من الصحافة اللبنانية
أبرز ما ورد في عناوين وافتتاحيات بعض الصحف اللبنانية
الأخبار: سعد الحريري: انقلاب أم تفاهم؟
كتبت صحيفة “الأخبار” تقول: عاد سعد الحريري إلى الواجهة من دون قناع. لم تكن استقالته استجابة لمطالب انتفاضة 17 تشرين، وليست عودته مطلباً شعبياً. عاد لأنه يعتبر أن رئاسة الوزراء حقّه الطبيعي. وعاد واعداً بأنه هو نفسه، من كان أحد أسباب الانهيار، يحمل مشروعاً للخروج من هذا الانهيار. لم يتضح بعد أيّ طريق سيسلك. هل يستكمل الانقلاب الذي بدأه مصطفى أديب، عبر محاولة فرض أعراف جديدة تتخطّى موازين القوى في مجلس النواب، أم يسعى إلى تفاهمات سياسية لتأليف حكومة اختصاصيين؟ لا يزال التنبّؤ بالأمر صعباً بانتظار متابعة كيفية التعامل مع التيار الوطني الحر. هل تختلف آلية العمل بين التكليف والتأليف، أم يصرّ على إقصائه فيكون له رئيس الجمهورية بالمرصاد؟
دار الدولاب وعاد سعد الحريري مكلّفاً تأليف الحكومة. عندما استقال في أواخر تشرين الأول 2019، بدت خطوته هروباً من تحمّل المسؤولية (وإن ألبسها لبوساً ثورياً). وعندما عاد أوحى أنه جاهز لتحمل المسؤولية. ما الذي تغيّر في هذا العام بالنسبة إليه؟ هل سيتمكن من يدّعي امتلاك مفتاح الخروج من الانهيار أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء؟ عندما استقال كان سعر الدولار 1780 ليرة، وعندما عاد احتفل الناس لأن الدولار تراجع إلى حدود الـ 7000 ليرة. إذا كان هو المنقذ حالياً، فهذا يعني أنه كان كذلك عندما استقال، وكان كذلك يوم رفض العودة، لكنه فضّل المساهمة بتعميق الانهيار، بعدما سبق أن كان واحداً من المؤسسين له.
عندما استقال منذ عام سنحت له الفرصة مجدداً للعودة متسلّحاً بالورقة الإصلاحية التي وافق عليها مجلس الوزراء قبل استقالته. لم يوافق على التكليف حينها بحجة عدم تأييده من قبل الفريقين المسيحيين الأكبر، لكنه عاد ووافق اليوم. يبدو واضحاً إذاً أن القرار كان متخذاً بترك السفينة تواجه الغرق. واليوم، ولما كادت تغرق، يُراد تعويمها. عند الاستقالة قيل إن القرار أو “النصيحة” أتت من جاريد كوشنير، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومستشاره. هل العودة اليوم محمية بـ”نصيحة” أخرى، مرتبطة بمفاوضات الترسيم وأجواء تهدئة إقليمية، من اليمن إلى بغداد مروراً بسوريا ولبنان؟ من يعرف الحريري يدرك أن إصراره على الحصول على التكليف ليس وليد بنات أفكاره. من دون إيعاز لا يمكنه المغامرة. والإيعاز لا يمكن أن يكون فرنسياً فقط، وإن أكثَر من التعبير عن الحرص على المبادرة الفرنسية.
اللافت أنه بالرغم من الانقسام السياسي الكبير، إلا أنه تمكّن من الحصول على 65 صوتاً، تمثل عملياً نصف عدد النواب حالياً زائد خمسة. كتلة القومي كانت المفاجأة، كما النائبين جهاد الصمد وعدنان طرابلسي. أيّدوا الحريري، كما فعل النائب جان طالوزيان، مخالفاً موقف كتلة القوات. كتلة الطاشناق لم تتأثر بكل الضغوط لثنيها عن قرارها، فأصرّت على السير بتسمية الحريري. كان للرئيس نبيه بري دور رئيسي في إقناع كتلتَي “القومي” والطاشناق بتسمية الحريري، رغم محاولة السفير السوري، علي عبد الكريم علي، إقناعهما بالعكس. المفارقة أن ما سبق أن أعلنه نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي تحقّق. تمكّن الحريري من الحصول على 22 صوتاً مسيحياً بالتمام والكمال. وهذه تقارب 40 في المئة من عدد النواب المسيحيين الذين شاركوا في الاستشارات.
