خطر الفوضى والتآكل يطل برأسه
غالب قنديل
تشير الأحداث الأمنية المتنقلة بين الشمال وبيروت والبقاع إلى واقعية المخاوف من تسارع التفلت الأمني في ظل حالة الإرهاق التي تعيشها القوات المسلحة المسؤولة عن حفظ الأمن والاستقرار في حين يشكو الناس من وطأة الوضع المعيشي الصعب الآخذ بالتفاقم وما يحركه من اضطرابات وأحداث يصعب التنبؤ بها بينما تشتد الشكوى من مضاعفات الإغلاق وتعطيل الاقتصاد الذي فرضه التفشي الوبائي.
أولا من بديهيات التعامل الجدي مع هذه المخاطر استعجال تشكيل حكومة جديدة وانهاء حالة تصريف الأعمال غير المؤهلة بحكم طبيعتها الدستورية والسياسية لتوفير مستلزمات التصدي للتحديات الاقتصادية والأمنية الناشئة وإذا طال الأمر سيكون الاستحقاق المفروض هو البحث عن صيغة قانونية وإدارية تناسب حالة الطوارئ المعلنة نظريا وتسمح لحكومة تصريف الأعمال او للمجلس الأعلى للدفاع على الأقل بضبط الأوضاع ومنع انفلات الفوضى الأمنية وبما يحول دون دفع التدهور إلى حالة خطيرة من الاشتباكات المتنقلة وهذا الاحتمال يزنر أكثر من منطقة لبنانية بحيث تلاحقت الأحداث والتوترات في البقاع والشمال والوسط كما تقول المؤشرات خصوصا وان الوقائع توحي بوجود إرادة خارجية متحفزة بالتناغم مع اطراف محلية تسعى لإثارة البلبلة والفوضى لتنفيذ اجندة سياسية تتداخل فيها أهداف سياسية وأمنية تسعى إليها جهات داخلية وخارجية على السواء.
ثانيا في هذا المناخ تتعرض المؤسسة العسكرية والمؤسسات الأمنية لضغوط مكثفة ومتحركة على امتداد المناطق اللبنانية وهي في وضع معيشي متراجع بعدما مست الأزمة المالية والنقدية المستوى المعيشي للجنود والضباط في الجيش والأمن العام والأمن الداخلي وأمن الدولة بينما تستدعي الظروف من هذه المؤسسات جهودا مضاعفة تسعى القيادات المعنية لمواكبتها تعبويا بصورة تحفظ الحالة المعنوية والانضباط في تنفيذ المهام لكن تفاقم الأحوال الصعبة سينذر بعواقب وتداعيات لن تلبث ان تنعكس على كل شيء في المؤسسات العامة خصوصا في مناخ بات أقرب إلى انحلال السلطات العامة وتنحيها عن مسؤولياتها وهذا ما يفترض استدراكا عاجلا وحازما ومبادرات عملية وخطوات إدارية وتعبوية تحفظ الحد الأدنى من انتظام عمل المؤسسات العامة بدون استثناء.
ثالثا ما يلوح في الأفق من تدابير وخطوات محتملة اقتصاديا وماليا ينطوي على أخطار امنية غير عادية وما يتردد عن احتمالات الانهيار المالي وتضخم الأسعار بنسب مضاعفة يطرح احتمالات تزيد من مخاطر الفوضى والاضطراب الاجتماعي والأمني وينذر باتساع نطاقها وهذا يعني ان البلاد ستكون أقرب إلى التدهور في اتجاه الفلتان الشامل في ظل تناحر سياسي وتفكك مجتمعي ومناخات مشحونة يفاقمها التحريض الإعلامي المقصود والمبرمج معطوفا على ترويج وقح وسافر لخطب طائفية ومذهبية وتقسيمية جرى انعاشها منهجيا وبنسق مخطط تفرغت له مؤسسات مرئية ومسموعة ومواقع إلكترونية تتلقى تمويلا من الخارج ويبدو أن الخطة الجاري تنفيذها تتخطى حدود السعي للإطاحة برئيس الجمهورية وبالأغلبية النيابية القائمة نحو إسقاط البلد في هوة الفوضى والتآكل وليس هذا السياق بعيدا أبدا عن طموحات المخططين الأميركيين والصهاينة إي تطويق المقاومة وخنقها في الداخل اللبناني.