بقلم غالب قنديل

أما وقد ابتليتم فاستتروا

s3odeyye nafet

غالب قنديل

تمتاز خطب السيد حسن نصرالله باعتمادها منهجية منطقية في تناول المواضيع والقضايا وبتعميمها لثقافة الحوار في الاختلاف وابتعادها عن لغة الردح والتحريض الغرائزي فالسيد داعية وحدة وشراكة وطنية بين جميع اللبنانيين وجميع العرب في كل بلد وبين المحيط والخليج وهو الحريص على مداراة الحساسيات لخفض توتر العصبيات التي يسعى الآخرون للاحتماء بها والتستر خلفها عندما يعجزون عن مقارعة الحجة بالحجة فيتوسلون إثارة الغرائز بالأكاذيب.

أولا يتبارى فصيل من الصحافيات والصحافيين اللبنانيين في جرائد الأسرة السعودية وغيرها من صحف الخليج بنظم مقالات الردح والتشهير السياسي والتحريض الأعمى ضد السيد نصرالله انطلاقا من خطابه الأخير حول إعلان المملكة السعودية للحرب على اليمن وبين هؤلاء وفي مقدمتهم بعض المتخلعين الذين تركوا لبنان من زمن بعيد ولايزورونه إلا نادرا وقد كانوا من اول الطريق منفصمين فهم يسدون انوفهم عندما ترد أمامهم سير الأحياء الفقيرة والمخيمات التي طالما تغزلوا بها في مقالاتهم شعرا ونثرا وتردادهم على الوطن الذي انكروه وتركوه في عز المحن أقل بكثير مما يزور بعضهم تل أبيب بجوازاتهم الفرنسية.

نتفهم إحراج هؤلاء “الكادحين” الساعين وراء الرزق امام اولياء النعمة وأرباب العمل ونجد لهذا الفصيل بأفراده و”فرداته” عذرا على الطريقة المصرية هو ” سبوبة العيش ” الرغيد المرفه في الغربة عن الناس وعن قضاياهم لكن ان يعمم هؤلاء السب والشتيمة بذريعة ” سبوبتهم ” وأن يتستروا على جرائم إحراق الأطفال والنساء والشيوخ في اليمن ويتطاولوا على قائد المقاومة الطالع من أرض جبل عامل ومن مقالع الصدق والمعاناة والشهداء والذي يقر له العدو قبل الصديق بأنه رمز المصداقية في زمن الدجل والتضليل فتلك جريمة فاضحة لا يمكن ان تمر لأن فيها استباحة للعقول واستخفافا بالذاكرة وإهانة للتاريخ القريب الذي ما تزال أوجاعه وذكرياته حية.

ثانيا قدم السيد في خطابه عرضايتضمن وقائع ومعطيات لا يملكون الرد عليها فمن منهم يجرؤ على دحض حقيقة ان المملكة السعودية تصدرت لخمسين عاما مضت الجهود الأميركية لتطويع العرب امام مشاريع التسوية التي تكرس هيمنة إسرائيل على المنطقة وأن المملكة تصدرت المعسكر التابع للغرب والحليف للشاه الذي عادى جمال عبد الناصر وعمل لتدجين المقاومة الفلسطينية بالمال والمخابرات.

من منهم يملك دليلا واحدا على وقوف الاجهزة السعودية إلى جانب المقاومين الذين قاتلوا الاحتلال الصهيوني في فلسطين او في لبنان والذين رفضوا الإذعان لإسرائيل وحيث برهن السيد على جذر ما يصور تهويلا بخطر النفوذ الإيراني فلو فعلت المملكة ما قامت به إيران وسورية بعد الاجتياح الصهيوني للبنان لكانت المقاومة اللبنانية جزءا من خارطة النفوذ السعودي الذي اختار أربابه ووسطاؤه آنذاك دعم اتفاق 17 أيار والحكم الذي وقع مع العدو ونفذ بأجهزته توصيات شارون وبيغن وشامير ضد المقاومين وبينما كانت إيران في الضفة المقابلة فمن هو المنفصل عن الواقع هربا من قوة البرهان والدليل .

المقالات المشحونة سما وحقدا مغتربة عن الواقع كليا وكتابها منفصمون ومتخلعون من زمن … وهم لا يجيدون غير الردح المطلوب منهم بالتعليمات والمدفوع بالفاتورة وهكذا انطلقت المباراة في صحف العائلات المالكة وبديهي ان المرتزقة القادمين من لبنان هم الأشد براعة بدهائهم الفينيقي وبأناقة عروضهم المنمقة ولذلك يعطون ويزادون كلما زادوا قباحة ووقاحة.

ثالثا  لا يلام الكسبة في جهلهم كثيرا من الحقائق عما انجزته المقاومة في كفاحها ضد الإرهاب التكفيري على الأرض السورية اللبنانية ولا هم يتأثرون بمشاعر اللبنانيين الحقيقيين العفوية بمن فيهم عائلاتهم التي أنكروها بأن تواجد مناضلي حزب الله إلى جانب الجيشين اللبناني والسوري في أي مكان من لبنان وكذلك في سورية يشيع الإحساس بالأمان وهم لم يجربوا ليلة ذعر لعائلة في القرى المهددة بالذبح الداعشي وحين يتحدثون عن شعب سوري وعن ثوار يعرفون انهم يكذبون ويزورون الحقائق فهم يبلعون دفعة واحدة عشرات آلاف المرتزقة والإرهابيين من ثمانين جنسية في العالم احضرتهم المملكة وإمارة قطر وحكومة الوهم العثماني لتدمير الجمهورية العربية السورية المقاومة ، دولة الطوق التي رفضت التوقيع ولم تسقط في الغواية السعودية القطرية التركية وتمسكت بترابها الوطني وبسيادتها واستقلالها وظلت صامدة وداعمة للمقاومين في لبنان وفلسطين والجمهورية التي فيها دستور وانتخابات لا تنتظر إرشادا ديمقراطيا دستوريا من حكومات الاستبداد التابعة … يعرف هؤلاء الدجالون المرتزقة كل ذلك لكنهم ينكرون بانفصالهم وانفصامهم .

في حروب المستعمرين يختلط الدم بالنفط وهكذا هي حرب اليمن لكن في مرجعية المواقف لا لقاء بينهما فبين من يستقي من نقاء دماء الشهداء والأبرياء مواقفه وخياراته بصدق وبين من يستمد الموقف من ولائه للمال المنفوط مسافة شاسعة … هنا النفط والدم لا يلتقيان ولكن نصحيتنا لرهط الفجور والكذب : لقد ابتليتم فاستتروا وغوروا في خيبتكم .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى