من الصحف البريطانية
اعتبرت احدى الصحف البريطانية الصادرة اليوم ان الأحمق وحده من يستبعد ترامب من الفوز في انتخابات الرئاسة المقبلة في الولايات المتحدة.
محذرة من التسرع في الحكم على ترامب بالهزيمة، وإن كان تلقى ضربات موجعة، قبل المناظرة المرتقبة مع منافسه جو بايدن.
وقالت الغارديان إن الرئيس المنتهية ولايته يُقبل على الانتخابات المقبلة بشعبية منهارة لدى الأمريكيين، وموقع سيء في استطلاعات الرأي. وليس هناك أي مؤشر على أن هذه الصورة ستتغير في الأسابيع القليلة المقبلة.
واشارت إلى أن واقع فترة ترامب هو أن الأمريكيين لا يحبونه. فشعبيته لم تتجاوز 50 في المئة منذ انتخابه. كما لم يتفوق على جو بايدن في استطلاعات الرأي منذ خريف 2019.
وربما يتوقع البعض أن تعامل ترامب مع وباء فيروس كورونا، وتسجيل اعترافه بالكذب بشأن خطورة المرض سيجعل الرئيس الأمريكي يفقد رصيده الشعبي.
ولكن الواقع أن شعبيته عند الناخبين الأمريكيين لا تزال مستقرة بين 42 و43 في المئة على الرغم من كل التطورات والأحداث التي مرت بها الولايات المتحدة والعالم بما فيها انتشار وباء فيروس كورونا. ولقد قال ترامب مازحا ذات مرة إن بوسعه أن يطلق النار على شخص في نيويورك دون أن يخسر شعبيته.
ورات أن سبب دعم قطاع كبير من الأمريكيين “لهذا الرئيس الفاشل” مسألة جديرة بالبحث، ولكن ما يهم اليوم أنه لم يكسب المزيد من الأنصار.
نشرت صحيفة الغارديان مقالا لجوناثان فريدلاند وهو مساهم منتظم في مجلة “نيويورك ريفوي أو بوكس”، ويقدم برنامج “ذي لونغ فيو” على إذاعة “بي بي سي 4″، وحصل عام 2014 على جائزة “أورويل” الخاصة للصحافة وألف العديد من الكتب.
بتنا نعلم أن الديمقراطية الأميركية ستكون على المحك في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، ولكن ماذا عن الولايات المتحدة ذاتها؟ أيُحتمل ألا تكون نزاهة الديمقراطية الأميركية وحدها على المحك، بل سلامة البلاد بأكملها؟
قد يبدو هذا الافتراض محض مغالاة، ولكن لنبدأ مع المخاطر المحدقة بالنظام الديمقراطي الأميركي التي تتوضح يومًا بعد يوم. ففي الأسبوع الجاري فقط، أجاب دونالد ترامب عمّا إذا كان سيلتزم بالانتقال السلمي للسلطة في حال تعرّض للخسارة الانتخابية، بقوله: “حسنًا، سنرى ما سيحدث”. ليقوم البيت الأبيض بعد ذلك، بتوضيح كلمات الرئيس بالتأكيد على أنه ما من شك أن ترامب سيقبل نتائج “انتخابات حرّة وعادلة”. لكن هذه الصياغة تحتوي على تحذير ضمني: فماذا سيحدث إذا ما قرر أن الانتخابات “ليست عادلة ولا حرّة”؟ ففي نهاية المطاف، لقد صرّح ترامب مرارًا وتكرارًا، بأن فوز جو بايدن بالانتخابات، لن يعني سوى أن الانتخابات “زوّرت“.
أما عن تفاصيل احتمالات تجلّي ذلك، فقد طُرحت هذا الأسبوع في مقال مروّع بقلم بارتون جيلمان، في مجلة “ذي أتلانتيك” تحت عنوان “الانتخابات التي يمكن أن تحطم أميركا” تحدث فيه عن الأساليب التي ينتهجها ترامب لتقويض الانتخابات الرئاسية المقبلة. فقد باتت العديد من المخاطر معروفة الآن؛ إذ يكدّ الجمهوريون بالفعل من أجل جعل المنافسة الانتخابية ساحة غير متكافئة، إدراكًا منهم أن استطلاعات الرأي تظهر عدم قدرتهم على الفوز في منافسة سويّة. وقد “طهّروا” القوائم الانتخابية من ناخبين ديمقراطيين محتملين (فقد أزيلت أسماء مئات الآلاف منهم في ولايات مختلفة، وبحجج متعددة). كما وعطلوا هيئة البريد لمنع وصول بطاقات الاقتراع التي من المرجح أن تفضل الديمقراطيين، في وقتها المناسب.
