منصات الحرب على سورية ما زالت تعمل في لبنان
غالب قنديل
تتناسى الحكومات اللبنانية المتعاقبة عن قصد وجود معاهدة لبنانية سورية واتفاقات تعاون بين البلدين فيها التزام لبناني انطلق مع اتفاق الطائف الذي بات لازمة يكررها السياسيون اللبنانيون مؤخرا ويطربون لوقعها فقد كانت من أبرز مباديء اتفاق الوفاق الوطني فكرة ان “لبنان لن يكون ممرا او مقرا لأي عمل او تهديد يمس امن سورية”.
أولا خرق الاتفاق بوقاحة وبتسهيلات حكومية وامنية وسياسية وبرعاية جهات لبنانية معروفة ولم يكن التعبير الوحيد عن ذلك التورط في الحرب على سورية هو تواجد اوكار القاعدة وداعش ومعسكرات التدريب ومخازن السلاح وشبكات تهريب السلاح والمجموعات الإرهابية إلى سورية بالتعاون وبالتسهيلات التي قدمتها جهات سياسية لبنانية وجهاز امني لبناني بلغ بتورطه تقديم الحماية والرعاية لناقلي شحنات السلاح القادمة في البواخر والأموال السعودية والقطرية ولمشايخ التكفير القادمين عبر مطار بيروت وضمان وصولهم إلى مراكز الإرهاب داخل سورية وفي جرود لبنان الشرقية التي اعتمدت كمعاقل للإرهاب وكمحطات تجميع وتدريب للمسلحين اقتضت إزالتها معارك وتضحيات كبيرة قدمها الجيشان السوري واللبناني بالشراكة مع المقاومة.
ثانيا شكل التورط الإعلامي اللبناني في خدمة الحرب على سورية أحد اخطر وجوه التدخل وهو ما يزال مستمرا رغم التطورات السورية ورغم انكفاء الرعاة الغربيين والخليجيين وانهزام عصابات الإرهاب وفشل خطط الإطاحة بالرئيس بشار الأسد وتدمير الدولة الوطنية السورية التي استعادت زمام المبادرة في السنوات الأخيرة لكن الاعلام اللبناني الذي شارك في العدوان على سورية مايزال مخلصا لالتزاماته مع مكتب التواصل الأميركي ومع الجهات الخليجية التي تورطت في العدوان على سورية ورغم تخفيض العطاءات المالية المقابلة ما يزال الخط الاعلامي المكرس للحرب على سورية شغالا ومنتظما لم يتبدل او يتراجع مما يكشف تصميم الجهات الراعية.
ثالثا دفعة واحدة شهد لبنان حملة خليجية وغربية لبناء منصات إعلامية للحرب على سورية وشنت الهجمة على مجموعة محاور وبصورة منسقة انطلقت قبل بضع سنوات من عام 2011 في بيروت والخليج ومثل جميع المشاريع الإعلامية الغربية والخليجية في المنطقة تتجه انظار صائدي الكفاءات صوب الخبرات اللبنانية والكادر اللبناني وقد كان الحافز الجغرافي هذه المرة حاضرا فقد انشئت غرف عمليات إعلامية متعددة تعاونت مع احزاب سياسية متورطة في خطة تدمير سورية وأقيمت في احضان قوى الرابع عشر من آذار في لبنان.
رابعا فجاة شرعت تسمع اذاعات اجنبية تبث باللغة العربية من لبنان مثل مونتي كارلو الفرنسية وبي بي سي البريطانية وسوا الأميركية وسبقها راديو فرنسا الدولي مشفوعا باتفاق مع وزارة الإعلام اللبنانية خصصت بموجبه إحدى موجات الإذاعة اللبنانية للبث الفرنسي الذي ما لبث ان تضمن برامج وموادا اخبارية تقدم متحدثين صهاينة يروجون لخطط العدو ولحملاته ضد المقاومة اللبنانية وغير مرة استدعت تدخل المجلس الوطني للإعلام لدى وزراء الإعلام المتعاقبين.
خامسا كانت العلامة الفارقة أن تلك الإذاعات الأجنبية الناطقة بالعربية أقامت مراكز بثها في قمم الجبال المشرفةعلى الداخل السوري جغرافيا وطال بثها مناطق واسعة من سورية وكان غطاء تواجدها هو اتفاقات مالية مع إذاعات لبنانية مرخصة وخلافا للقانون الذي يحظر على المؤسسات المرخصة هذا النوع من الاتفاقات لأنه بمثابة التخلي الكلي او الجزئي عن تردداتها وحقوقها التأجيرية في ملك عام هو حزمة الترددات الوطنية التي وضعت بتصرفها بموجب الترخيص وقد قدم رؤساء حكومة ووزراء إعلام الرعاية لهذه التصرفات وشملوها بتغطيتهم السياسية والمعنوية وأعطوها شرعية ملفقة مخالفة للقوانين.
سادسا في الفترة ذاتها تزايدت البعثات التلفزيونية الغربية في بيروت وشرعت تظهر قنوات فضائية غربية وخليجية وتركية تكرس جانبا أساسيا من تغطياتها الإخبارية والحوارية للداخل السوري وتفتح مكاتب كبيرة في بيروت وفي إطار تحضير الغرب لما عرف بالربيع العربي تزايد عدد القنوات الغربية التي تبث باللغة العربية وتوسع انتشارها على الأقمار الصناعية العربية التي حظرت عليها القنوات السورية الوطنية وقناة المنار اللبنانية واتسمت جميع تلك الوسائل في مضمون ما تبثه بسمة تحريضية وعدائية اتجاه السياسات والمواقف السورية من اوضاع المنطقة وتوسل معظمها منذ بداية البث تسويق رموز وجهات سورية مغمورة ما لبثت أن أشهرت هويتها في إطار ما عرف لاحقا بالمعارضة السورية بتشكيلاتها المختلفة تحت الرعاية الخليجية الفرنسية البريطانية.
سابعا هذه المنظومة الإعلامية من غرف العمليات والمنصات الإلكترونية والقنوات والإذاعات ما زالت تعمل وما زالت خطوط التحرير في قنوات وإذاعات لبنانية متعاونة مع مكتب التواصل الأميركي وتحظى ببعض المال الخليجي فاعلة في توجيه محتوى التعاطي الإعلامي اللبناني مع الحدث السوري بمفرداته وتعبيراته ورسائله العدائية ولووضعنا جانبا سائر وجوه الشكوى من التسبب اللبناني بأضرار اقتصادية ومالية وامنية لسورية فإن لبنان وبالوقائع يحافظ على دور المقر والممر الإعلامي لتخريب سورية بصريح العبارة ومرحبا بالميثاق واتفاق الطائف والمعاهدة والاتفاقات الثنائية في عرض الحائط ولا من يحرك ساكنا.