بالنتيجة، حصل الحريري على تسمية 65 نائباً، فيما لم يسمّ 54 نائباً أحداً. وهؤلاء نصفهم على الأقل لا يعترضون على عودة الحريري إلى السراي، وأبرزهم حزب الله. وبعد أن أبلغ الرئيس ميشال عون الحريري بنتيجة الاستشارات، بحضور بري، خرج الأخير، رافضاً استمرار التشاؤم على خلفية الخلاف الكبير بين الحريري والنائب جبران باسيل. قال إن “الجو تفاؤلي بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري”. أضاف: “سيكون هناك تقارب بين تيارَي المستقبل والوطني الحر”. أما الحريري، فقد خرج ببيان مقتضب وضع فيه الخطوط العريضة لمرحلة التأليف. وتحدّث عن “تشكيل حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين، مهمتها تطبيق الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية الواردة في ورقة المبادرة الفرنسية، التي التزمت الكتل الرئيسية في البرلمان بدعم الحكومة لتطبيقها”. كما أبدى عزمه “العمل على وقف الانهيار الذي يتهدد اقتصادنا ومجتمعنا وأمننا، وعلى إعادة إعمار ما دمّره انفجار المرفأ الرهيب في بيروت”، معلناً أنه سينكبّ على “تشكيل الحكومة بسرعة، لأن الوقت داهم، والفرصة أمام بلدنا الحبيب هي الوحيدة والأخيرة”.
لكن هل سيكون بالإمكان تشكيل حكومة بسرعة؟ ما حمله التكليف من عقد يؤكد أن التأليف لن يكون سهلاً. أمامه عقبات كبيرة، أولاها كيفية التعامل مع الحالة العونية في تلك المرحلة، وثانيتها كيفية التوصل إلى اتفاق على برنامج الحكومة.
باسيل كان رأى أن “هذا التكليف مشوب بضعف ونقص تمثيلي يتمثل بهزالة الأرقام وغياب الدعم من المكوّنات المسيحية الكبرى، ومن يحاول التغاضي عنه يحاول إعادتنا إلى الوصاية السورية وهذا لن يحصل”.
ما قاله باسيل من بعبدا يرسم خارطة طريق مرحلة التأليف: “التيار مع حكومة إصلاح من اختصاصيين برئيسها ووزرائها وجو المبادرة الفرنسية كذلك، ولذلك فإن تسمية شخص سياسي بامتياز، أدت إلى عدم تسمية التيار لأحد”. خلاصة قوله بأن التيار الذي انحنى أمام عاصفة التكليف سيقف في المرصاد في مرحلة التأليف. وهذا استكمال لموقف رئيس الجمهورية، الذي أعاد التذكير، في مؤتمره الصحافي أول من أمس، أن التأليف يمرّ من بعبدا، وإذا كانت الاستشارات ملزمة، فإن توقيعه هو ملزم لمن يودّ تأليف حكومة.
مشاورات التأليف بدأها الحريري أمس. استعاض عن الزيارات لرؤساء الحكومات السابقين باتصالات هاتفية، على أن يُفتح المجلس النيابي اليوم ليجري الرئيس المكلّف الاستشارات مع الكتل النيابية، تمهيداً لبدء التواصل الفعلي لتشكيل الحكومة. هنا لا تزال الأمور ضبابية. أمام الحريري خيار من اثنين، إما يسعى إلى تنفيذ الانقلاب الذي فشل مصطفى أديب في تنفيذه، فيذهب باتجاه المواجهة من الخاصرة الرخوة لفريق 8 آذار، أي التيار الوطني الحر، ومن خلفه رئيس الجمهورية، فيرفض التفاوض معهما أو التنسيق معهما بشأن الأسماء والبرنامج، وإما يسير بتفاهم كامل مع الكتل النيابية الممثلة في المجلس النيابية، تمهيداً لنيل حكومته الثقة، والبدء بالعمل للخروج من الانهيار كما أعلن.
إذا اعتمد المسار الأول فلن يكون مستبعداً أن يكون مصيره كمصير مصطفى أديب، الذي أثبتت الوقائع أن طرحه لحكومة يختار أعضاءها بنفسه ليس قابلاً للحياة، وستكون أمامه عقبتان كفيلتان بتطييره، الأولى عدم توقيع رئيس الجمهورية على أيّ تشكيلة لا يوافق على أسمائها، أو لا تكون له الحصة الأوزن في أسماء المسيحيين فيها، والثانية ثقة المجلس النيابي، التي لن تتمكن حكومة الحريري من الحصول عليها، إذا لم تكن الأكثرية مشاركة فيها بما تراه مناسباً.
