علّقوا المشانق: ناصر قنديل
– رغم كل الحرب الإعلامية التي خاضتها وسائل الإعلام المموّلة خليجياً لتوظيف الكارثة من دون أي حس بالتضامن مع المصابين، بقيت الحقيقة واضحة عصية على التحريف والتزوير، رغم قيام عدد من المتحدثين المأجورين بالتناوب على توزيع الاتهامات وتأويل الكارثة لتخدم في السياسة فكرة تحميل المقاومة مسؤولية كل أذى يصيب لبنان، حتى لو كان تسونامي. فكورونا في البدايات سوّق له كمشروع إيراني نفّذه حزب الله بنقل العدوى إلى العالم العربي، ولم يردع حجم الكذب أصحابه هذه المرة من تكرار المحاولة لمسرحة الكارثة والمتاجرة بها.
– الحقيقة التي باتت ثابتة هي أن موادّ شديدة الانفجار بكميات كبيرة كانت قد تمت مصادرتها من سفينة تهريب نقلت السلاح للجماعات المسلحة الإرهابية في سورية من تركيا عن طريق مرفأ طرابلس، وتمّ تخزين هذه الكميات وهي بالأطنان في أحد عنابر مرفأ بيروت منذ أعوام عدة، رغم عدم صلاحية عملية التخزين في المرفأ والمخاطرة الكبرى الناجمة عن ذلك، ووقع حريق تسبب بانفجار مستوعبات تحمل مفرقعات، وامتد الحريق والانفجار إلى المواد المخزنة الشديدة الانفجار، فوقع ما وقع.
– الانفجار الكارثي يعادل زلزالاً بقوة 4 درجات ونصف، وصلت تأثيراته إلى زجاج المنازل في قبرص، وهي تبعد 180 كلم عن بيروت، وربما يكون أكبر انفجار منذ الحرب العالمية الثانية، وبالمقارنة بين نيويورك وبيروت في عدد السكان والمقدرات الاقتصادية، هو بضخامة 11 أيلول على نيويورك، والحصيلة ستزيد عن مئة شهيد وخمسة آلاف جريح، والخسائر ستفوق المليار دولار، فمن تسببوا بالكارثة بالإهمال أو التغاضي مجرمون يستحقون أن تعلق لهم المشانق.
– كل شيء في المساءلة عن الفساد والخراب الاقتصادي قد يحتمل التأويل، أما هذه الكارثة فلا تأويل للمسؤوليات فيها، فكل مَن تولّى مسؤولية وزارة أو إدارة معنيّة بمرفأ بيروت وتخزين المواد المتفجّرة فيه، خلال كل السنوات التي مضت بعد مصادرة هذه المواد، يجب أن يحاسَبوا، وأن يلقى كل منهم العقوبة التي تتناسب مع حجم مسؤوليته، وأقلّ العقوبات يجب أن تكون الطرد من الوظيفة العامة، والحرمان من الحقوق المدنية بما فيها حق الانتخاب والترشح للانتخابات، حتى على مستوى بلدية، وأقصاها هو الإعدام شنقاً لمن تثبت مسؤوليته المباشرة عن ترك هذه المواد تنتظر صدفة، كالتي حدثت لتقع الكارثة.
– رئيس الحكومة وعد اللبنانيين بأن المسؤولين سينالون الحساب والعقاب، والمطلوب بسيط محكمة مختلطة مدنيّة عسكرية ذات صلاحيات عرفيّة تتشكل سريعاً مهمتها حصراً تحديد المسؤوليّات خلال أسبوعين عن الكارثة، وإصدار القرارات الاتهاميّة لإصدار الأحكام خلال شهر، وإلا على لبنان السلام، فاللبنانيّون لم يعودوا يثقون بشيء، واللبنانيون في صدمة، واللبنانيون يريدون أفعالاً لا أقوالاً، ومَن يُرد كسب ثقة اللبنانيين فعليه أن يبادر الآن وليس غداً.