حقائق يجب أن تُقال: ناصر قنديل
– الحملة التي استهدفت الرئيس حسان دياب قبل تفجير المرفأ وبعده هي حملة ظالمة لا علاقة لها بالحرص على البلد ولا على ناسه ولا على تحديد المسؤوليات عمّا أصاب البلد والناس قبل التفجير وبعده. وهي حملة تستهدف توظيف معاناة الناس وتعقيدات الأزمة للتخلص من فرصة مثلها الرئيس دياب لتحمل شخصية آدمية مسؤولية الحكم، وتستهدف التغطية على ما ارتكبه ويرتكبه أصحاب الحملات الغارقون في الفساد والمنطلقون من مصالح لم يتورط فيها حسان دياب ولا ساوم على السعي لمواجهتها وكشف عنابر فسادها والخراب الذي تسببت به على البلد والناس.
– رحيل الرئيس دياب من المسؤولية في الحكم هو خسارة لفرص التغيير والإصلاح، وسقف البدائل الإيجابية التي يمكن أن تأتي وتتراوح بين فراغ طويل لا يهتز فيه السلم الأهلي، أو حكومة تعود بنا إلى صيغة الحكم التي كانت قائمة قبل انفجار الأزمة المالية وانفجار الغضب الشعبي معها، وسائر البدائل أشد سوءاً، ولذلك سيتذكر اللبنانيون حسان دياب وينصفونه في يوم ما، بصفته محاولة لم تكتمل لفتح صفحة جديدة في إدارة الشأن العام.
– فرص ضائعة كثيرة كان ممكناً توظيفها بصورة أفضل مع حكومة الرئيس دياب، ضاعت بسبب نقص الخبرة لدى وزراء في الحكومة، أو لعدم تطابق حساباتهم مع حسابات رئيسها، أو لسقف عالٍ طمح لتحقيقه رئيس الحكومة لم يتلاءم مع سقوف شركائه السياسيين في تشكيل الحكومة، او بصورة أكبر لحجم وضخامة المشكلات التي ورثتها الحكومة مع ضيق ذات اليد وضعف الإمكانات والفرص المتاحة للإنقاذ، وصعوبة تقديم حلول سحرية لمشاكل عميقة ومزمنة في بلد يعيش الإفلاس المالي، وفي عهدة التهالك الإداري، وتحت خيمة الفساد السياسي، وفي جزء أقل لعناد مفهوم أحياناً وغير مفهوم أحياناً لدى رئيس حكومة يتمسك بعنفوان موقعه وموقفه.
– من حيث لا ننتبه نكتشف أن سبعة شهور شديدة القسوة مرّت من عمر لبنان، بدأت بالإفلاس المالي وتبعه التفشي الوبائي لكورونا وتوجه التفجير الكارثي لعنابر الفساد والإهمال، وأن حكومة الرئيس حسان دياب لم تنجح بتقديم حلول، لكنها بالتأكيد منعت وقوع الأعظم، وللذين يسألون وهل هناك بعد ما هو أعظم من جريمة التفجير، نقول نعم هناك الفوضى التي تأخذنا إلى القتنة، والتي كانت أقرب إلينا من حبل الوريد لولا وجود حكومة ملأت الفراغ الدستوري والسياسي.
– المرحلة التي يدخلها لبنان بعد استقالة حكومة الرئيس حسان دياب ليست سهلة ولن تكون مفروشة بالزهور، فأوهام الحلول الجاهزة ستتكشف عن مسارات مواجهة غير محسومة النتائج وانتظار طويل مليء بالمخاطر، والمداخلات الدوليّة لا تحمل حلولاً بقدر ما تحمل مشاريع مفتوحة على الحروب بقدر ما هي مفتوحة على التسويات، ومواجهة هذه المرحلة من دون حكومة ربما يريح الرئيس حسان دياب من تحمّل المسؤولية، لكنه لن يريح اللبنانيين من تحديات وضغوط المرحلة المقبلة، خصوصاً في ظل عجز القوى السياسية عن ضمان قبول تسوياتها على المستوى الشعبي، وعجزها عن امتلاك حلول، والشروط الغامضة للمشاريع الدولية، والتسويات غير الناضجة التي يتم التسويق لها.
– من زاوية معينة ربما يتيح رحيل حكومة الرئيس دياب إسقاط الحاجز الذي كان يحول دون رؤية المخاطر والمسؤوليات، التي كانت تختبئ وراء التصويب على الرئيس دياب وحكومته، وها هي الحكومة ورئيسها يرحلان، فماذا سيكون في الغد، التصويب على العهد لن ينفع ولن يوصل الى مكان، والدعوة للاستقالات النيابية ستقف عند حدّ الرمزية، وسيعود المسؤولون الفعليون عن ادارة البلد الى الواجهة بالتساوي رغم الانقسام، فماذا عساهم يفعلون؟ وماذا عسى الناس تقول فيهم؟ ولم تنضج بعد تفاهماتهم ولا نضجت تسويات الخارج لتمويل هذه التفاهمات وتعويمها، ولا نضج الشارع لقبولهم مجدداً.