من الصحف البريطانية
ماذا يعني رمضان بالنسبة للفقراء في ظل وباء كورونا؟ وهل لقادة الأديان دور في مكافحة الجوع؟ وكيف سيؤثر انهيار سعر النفط على اقتصاد العالم؟ أسئلة تثيرها بعض صحف بريطانيا.
وعن أحوال الفقراء في رمضان مع إغلاق المساجد التي هي “بنك طعام عالمي”؟، يسأل ساجد محمود، الرئيس التنفيذي مؤسسة “تشاريتي رايت” الخيرية.
وفي مقال بصحيفة “آي” بعنوان “سيجوع الملايين في رمضان – ولكن ليس بسبب الصيام”، يقول الكاتب إن “الإغلاق الحالي بسبب وباء فيروس كورونا هو، بالنسبة للكثيرين، مصدر إزعاج قليل، بل قد تكون بالنسبة للبعضفرصة لقضاء المزيد من الوقت مع العائلة وتطوير مهاراتهم في صناعة الخبز“.
غير أنه يرى أن الأمر بالنسبة للفقراء في بريطانيا والعالم، مختلف. فالعزلة “يمكن أن تعني فقدان مصدر العيش وحتى خطر الجوع”. ويضيف ساجد أنه “بالنسبة لأقل الناس حظا، من المرجح أن يكون التضور جوعا سبب في الموت أقوى من فيروس كورونا.”
وهذا هو الحال كما يقول الكاتب مع بداية شهر رمضان بين المسلمين ليس في بريطانيا فقط بل في البلدان ذات الأغلبية المسلمة أيضا.
ويصف الكاتب شهر رمضان بأنه “يوفر حالة رعاية غير رسمية للملايين، حيث يضمن كل واحد منهم وجبة واحدة أو وجبتين في اليوم في الأماكن التي يتجمع فيها الناس مثل المساجد.”
غير أن الحال ليس كذلك هذا العام بسبب الوباء الذي دفع بالسلطات في أنحاء مختلفة من العالم لإغلاق المساجد لمنع تفشي الفيروس اللعين.
يقول ساجد إن “هذه المساجد – من أماكن الصلاة المحلية إلى المسجد الحرام في مكة – مغلقة، وهذا يعني، ببساطة، أن شبكة الأمان هذه لم تعد موجودة“.
ويعني هذا أيضا وفق الكاتب أنه “تم لأول مرة إغلاق بنك طعام عالمي يُفتح لمدة شهر.” ويحذر من أن “تكلفة هذا باهظة.”
وأدى الوباء أيضا إلى إغلاق المدارس حيث يحصل الأطفال الفقراء على وجبة أو اثنتين يوميا. وإذا كانت دولة مثل بريطانيا تستطيع أن تتدارك هذا وتجد بديلا لمساعدة الأطفال، فإن الوضع في الدول النامية ليس كذلك.
ويقول ساجد “في البلدان النامية حيث تعمل منظمة تشارتي رايت لإطعام 18 ألف طفل في اليوم، هناك عدد قليل من الخيارات الأخرى. ووفقا لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة ، يفقد 320 مليون طفل الآن وجباتهم المدرسية.”
ولهذا، يطالب الكاتب الدول الغنية بدعم المنظمات غير الحكومية “التي يمكنها وقف تحول جائحة عالمية إلى كارثة إنسانية.”
ويقول إنه في شهر رمضان “سيختار الملايين في البلدان التي أعي ما يدور فيها بحكم عملي – مثل بنغلاديش وباكستان والسودان – أن يجوعوا في رمضان. لكن هذا الجوع يجب أن ينتهي عندما تغرب الشمس ويفطرون.”
وفي تحرك ذي صلة بمساعدة الفقراء في زمن الوباء، أطلقت صحيفتا “الإندبندنت أونلاين” و”إيفيننج ستاندرد” حملة لمواجهة الجوع في المملكة المتحدة.
وتهدف الحملة إلى دعم مشروع يطلق عليه اسم “فيليكس بروجكت”، وهو أكبر موزع لفوائض الطعام على المحتاجين وكبار السن والمسنين غير القادرين على شراء المستلزمات الضرورية والمعزولين في المنزل.
ويوفر مشروع فيليكس حاليا 100 ألف وجبة يوميا لمراكز اجتماعية ضخمة تديرها السلطات المحلية وكذلك الجمعيات الخيرية والمدارس في جميع أنحاء العاصمة.
وحسب الإندبندنت فإنه تم حتى الآن جمع 1.5 مليون جنيه استرليني لدعم المشروع، وتنقل الصحيفة عن سارة مولالي، أسقف لندن، قولها “نجح عدد من كنائسنا في أنحاء العاصمة (البريطانية)، ولا سيما تلك التي تستضيف وتدير بنوك الطعام وملاجئ المشردين، في شراكة مع فيليكس في الماضي.”
