من الصحف الاميركية
رصدت الصحف الاميركية الردود الدولية على المناظرة الأولى التي جمعت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومنافسه الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية جو بايدن.
ونقلت لوس انجلوس تايمز عن أحد المحررين الصينيين وصفه للمناظرة بالقول: “فوضى ومقاطعات ومهاجمات شخصية وشتائم”، بينما وصفها محرر أسترالي بأنها “كانت غارقة بالحقد الذي يجتاح أمريكا”.
وكان هناك اهتمام كبير في آثار المناظرة المحتملة على أهم انتخابات خلال سنوات، بعد أكثر من شهر بقليل. ولكن أول مقابلة بين الرئيس ترامب والمرشح الديمقراطي جو بايدن لم تكن تلك المناظرة السياسية في نظر الكثيرين خارج أمريكا.
ووصف محرر صحيفة “ذي اوستراليان”، بول كيلي، المناظرة بأنها “حاقدة وفوضوية ومسيئة ومشاجرات متكررة خارجة عن السيطرة، حيث أظهر كلا المرشحين احتقاره للآخر“.
وأضاف كيلي: “غمر الحقد الذي يجتاح أمريكا أول مناظرة بين ترامب وبايدن.. أمريكا تواجه عدة أسابيع خطيرة“.
وقال يوسي هانيماكي، أستاذ التاريخ الدولي الفنلندي السويسري في معهد جنيف: “يمكن اختصار التعليقات التي رأيتها في مختلف الصحف الأوروبية بالعبارة: “أنا سعيد بأنني لست ناخبا أمريكيا هذا العام‘”.
وقال: “كل ذلك مزعج جدا بالنسبة لكثير من الأوروبيين، الذين يعتقدون بشكل عام أن أمريكا هي رمز للديمقراطية.. التي لها هذا التقليد الطويل.. من المناظرات اللاذعة، ولكن كان هناك دائما منتصر ونقل سلمي للسلطة“.
وسخر المعلق الكيني باتريك كاثارا على تويتر: “هذه المناظرة يمكن أن تكون كوميديا، لولا كونها إعلانا حزينا عن فشل أمريكا“.
وكتبت رئيسة الوزراء الدنماركية ميت فريدريكسن على فيسبوك: “مناظرة سياسية في أمريكا الليلة الماضية، حيث سُمح للمقاطعات والشجار أن تشغل وقتا أكثر من اللازم. ولحسن الحظ، فإن ذلك ليس هو الوضع في الدنمارك. وآمل ألا يكون كذلك أبدا. فالكلام القاسي يسبب الاستقطاب والانقسام”.
نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية مقالا لهيئتها التحريرية وجهت فيه انتقادا حادا للسلطات في السعودية، على رأسها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، معتبرة أنه ازداد قسوة منذ مقتل الصحفي جمال خاشقجي.
ولفتت الصحيفة التي كان يكتب فيها خاشقجي بشكل منتظم، إلى أنه “مر عامان منذ مقتل المرموق جمال خاشقجي، وتعرّضه للذبح داخل القنصلية السعودية في إسطنبول. بقيت حقيقتان على حالهما طيلة تلك الفترة: لم تتحقق العدالة فيمن أمر بقتله وخطط لتلك الجريمة“.
أما الحقيقة الثانية، بحسب الصحيفة، فهي أن “ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، استمر في قمعه الوحشي الذي جعل نظامه الأكثر قسوة وإجراما في تاريخ البلاد الحديث“.
وأضافت أنه “على الرغم من أن ردة الفعل الدولية التي أعقبت مقتل خاشقجي جعلته منبوذا، إلّا أن ولي العهد لم يغير من سلوكه شيئا“.
ولتدلل على ما أوردته، لفتت إلى أنه “في ذروة ردة الفعل خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2018، وفقا لدعوى رُفعت في آب/ أغسطس الماضي، أرسل ابن سلمان فريق قتل آخر إلى كندا في محاولة فاشلة لقتل مسؤول الاستخبارات السابق المنفي سعد الجبري“.
وأكدت أنه منذ آذار/ مارس من هذا العام، اعتقل النظام السعودي أيضا اثنين من أبناء الجبري وأحد إخوته، واحتجزهم كرهائن بحكم الأمر الواقع، في محاولة لإجباره على العودة إلى المملكة.
ومن الأمثلة التي اهتمت بها الصحيفة أيضا على قسوة ابن سلمان، أنه “استمر في حبس الأمراء ورجال الأعمال والنشطاء الذين يعتبرهم مصدر تهديد، عادة من دون عناء توجيه الاتهامات إليهم حتى“.
وأكدت كذلك أنه “لم يُطلق سراح أي من الناشطات في مجال حقوق المرأة الذي يبلغ عددهن أكثر من عشرين ناشطة ممن تعرضن للاعتقال منذ عام 2018 بشكل كامل. ما زلن في السجن أو رهن الاعتقال المنزلي من دون إدانتهن بارتكاب جريمة إطلاقا“.