وبمجرد أن تُغلق صناديق الاقتراع، سيطالب فريق حملة ترامب بتأهيل الأصوات الشخصيّة المباشرة فقط، والتي ستُفرز في ليلة الانتخابات، ومن المرجح أن تميل إلى الجمهوريين. وسيحاولون وقف فرز الأصوات، سواء بدعوى قضائية أو بتعطيلها فعليًا (وهو تكتيك استُخدم بنجاح في إعادة فرز الأصوات سيئة السمعة في فلوريدا عام 2000). ووفقًا لادعاء جيلمان، فإن ترامب لن يكتفي برفض الاعتراف بالهزيمة (في حال خسر الانتخابات)، بل سيستخدم كل ما لديه من قوّة لـ”عرقلة انبثاق انتصار لا شك بقانونيته لبايدن”، بل وحتى لـ”منع تشكيل إجماع حول ما إذا كانت هناك أي نتيجة على الإطلاق (للانتخابات)“.
وفي جعبة الجمهوريين خدعة أساسية تبلغ حدًا من الشناعة لم يخطر ببال أحد توخيها حتى الآن؛ وهي تقنية، ولكن تحملوني قليلًا؛ يُختار الرئيس الأميركي من قبل هيئة انتخابية تتكون من ناخبين من جميع الولايات الخمسين. وعلى مدار أكثر من قرن، اُختير هؤلاء الناخبين ليعكسوا نتائج الاقتراع الشّعبي في كل ولاية، والفائز بها. لكن المسؤولين الجمهوريين لاحظوا أنه ما من نص في الدستور يُلزم بإجراء الانتخابات باتباع هذه الطريقة. فتتمتع الهيئات التشريعية، أي البرلمانات المصغرة لكل ولاية، بسلطة اختيار ناخبي الولاية بنفسها. وخمّنوا ماذا، يسيطر الجمهوريون على الهيئات التشريعية في الولايات الست ذات المنافسة الأكثر احتدامًا. وإذا ما أعلنوا أنه لا يمكن التأكد من مصداقية حصيلة أصوات رسمية تظهر فوز بايدن، بناءً على ما يقوله ترامب بكون جميع الأصوات البريدية مشبوهة، فلا يوجد ما يمنعهم من اختيار هيئة انتخابية تؤيد ترامب بدلاً من ذلك، زاعمين أن هذا يعكس الإرادة الحقيقية لسكان ولايتهم.
وذلك يبدو كمناورة رئيس روسيا البيضاء (بيلاروسيا)، ألكسندر لوكاشينكو، الأخيرة. أي انقلاب على الديمقراطية، وهو تمامًا ماذا سيكون في الحالة الأميركية. حتى أن هناك مسؤولين من الحزب الجمهوري يتحدثون علانية عن تفكيرهم بهذه الخطوة بالذات.
ولكن من المؤكد أن المحكمة العليا لن تسمح أبدًا بمثل هذا الشيء. إلا أن هناك منصبا شاغرا في تلك المحكمة. يعتزم ترامب تعيين القاضية إيمي كوني باريت، خلفا للقاضية التقدمية الراحلة روث بادر غينسبيرغ بسرعة، وهو تعيين تم اختياره بعناية، وسط محاولة جمهورية حثيثة للمصادقة على التعيين في مجلس الشيوخ قبل موعد الاستحقاق الرئاسي، لتسوية أي قضايا متعلقة بالانتخابات لصالح ترامب. وهذا أيضًا يقول الكثير عما هو متوقع. ومرة أخرى، تفوح رائحة بيلاروسية لا لبس فيها.
وتكمن المشكلة في أن الديمقراطيين عاجزون تمامًا عن إيقاف رئيس وحزب لا يخجل من تحطيم كل محظور ديمقراطي دون اكتراث لنفاقهم؛ فلنتذكر أنه في آذار/ مارس 2016، رفض الجمهوريون في مجلس الشيوخ منح باراك أوباما أكثر من جلسة استماع لخياره للمحكمة العليا. وأصروا على أنه من غير المعقول إجراء تعيين مماثل في عام انتخابي. ومع ذلك، ها هم يطعنون بذلك قبل أسابيع من الانتخابات.
والنتيجة هي أنه سيتواجد في أعلى محكمة في الولايات المتحدة، قريبًا، أغلبية يمينية، ستكون على استعداد لإلغاء قرارات تاريخية بشأن الرعاية الصحية أو حقوق الإنجاب، وإعاقة العمل على حل أزمة المناخ. علاوة على ذلك، فإن مقعد المحكمة العليا هو منصب لمدى الحياة، والعديد من هؤلاء القضاة اليمينيين لا يزالون صغارًا نسبيًا. ويُمكن لهذه الأغلبية أن تتواجد في المحكمة لعقود.
