الاقتراع، وإنما أي مؤشرات للاحتجاج على النتيجة في المحاكم أو في الشارع.
فالأمريكيون كانوا يعتقدون أن فشل الديمقراطية تحتكره دول أخرى، لكن الواقع أن الديقراطية، بحسب الكاتب، يمكن أن تفشل في أي مكان. ويضيف أن الديمقراطية لا تقتصر على التصويت، بل تتطلب صحافة حرة وخدمات عامة قوية ومحاكم مستقلة ودستورا، وأهم من ذلك الثقافة الديمقراطية التي يقبل فيها الخاسرون نتيجة الانتخابات.
ويرى الكاتب أن القوانين المختلفة في كل ولاية بشأن كيف يصوت الناخبون وكيف تفرز الأصوات تثير كثيرا من اللبس. كما أن ترديد ترامب لمسألة أن التصويت بالبريد يفتح الباب للتزوير مؤشر على أنه قد يشكك في نزاهة النتيجة.
وبالتالي من المحتمل أن تنتهي نتيجة انتخابات 2020 في أروقة المحاكم. وهذا ما يؤكد أهمية استقلالية السلطة القضائية في النظام السياسي الديمقراطي.
وختم الكاتب بالقول إن فشل الديمقراطية في مصر أو العراق مأساة للدولة المعنية، ولكن فشلها في الولايات المتحدة سيكون مأساة عالمية.
نشرت صحيفة الاندبندنت مقالا افتتاحيا ترى فيه أن دونالد ترامب مهدد في الانتخابات الرئاسية بفيروس كورونا أكثر مما هو مهدد بمنافسه جو بايدن.
وتذكر الصحيفة أن الرئيس الذي يسعى لفترة رئاسية ثانية لا يخسر الانتخابات عادة إلا أمام مرشح يتمتع بشخصية قوية يمنح للناخبين الأمل في غد أفضل، ولكن “جو الناعس” ليس من فئة هؤلاء المرشحين.
وترى الصحيفة أن ترامب يتباهى دائما بقوة الاقتصاد ويعتمد عليه في الحملة الانتخابية، وبغض النظر عن تصريحاته المبالغ فيها عن “أعظم اقتصاد في التاريخ” فإن أداء الاقتصاد الأمريكي كان جيدا نسبيا. وبحلول فبراير/ شباط الماضي، كانت مؤشرات الرضا عن أداء ترامب إيجابية، ولو جرت الانتخابات آنذاك لفاز بفترة ثانية.
لكن أخطاءه توالت وعرضتها وسائل الإعلام الكبرى، وساهم هو شخصيا في مفاقمتها بتصريحاته ومواقفه وسياساته، مثل بناء الجدار الذي لم يكتمل، ومعاملته للأطفال اللاجئين، وفشله في منظومة الرعاية الصحية، والقرصنة الالكترونية الروسية، والمكالمة الهاتفية مع أوكرانيا، والسجالات مع الأصدقاء والخصوم.
وعلى الرغم من كل هذا، تقول الاندبندنت إن قاعدته الانتخابية ظلت على العهد متمسكة به. فالكثير من أنصاره مازالوا يحبونه.
لكن التحول بدأ، بحسب الصحيفة، مع مرض كوفيد-19 وانفجار الغضب بخصوص المشاكل العرقية. فقد هشمت القضيتان حظوظ الرئيس لدى قطاعات واسعة من الناخبين، والكثير منهم في ولايات يحتاج الحفاظ عليها في الانتخابات.
هاتان القضيتان كانتا بمثابة أزمتين غير متوقعتين، من شأنهما اختبار قدرات أي شخص على رأس هرم السلطة. لكن هذا هو محور الأمر، فالقادة يُنتخبون كي يقفوا مستعدين لمواجهة التحديات الاستثنائية.
ومثل هجمات سبتمبر/ أيلول 2001 أو بيرل هاربور أو الكساد العظيم أو حرب فيتنام، فإن تقييم الرؤساء الأمريكيين يعتمد على قدرتهم على قيادة الولايات المتحدة إلى بر الأمان. ولقد تعثر ترامب حين ساءت الأمور.