مع ذلك، فإن الحريري إذا ذهب في خيار المواجهة، فلن يكون أعزلَ. هو يعتمد على مجموعة من العوامل التي يعتبر أنها تصبّ في مصلحته: رهان على ضغط فرنسي أو أميركي على عون للسير بتشكيلة يقدمها، “قدرته” على خفض سعر صرف الدولار، تمسك الجميع بالمبادرة الفرنسية، العقوبات الأميركية، والفكرة التي ردّدها في قصر بعبدا: أنا الفرصة الأخيرة.
في المقابل، إذا غامر الحريري بالرهان على تلك الخطوات، فإن الفريق الآخر لن يكون مكبّل اليدين، دستورياً وسياسياً. يكفي أن رئيس الجمهورية شريك في التأليف وفي التوقيع، ومن دونه لا شرعية لأي حكومة. ولذلك، فإن مصادر معنية تؤكد أن لا مجال لتكرار تجربة مصطفى أديب. وعندما طرح الحريري نفسه مرشحاً طبيعياً كان يدرك أن لاءات أديب لا يمكن أن تؤسس لإطلاق مسار جدي لتشكيل الحكومة. لذلك كان بديهياً أن يكون الحريري قد تجاوزها عندما طرح ترشيحه. هذا ما حصل بالنسبة إلى الحصة الشيعية التي اتفق على أن يسميها ثنائي حزب الله وأمل، وهذا ما حصل مع وليد جنبلاط الذي وعده بحقيبتين إحداهما وازنة. وحده التيار الوطني الحر تعامل معه الحريري كأنه غير موجود. لكن إذا كان الأمر شخصياً مع جبران باسيل، فهل يمكن أن يبقى كذلك عند اختيار الوزراء المسيحيين؟ مصادر معنية تجزم أن ما يصح على غير التيار يصح على التيار أيضاً. ولذلك، فإنه لا بد أن يكون حاضراً في مفاوضات التأليف بغضّ النظر عن الآلية. ذلك أمر لا يحتمله الحريري على الأرجح، لكن في مطلق الأحوال فإن رئيس الجمهورية سيكون له بالمرصاد. البداية اليوم من مجلس النواب. فهل سينجح بري في جمع الحريري وباسيل، لتكون حكومة الحريري الرابعة نسخة “مزيدة ومنقّحة” عن حكومة حسان دياب؟
النهار: بدأ مخاض التأليف والحريري مكلفاً يتمسك بتعهداته
كتبت صحيفة “النهار” تقول: يبدأ اليوم الرئيس سعد الحريري مخاضا بالغ المشقة لتأليف حكومة يعلق اللبنانيون والمجتمع الدولي أيضا آمالا مضخمة عليها، نظرا الى المهمات الاستثنائية التي تنتظرها والتي تحمل طابعا انقاذيا مصيريا للبنان الذي يشارف أخطر حلقات وفصول انهياراته ما لم يتم تداركها بما صار متعارفا عليه بحكومة المهمات المحددة وفق التسمية الرسمية للمبادرة الفرنسية. بدا الرئيس الحريري الذي صار منذ ما بعد ظهر امس رئيسا مكلفا لتشكيل حكومته الرابعة مدركا تماما للمصاعب والتحديات الكبيرة التي تنتظره، خصوصا وسط مفارقة رمزية واكبت تكليفه وبدء مرحلته الأصعب نحو تأليف الحكومة، اذ جاء تكليفه قبل أسبوع واحد من مرور سنة كاملة على استقالة حكومته الثالثة في 29 تشرين الأول 2019 عقب انطلاق انتفاضة 17 تشرين الأول. وترجم بيانه المقتضب بعد تكليفه هذا الادراك، علما ان الأجواء التي واكبت زيارتيه البارحة لقصر بعبدا في يوم الاستشارات النيابية الملزمة، وغداة الرسائل النارية التي وجهها رئيس الجمهورية ميشال عون في اتجاهه حصرا الى جانب قوى سياسية أخرى، عبر رسالته اول من امس، كانت تنبئ بالمناخ المشدود الذي جرت فيه الاستشارات وإعلان نتائجها وسط مخاوف سادت بعض الأوساط من مفاجأة خطيرة من نوع “تفويض” أصوات نواب لرئيس الجمهورية وقطع الطريق على تكليف الحريري بهرطقة دستورية مماثلة لتلك التي حصلت إبان عهد الرئيس الأسبق أميل لحود. ولكن ذلك لم يحصل وجرى التكليف بسلاسة والتقطت صور الرؤساء عون ونبيه بري وسعد الحريري في اجتماع التكليف الدستوري بما أرخى أجواء تبريد نسبية استعداد لـ”الجهاد الأكبر” مع انطلاق مخاض التأليف اليوم من خلال الاستشارات النيابية التي سيجريها الرئيس المكلف مع الكتل النيابية