حتى الآن تظهر مسألة غامضة الملامح؛ ماذا ستفعل الأغلبية التقدمية المتزايدة في الولايات المتحدة إذا أعاد مسؤولو الدولة الجمهوريون تنصيب ترامب في البيت الأبيض في تحدٍ للناخبين؟ ماذا سيفعلون إذا ألغت المحكمة ذات الأغلبية اليمينية، قرارها بحريّة الإجهاض، وحظرته في جميع أنحاء البلاد؟
ولنفكر لثانية بكيفية وصولنا إلى هذا الوضع الراهن؛ هذا ينجم عن أن مجلس الشيوخ هو من يختار القضاة، وهذا المجلس يكرس حكم الأقلية. مع وجود عضوين في مجلس الشيوخ عن كل ولاية، تحظى ولاية وايومنغ الصغيرة (مع عدد سكان يبلغ 600 ألف) بتمثيل مطابق لولاية كاليفورنيا العملاقة (مع 40 مليون نسمة). ووفقًا للاتجاهات الحالية، سيكون لدى 70% من الأميركيين قريبًا 30 عضوًا في مجلس الشيوخ فقط لتمثيلهم، بينما ستحظى الأقلية (30%) بـ70 عضوًا. وعندما يتعلق الأمر بحق الأكثرية المدنية المتنوعة في العلاج الطبي أو تخليص شوارعها من الأسلحة المنتشرة، فإنها تخضع لحق النقض الذي تتمتع به الأقلية الريفية البيضاء المحافظة.
إلى متى ستحافظ هذه الحالة على استدامتها؟ إلى متى ستقبل امرأة في كاليفورنيا، على سبيل المثال، بانتشار الأسلحة في الشوارع، وحرمانها من حقوق الإجهاض، لأنّ هذا ما تريده أقلية من الناخبين في الولايات الصغيرة ذات التمثيل الزائد وغير المتناسب؟ بدأ الأشخاص الجادون في طرح هذه الأسئلة، إذ يقول أستاذ التاريخ الأميركي في جامعة كامبريدج، غاري جيرستل، إنه وجد نفسه يقرأ عن البلدان التي كانت تتمتع بديمقراطية في السابق ولكنها فقدتها، وأنه يفعل ذلك “لفهم مستقبل أميركا“.
إنه يتساءل عما إذا كانت الولايات “الزرقاء” التقدمية (أي التي يدعم غالبية سكانها الحزب الديمقراطي) قد تتجه بشكل متزايد نحو سلوك طريقها الخاص، عبر استعراض حقها في الانحراف عن الحكومة الفيدرالية، حيث تتحرك فروعها بعيدًا عن متناول الديمقراطية. فمؤخرًا، أعلن حاكم نيويورك أندرو كومو، أنه لن يقبل أي لقاح معتمد اتحاديًا لمكافحة كورونا أن يوزّع في ولايته حتى يختبره خبراء نيويورك أولاً. ويقول جيرستل إن من شأن خطوة كهذه أن تكون علامة على خطوات قادمة، بما في ذلك ربما إحياء مفهوم “الإبطال” الذي ساد قبل الحرب الأهلية الأميركي، والذي يحق بموجبه للولايات المعارضة أن تعتبر القرارات المتخذة في واشنطن لاغية وباطلة. وسيكون ذلك بمثابة تحول تاريخي بالنسبة لليسار الأميركي؛ ففي الماضي، كانت “حقوق الولايات” هي الحجة الحاشدة الأساسية لولايات الفصل العنصري الجنوبية، والتي استخدمتها لتأكيد حقها في أن تكون عنصرية. والآن يمكن أن يُصبح ذلك سلاحًا للليبرالية الأميركية.
وفي كتاب جديد بعنوان “سنسقط مفرقين”، يثير الكاتب المحافظ ديفيد فرينش، السؤال الذي كان يُعد من المحرمات حول “تهديد انفصال أميركا”، متخيلًا، على سبيل المثال، خطوة لانفصال كاليفورنيا عن الولايات المتحدة، بينما تقود الولاية انفصال ولايات غربي البلاد الليبرالية بعد قرار من محكمة عليا يمينية يلغي قانون ولاية كاليفورنيا للحد من الأسلحة. يبدو أن الكتاب أكثر ميلًا للتوقع منه إلى رواية ديستوبية.
قد يبدو هذا الكلام خياليًا. ومع ذلك، ربما كانت ردود الأفعال مشابهة على مقال أندريه أمالريك الذي نُشر في عام 1970، تحت عنوان “هل سينجو الاتحاد السوفيتي حتى عام 1984؟”. في ذلك الوقت، لا بد أن الأمر بدا سخيفًا؛ فقد كان الاتحاد السوفيتي موجودًا ليبقى بالطبع. لكن أمالريك لم يكن بعيدًا. بعد واحد وعشرين عامًا من طرحه السؤال، تشظّت قوة كان عظمى ذات يوم.