وتضيف “لم يحدث أبدا من قبل أن كانت هناك حاجة أكبر من حاجتا الآن إلى العمل سويا لدعم المستضعفين في مجتمعاتنا المحلية “.
ويقول إمام مسلم يدعي محمد محمود إنه مع بداية رمضان “تأثر بشكل خاص بالروح الطيبة” التي أظهرها الناس تجاه الآخرين. وحث الجميع على الاستمرار في دعم تحقيق هدف “توفير الغذاء للندن الآن” ومشاريع أخرى مماثلة.
أما إفراهيم ميرفيس، كبير حاخامات اليهود في بريطانيا ، فنُقل عنه قوله “اليوم، في وقت يواجه آلاف الأشخاص عدم اليقين المؤلم بسبب عدم معرفة مصدر وجبتهم التالية، يجب علينا التواصل معهم بتعاطف وطمأنينة. أحث كل شخص قادر على دعم النداء “.
قالت صحيفة الغارديان إن بريطانيا “لا تهتم بعدم المساواة الصحية” وتعتبر أن ما يحدث هو “تجاهل قاتل بالنسبة للأقليات“.
تشير تقارير متعددة المصادر في بريطانيا إلى أن عدد ضحايا أبناء الأٌقليات من وباء كورونا أكثر من غيرهم. غير أن الكاتبة تقول إنه “لا توجد معلومات تساعدنا على فهم السبب“.
ترجع أفوه إلى الواقع السابق على تفشي الوباء لتستعرض الوضع الصحي للأقليات العرقية في بريطانيا. وتقول ” الأسر الباكستانية والكاريبية والسود الأفارقة يعانون مقارنة بالبيض. وتموت النساء السوداوات أثناء الولادة بمعدل يبلغ خمسة أضعاف معدلات النساء البيض ؛ ومتوسط أعمار الرجال والنساء السود أقل من نظيره بين الرجال والنساء من البيض والمجموعات العرقية الأخرى.”
وتنتقد الكاتبة بحدة ما تصفها بـ “حركة لا يمكن إنكار وجودها” تحمل أبناء الأقليات العرقية مسؤوليات ارتفاع عدد ضحاياهم بسبب مرض كوفيد 19.
وتعتبر أن هذا ” تكرار لما كان يحدث بالنسبة للوضع الصحي في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر” عندما كان يلام أولئك الذين يعيشون في ظروف فقيرة أو تمييزية ويُحمَّلون مسؤولية الأمراض التي تصيبهم.
وترى أفوه أنه “من المستحيل اتخاذ التدابير اللازمة لحماية الأشخاص من مختلف الأعراق دون فهم طرقهم المختلفة في العلاج ، ليس فقط من فيروس كورونا ، ولكن من المجتمع الذي نعيش ونموت فيه“.
وتنتهي الكاتبة إلى أنه “مثل كل شيء مسه هذا المرض (وباء كورونا)، فإن نتائج السكوت عن الفعل أصبحت الآن واضحة للعيان.”
حذرت صحيفة الغارديان هيلين تومسون من أن انخفاض الطلب على النفط ،الذي وصفته بأنه خبر ليس جيدا، يمكن أن يسبب أزمة مالية.
وتعتقد هيلين أستاذة الاقتصاد السياسي في جامعة كيمبردج بأن مصدر المشكلة سيكون في الولايات المتحدة، وتقول إنه “يمكن لشركات النفط المثقلة بالديون في الولايات المتحدة أن تتخلف عن السداد، ما يخاطر بمزيد من عدم الاستقرار في الاقتصاد العالمي.”
وتضيف الكاتبة “عندما يرغب كثير من المنتجين في بيع الكثير من النفط ، فإنهم يخوضون سباقا مدمرا على كل المستويات. وعندما يصل هذا السعر إلى نقطة الأزمة ، فمن مصلحة الدول المنتجة التعاون لتقييد العرض لدفع الأسعار إلى الارتفاع.”
وهذه الآلية، حسب الكاتبة، تفسر لجوء السعودية وروسيا،على مضض، إلى تشكيل تحالف في نوفمبر/تشرين الأول عام 2016 فيما أصبح يعرف باسم أوبك بلاس. لكن التعاون السعودي-الروسي سمح أيضا لشركات النفط الأمريكية بالتخلي عن الأسعار الأعلى.
ومع تفشي وباء كوفيد 19، واتجاه الاقتصاد العالمي نحو التوقف “تفكك تحالف أوبك بلاس. ويبدو أنه عندما رفض بوتين خفض الإنتاج لتثبيت الأسعار، قرر محمد بن سلمان إغراق السوق بهدف الحصول على حصة أكبر في السوق.”
واعتبرت الكاتبة أن تحرك ولي العهد السعودي “كان سوء تقدير مذهل”، بالنظر إلى أن الطلب على النفط يتبخر. وقالت إن ما فعله بن سلمان تسبب في انهيار أسواق الأسهم والسندات بداية من 9 مارس/آذار الماضي.