والنواب المستقلين في مجلس النواب. المعلومات المؤكدة عن استعدادات الرئيس الحريري لهذا الاستحقاق تفيد انه لم يضع الوقت منذ اعلن قبل أسبوعين في مقابلته التلفزيونية تنكبه لهذه المهمة وإطلاقه حركة المشاورات السياسية والنيابية الواسعة التي تولى بعضها بنفسه والبعض الاوسع الاخر بجولة وفد كتلة المستقبل على رؤساء الكتل والأحزاب الذين شاركوا في اجتماع قصر الصنوبر مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون. تبعا لذلك تشير المعلومات الى امتلاك الرئيس الحريري العناوين الرئيسية والأساسية لمسودته الحكومية بما فيها من تصورات لاسماء وزراء مقترحين تنسجم مواصفاتهم مع حكومة الاختصاصيين التي ينوي تأليفها كما تنسجم هذه التصورات في المضمون الإصلاحي الجوهري مع الورقة الاقتصادية التي وزعها وفد المستقبل على القيادات التي قابلها وهي ترتكز الى المبادرة الفرنسية. اما في ما يتصل بمسألة الوقت والزمن المقدر لتأليف الحكومة الجديدة، فيمكن القول ان أي تحديد استباقي سيكون امرا محفوفا بالتسرع وعدم الدقة لان الاختبار الكبير للتأليف لم ينطلق بعد، وسيكون انتظار المرحلة الأولى من “المفاوضات الشاقة” التي سيبدأها الرئيس المكلف فور انتهاء الاستشارات النيابية غير الملزمة عصر اليوم في مبنى المجلس في ساحة النجمة محطة استكشاف أولية للحكم على طبيعة المخاض وما اذا كانت ستبرز إمكانات تسهيل او تعقد فورية.
الديار: الحريري مكلفاً بارقام نيابية متواضعة .. “ضبابية” دولية ولا تأليف دون “تنازلات” واشنطن متمسكة بالعقوبات .. الضغوط الفرنسية غير كافية .. وتفاؤل روسي حذر تحريض على اللواء ابراهيم في واشنطن .. مؤتمر دمشق للاجئين “يربك” لبنان
كتبت صحيفة “الديار” تقول: دخل رئيس الحكومة سعد الحريري الى السراي الحكومي مكلفا لا مؤلفا،عشية ذكرى سقوطه في الشارع، بنقص ميثاقي مسيحي وضبابية دولية واقليمية حول حدود دعمه، وبعيدا عن تفاؤل رئيس مجلس النواب نبيه بري بتقارب بين التيارين “الازرق” و”البرتقالي”، لم يتبلغ احد في بيروت بعد بمعطيات خارجية وخصوصا اميركية تفيد بحصول تغيير دراماتيكي اتجاه الساحة اللبنانية سمحت بعودة الرئيس سعد الحريري الى الحياة السياسية من خلال تكليفه تشكيل الحكومة العتيدة، وعلى وقع حملة “مشبوهة” ضد المدير العام للامن العام في واشنطن، كررت الادارة الاميركية عبر مساعد وزير الخارجية ديفيد شينكر لازمة الاصلاح، ومكافحة الفساد، دون ان ينسى التوعد بفرض المزيد من العقوبات على حزب الله وحلفائه في لبنان، في المقابل فان الاجواء في موسكو لا تزال حذرة ازاء امكانية نجاح الرئيس المكلف في التاليف، كما اكدت اوساط دبلوماسية “للديار”، التي اكدت ان الضغوط الفرنسية غير كافية وحدها لتفكيك “الالغام”، بغياب الدعم السعودي – الاميركي، ولذلك فان “مغامرة” الحريري الشخصية للعودة الى الحياة السياسية، محفوفة بمخاطر الفشل، وهو لن ينجح في العودة الى السراي الحكومي، الا عبر تقديم تنازلات جوهرية لفريق رئيس الجمهورية وحزب الله اللذين لن يقبلا بالانقلاب على نتائج الانتخابات النيابية، ما سيؤدي حكما الى رفض غربي للتعامل معه في مشروعه “الانقاذي” الذي كان مبررا لعودته على راس الحكومة الجديدة، وهذا ما يجعل خياراته ضيقة وشديدة الصعوبة، وستكون الساعات المقبلة حاسمة لبلورة تصور واضح حول المسار الذي ستاخذه عملية التاليف، فاما ان يعود الى التسوية الرئاسية “بشروط” الميثاقية، او يذهب الى الاعتذار، او يحجز في “جيبه” ورقة التكليف لاستنزاف عهد الرئيس ميشال عون الذي يلعب الوقت ضده.