وأشارت إلى أنه “لم يُعاقب سعود القحطاني كبير مساعدي محمد بن سلمان الذي دبر مقتل خاشقجي واعتقال النساء وتعذيبهن. كما لم يتحمل محمد بن سلمان نفسه المسؤولية عن الأمر بارتكاب هذه الجرائم، على الرغم من أن وكالة الاستخبارات المركزية “سي آي أيه” وتحقيقات الأمم المتحدة خلصتا إلى أنه جدير باللوم في هذا الشأن“.
واعتبرت أن “السلوك الاستبدادي لولي العهد هو ما دفع خاشقجي، الذي كان يبلغ من العمر 58 عاما، إلى المنفى في الولايات المتحدة، بعد حياة مهنية أمضاها كصحفي في الجرائد السعودية الرئيسة وكمتحدث باسم السفارتين السعوديتين في لندن وواشنطن“.
وأضافت: “لم يكن خاشقجي يعتبر نفسه معارضا سياسيا، بل كان مؤيدا للإصلاحات السلمية من داخل النظام، بما في ذلك حرية التعبير وحقوق المرأة. ورحب بالتحرر الاجتماعي الذي طبّقه محمد بن سلمان، مثل افتتاح دور السينما والسماح للمرأة بقيادة السيارة، لكنه تساءل عن سبب اضطهاد الأشخاص الذين دعوا له. وتساءل في أحد أعمدة صحيفة البوست: لماذا يجب على السعوديين “الاختيار بين دور السينما وحقوقنا كمواطنين في التحدث علانية، سواء لدعم أو انتقاد تصرفات حكومتنا؟“.
وأوردت أنه “كان بإمكان ولي العهد أن يمنح مصداقية لمبادرته التحديثية المدعوة برؤية 2030، من خلال احتضان كتّاب مثل خاشقجي ونشطاء مثل لجين الهذلول السجينة، التي طالبت بحق المرأة في القيادة. وبدلا من ذلك، فقد أبعد المستثمرين الأجانب الذين يعتمد عليهم برنامجه بسبب سلوكه المتهور ووحشيته المروعة“.
وأكدت أن “محاولات ابن سلمان الأخيرة لتحسين صورته كانت تشمل أعمالا رمزية ضعيفة بشكل مثير للشفقة“.
وفي الشهر الماضي على سبيل المثال أعلن النظام السعودي عن الحكم على ثمانية عملاء من المستوى الأدنى بالسجن لمدد تتراوح بين 7 و20 عاما بتهمة قتل خاشقجي. كان ذلك، كما وصفته محققة الأمم المتحدة أغنيس كالامار، “محاكاة ساخرة للعدالة“.
وعُقدت المحاكمة سرا، ولم تُذكر أسماء المدانين. حتى يومنا هذا، لم توضح السلطات السعودية ما حدث لجثمان خاشقجي بعد أن تم تقطيعه بمنشار عظام، ولم تسلّمه لعائلته.
وقالت الصحيفة: “مع ذلك، فإنّ ولي العهد يأمل بإعادة تأهيل صورته من قبل قادة العالم المشاركين في قمة مجموعة العشرين المقرر عقدها حاليا في الرياض في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل. على الرغم من أن جائحة كوفيد-19 المستمر أجبرت السعوديين على عقد قمة افتراضية، إلا أنهم سيظلون هم المضيفون، ما يسمح لابن سلمان بالظهور كقائد عالمي في وضع جيد إلى جانب البريطاني بوريس جونسون والفرنسي إيمانويل ماكرون والألمانية آنغيلا ميركل والكندي جَستِن ترودو من بين آخرين“.
وأضافت: “ناهيك عن الرئيس ترامب الذي برّأ جريمة محمد بن سلمان ضد خاشقجي بعد أسابيع من وقوعها، ثم تفاخر أمام بوب وودوارد من صحيفة البوست بأنه أنقذ مؤخرته“.
ولفتت إلى أنه “في حال عقد اجتماع مجموعة العشرين، حتى وإن كان عبر الإنترنت، فيجب أن يُعرف باسم قمّة الإفلات من العقاب“.
وقالت: “ستكون نتيجتها الوحيدة ذات المغزى هي السماح لمحمد بن سلمان باستنتاج أنه حر في قتل الصحفيين الآخرين وتعذيب المزيد من الناشطات في مجال حقوق المرأة من دون عواقب“.
وختمت بالقول: “كان القادة الديمقراطيون يتحدثون عن الحاجة إلى دعم القيم الليبرالية التي تتعرض لهجوم من الصين وروسيا والأنظمة الاستبدادية الأخرى والدفاع عنها. قد تكون الطريقة الممتازة للبدء في ذلك هي اشتراط مشاركتهم في قمة مجموعة العشرين بإطلاق سراح محمد بن سلمان للسجناء السياسيين وتحمله المسؤولية الكاملة عن مقتل خاشقجي“.