خيارات الحريري؟
وبعدما انتهت نتائج التكليف المشوبة بضعف تمثيلي، ونقص ميثاقي مسيحي، بعد ساعات على تحميل رئيس الجمهورية ميشال عون النواب مسؤولية تسمية الحريري الذي نال 65صوتا، سجل اطلاق رصاص ابتهاجا في طرابلس وبيروت، وغاب “الشارع” عن الاعتراض على التكليف، لكن اللافت كان انخفاض سعر صرف الدولار في السوق السوداء وترواح بين 7250 و7150 ليرة.تبدأ اليوم رحلة التاليف عبر ممر الاستشارات غير الملزمة في مجلس النواب، وما لم يقدم الرئيس المكلف التنازلات فمن المتوقع أن يواجه نفس الصعوبات التي رافقت مصطفى اديب الذي انتهت تجربته بالفشل، واليوم على الحريري ان يجيب على اسئلة جوهرية اهمها : ماذا يعني بحكومة اختصاصيين غير حزبية وما هي قاعدة توزيع الحقائب طائفيا وسياسيا؟ هل سيقبل بان يكون حزب الله شريكاً علنيا فيها بصورة مباشرة أم بواسطة خبراء محسوبين عليه؟ هل سيصر كرئيس للحكومة على اختيار وتعيين الوزراء كما يريد أم سيكون خاضعاً لإملاءات القوى السياسية وخصوصا التيار الوطني الحر بعدما قدم وعوده “للثنائي الشيعي” والحزب التقدمي الاشتراكي؟
“هوامش” ضيقة
وفي هذا السياق، يبدو هامش الحريري ضيقا، وخياراته ليست كثيرة، وهو لا يمكنه الاتكال على الضغوط الفرنسية والاميركية، لفرض تشكيله على حزب الله الذي يصر على معرفة مسبقة ببرنامج عمل الحكومة وتسمية وزرائه بالشراكة مع حركة امل، وسينطلق التفاوض الجدي مع “الثنائي” بعد انتهاء الاستشارات غير الملزمة في ساحة النجمة اليوم، حيث لم تحسم بعد مسالتي تسمية الوزراء الشيعة وجدول الاعمال الاقتصادي للحكومة.. كما لا يمكن للحريري فرض شروطه على العهد وتياره السياسي، وليس امامه الا العودة الى التسويات من خلال التفاوض على الحصة المسيحية مع التيار الوطني الحر المتسلح بتوقيع الرئيس، وغير ذلك يعني اننا سنكون امام مراوحة قاتلة لن تؤدي حكما الى اعتذاره، لان ثمة من يعتقد في “بيت الوسط” ان الحريري بات اليوم “ضيفاً ثقيلا” في بعبدا وبات اكثر قوى سياسيا لانه يملك “مفتاح تعطيل” العهد فيما تبقى من مدة رئاسية حيث يمكن للحريري ان يضع “التكليف” في جيبه ويعطل تكليف اي رئيس آخر بالحكومة، وهو يعتقد ان الوقت لا يعمل لصالح رئيس الجمهورية المستنزف بعامل الوقت.
في المقابل، ترى اوساط سياسية معنية بالملف ان التاليف لن يحصل حكما قبل نتائج الانتخابات الاميركية، وبعده سيكون لكل حادث حديث، فاذا نجح ترامب سيكون الحريري اكثر تشددا، واذا فاز بايدن، سنكون امام تسوية حتمية بسقوف واقعية تتناسب مع التوقعات بعودة الادارة الاميركية للجلوس على “الطاولة” مع ايران.
تفاؤل بري والحريري!
وفي وقت اشاع رئيس مجلس النواب نبيه بري اجواء تفاؤلية من قصر بعبدا متحدثا عن تقارب بين الرئيسين عون والحريري، وبين “التيارين”،اكدت اوساط سياسية مطلعة ان بري سيفعل تحركه لايجاد قواسم مشتركة بين الطرفين تؤدي الى تسوية حكومية ترضي الطرفين، من جهته رد الرئيس المكلف سعد الحريري عند سؤاله عن ايجابيته امس بالقول إنها البداية واذا كانت مصلحة البلاد تتطلب تفاهما مع الجميع فمن المفترض تغليب مصلحة البلد، وعن امكانية لقاء الحريري مع النائب جيران باسيل خلال الاستشارات النيابية غير الملزمة والتي سيلتقى خلالها رؤساء الكتل النيابية اليوم، اكتفى بالصمت دون ان يجيب على السؤال.. في المقابل، لم يحسم باسيل أمره أيضا، وتجري مساع حثيثة لترتيب هذا اللقاء..
وبعيد تكليفه تشكيل الحكومة الجديدة ولدى مغادرته القصر الجمهوري، ادلى الرئيس المكلف سعد الحريري بتصريح مقتضب، جدد فيه التأكيد ان الحكومة ستكون من اختصاصيين غير حزبيين واعدا بتشكيل الحكومة بسرعة، لأن الوقت داهم، والفرصة امام بلدنا هي الوحيدة والاخيرة. واجرى الحريري اتصالات هاتفية برؤساء الحكومة السابقين سليم الحص، نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، تمام سلام وحسّان دياب، وبحسب بيان صادر عن مكتبه الاعلامي، توافق معهم على الاكتفاء بالتشاور الهاتفي استثنائيا لدواع امنية، وتمنوا له التوفيق في مهامه لتشكيل حكومة لوقف الانهيار واعادة اعمار ما دمّره انفجار مرفأ بيروت.
الجمهورية: الحريري يعتدل ويستعجل التأليف… والكتـــل تحدّد تصوّرها اليوم
كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: نجح الرئيس المكلف سعد الحريري في خوض معركة تكليفه متجاوزاً المطبّات التي وضعت في طريقه وخرج بـ65 صوتاً (الاكثرية النيابية المطلقة)، ولكن هل انّ نجاحه في معركة التكليف سينسحب على التأليف الذي تختلف حساباته فيه عن حسابات التكليف لجهة التوازنات داخل الحكومة والأحجام والحقائب وغيرها الكثير؟ أما الإيجابيات التي ظهرت من خلال المواقف التي أطلقها أكثر من مرجع ومسؤول، فهي طبيعية في مفاصل من هذا النوع، ولكنها لا تتعدى النيّات التي تصطدم بالوقائع المعقدة على الأرض.
وأن يبدأ الرئيس المكلّف استشاراته النيابية اليوم في مؤشّر إلى رغبته في تسريع تأليف الحكومة، فهذا لا يعني انّ التأليف سيتحقق سريعاً إلّا في حال تم التوافق والاتفاق على شكل الحكومة التي ما زالت مدار خلاف بين من يريدها تكنوسياسية، وبين من يريدها من اختصاصيين غير حزبيين، وقبل حسم هذا الخلاف لا يمكن الانتقال إلى الطبقة الثانية المتصلة بالأحجام داخل هذه الحكومة والحقائب، هذه الطبقة بالذات التي كان يدور كل الخلاف حولها قبل مرحلة 17 تشرين، ويستغرق تأليف الحكومات أشهراً. فيما نقلت وكالة “رويترز” عن ديبلوماسي أميركي كبير قوله: “يجب أن تلتزم حكومة لبنان الجديدة بالإصلاح وإنهاء الفساد”.
وستؤكد الكتل النيابية اليوم للحريري رؤيتها لطبيعة الحكومة العتيدة، وتتجه الأنظار في هذا الصدد إلى تكتلي “لبنان القوي” و”الوفاء للمقاومة”، خصوصاً انّ الثنائي الشيعي يتمسّك بتسمية الوزراء وحقيبة وزارة المال، فيما لا يعتبر “التيار الوطني الحر” الرئيس المكلف اختصاصياً، بل يعتبره سياسياً بامتياز، ما يعني أنه سيبدأ البحث معه من توزير سياسيين قبل ان ينتهي بعد أسابيع أو أشهر إلى توزير اختصاصيين على غرار الحكومة المستقيلة ولكن اختيارهم تتولّاه الكتل النيابية لا الرئيس المكلف.
فإذا سلّم الحريري بهذه القاعدة تتشكّل الحكومة ويصبح الخلاف حول التفاصيل المتصلة بالتوازنات، وإذا لم يسلِّم فلن تتشكّل وقد يضطر إلى الاعتذار، لأن لا “الحزب” ولا “التيار” في وارد الموافقة على حكومة لا يُمسكان بمفاصلها، وكلام الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله كان شديد الوضوح في إطلالته التي رَدّ فيها على اتهامات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للحزب بأنه ليس في وارد القبول بتغيير قواعد التأليف الحكومي المتّفق عليها منذ العام 2005.
ومع انتهاء جولة الاستشارات النيابية غير الملزمة بنتائجها، يبدأ البحث الجدي في التأليف الذي سينتظر بطبيعة الحال نتائج الانتخابات الأميركية التي صارت على الأبواب، لأنّ أحداً ليس في وارد الإقدام على اي خطوة قبل معرفة الاتجاهات التي ستسلكها المنطقة.
اللواء: الحريري يتقدّم إلى “حكومة المهمة”.. وبري على خط “لغم باسيل” مشاورات التأليف تقنية في ساحة النجمة اليوم.. و3 شروط أميركية للدعم مع عصا العقوبات
كتبت صحيفة “اللواء” تقول: يبدأ اليوم الرئيس المكلف سعد الحريري اختبار “مكامن” الكتل النيابية، التي سمته، وتلك التي لم تسمه، في تأليف “حكومة مهمة” لستة اشهر، من اختصاصيين، غير حزبيين، وفقا لمندرجات المبادرة الفرنسية، من اجل امرين: وقف الانهيار واعادة اعمار بيروت بعد انفجار 4 آب الماضي.
ومن قصر بعبدا، وبعد تسميته، في لقاء جمعه الى الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، ذكر الرئيس الحريري بأن الكتل التزمت في قصر الصنوبر، باللقاء مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، في 2 ايلول الماضي بتطبيق المبادرة الانقاذية، وبدعم تأليف حكومة مهمة.
واعلن الرئيس الحريري انه عازم على الإلتزام بوعده للبنانيين بالعمل على وقف الانهيار، وبأقصى سرعة، فالوقت داهم، والفرصة المتاحة هي الوحيدة والأخيرة.
ولاحظت مصادر مطلعة ان الرئيس الحريري بعدما نجح في فرض تسمية رئيس الحكومة المكلف من دون التنسيق والتشاور المسبق مع النائب جبران باسيل كما كان يحدث في حكومتي العهد الاولى والثانية وما ادى اليه هذا الخلاف الحاد من جفاء وانقطاع التواصل بينهما، ولدى لقاء الرؤساء الثلاثة لابلاغ الرئيس الحريري بنتائج الاستشارات النيابية الملزمة وعدد النواب الذين ايدوه، تدخل بري لتبريد الاجواء واقترح إعادة التواصل بين الحريري وباسيل لتسهيل وتسريع خطى تشكيل الحكومة الجديدة ومباشرة مهماتها لإنقاذ البلد، على ان يشكل لقاء الحريري بكتلة لبنان القوي برئاسة باسيل في المشاورات غير الملزمة التي يجريها الرئيس المكلف اليوم بالمجلس النيابي اول خطوة على الطريق، على ان يليها بعد ذلك لقاءات اخرى بين الطرفين في وقت لاحق، لاعادة العلاقات بينهما الى طبيعتها.
وقد عبر بري لدى مغادرته بعبدا عن فحوى الوساطة التي قام بها بالاشارة إلى ان تشكيل الحكومة يسير بأسرع ما توقع البعض، ووصف الأجواء بين عون والحريري بالايجابية في حين عبر رئيس الحكومة المكلف في وقت لاحق عن هذه الايجابية، بالقول انه اذا كانت مصلحة البلد تتطلب تفاهم الجميع ، فمن المفيد تقديم هذه المصلحة على ما عداها. وفي هذا الكلام يعكس الحريري ما قاله بري عن الايجابية التي طبعت اللقاء الثلاثي ومدلولاته.