من الصحافة اللبنانية
أبرز ما ورد في عناوين وافتتاحيات بعض الصحف اللبنانية
البناء: العالم يلتقط أنفاسه على عتبة المليوني إصابة… وبدء البحث بشروط التأقلم بنصف عزل الحكومة ليست بوارد المسّ بالودائع… لكنها لن تتراجع عن حصّة المصارف لوائح المساعدات تكشف اهتراء الدولة… وقيادة الجيش تتريّث للتدقيق
كتبت البناء تقول: وفقاً للخبراء يبدو أن التساكن مع فيروس كورونا سيطول، وأن العالم نجح في تخطي الخطر من خلال التعامل الأولي بالإقفال العام وحظر التجول ووضع ضوابط العزل المشدد، وما وفّره ذلك من وعي لدى الشعوب لخطورة الفيروس والخروج بالتالي من حالة الاستخفاف والاستهتار، التي طبعت الأيام الأولى قبل أن تتدفق معلومات الوفيات بالآلاف، ووفقاً لمصادر صحية أممية يمكن للحكومات مع نهاية هذا الشهر البدء بخطوات محسوبة لتخفيف مدروس لبعض الإجراءات المشددة، بالاستناد على ثلاثة شروط، أولها الحفاظ على التعبئة الإعلاميّة المتشددة وما يرافقها من ملاحقة لخرق إجراءات الوقاية وأهمها ارتداء الكمامات والقفازات، والتزام المسافة الضامنة للتباعد الاجتماعيّ ووجود العوازل اللازمة واعتماد التعقيم المستدام والمنتظم في وسائل النقل وأماكن العمل والأماكن العامة، والثاني هو التزود بوسائل الفحص السريعة والمتخصصة وقد باتت متاحة بكميات تسمح لجميع دول العالم التزوّد بها، كما آلات التنفس الاصطناعي، وبالتالي إدارة الأزمة دون حالة ذعر فرضها نقص وسائل الفحص وآلات التنفس، والثالث هو مخاطر أن يؤدي طول مدة الإغلاق الاقتصادي إلى انفجارات اجتماعية تتحول إلى حالات فوضى أمنيّة وتمرّد تزيد من مخاطر التفشي، وتتسبب بمشكلة لا تقل خطورة عن أزمة الفيروس.
في لبنان لا يزال الوضع في مرحلة الاحتواء لتمدد الفيروس حيث الزيادات تحت سقف المقبول والجيد، والقدرة على المواكبة تمتلك المزيد من الخبرات والإمكانات العلمية والمادية، ونسبة التطوع للخدمة الاجتماعية تتزايد، فيما برزت قضية المساعدات المالية التي قررتها الحكومة، وكان يفترض البدء بتوزيعها اليوم، إلى الواجهة مع تريّث قيادة الجيش بالبدء، بعدما تبين أن أغلب اللوائح المعتمدة مليئة بالنواقص والثغرات، وتعكس حالة الاهتراء التي تعيشها مؤسسات الدولة، ووفقاً لمصادر متابعة للملف تضمنت بعض اللوائح أسماء أموات، بينما وفقاً لمصادر نقابية وصلت بعض اللوائح بنصف الأسماء المفترضة الموثقة لدى الدوائر الرسمية المعتمدة، ووفقاً لبعض البلديات والمخاتير يبدو عدم التوزيع أو التريّث في التوزيع أفضل من توزيع يسبب مشاكل ويوحي باستنسابية تفتح مجدداً باب الحديث عن محسوبيات.
الحكومة التي تواجه هذه المشكلة بعدما أرادتها مصدراً لرصيد تحققه من حسن تعاملها مع معاناة الناس، تواجه في خطتها المالية التي تمّت مناقشتها بصورة أولية في الحكومة، حملة شرسة تستهدفها، ويبدو الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري عنوان هذه الحملة مع الإعلان عن عودته إلى بيروت من جهة، والتصريح الناري الذي أدلى به بوصف الخطة الاقتصادية للحكومة بالعمل الانتحاري من جهة مقابلة، بينما قالت مصادر متابعة للموقف الحكومي، إن للحملة أهدافاً مختلفة؛ فالحكومة ليست بوارد أي اقتطاع من الودائع المصرفية، وفقاً لخطتها التي لا تتضمن مسودتها أي إشارة لما يسمى بالهيركات، بينما حديث رئيس الحكومة عن التأكيد إلى أن 90% من الودائع لن يمسّ لا يعني أن الـ 10% الباقية ستمسّ، بل يعني بوضوح أن حسابات حاملي سندات الدين وأصحاب المصارف والحسابات المشكوك بتكوينها من مال عام جرت مراكمته خلال سنوات تجذر فيها الفساد، سيتم التدقيق بها وسيتحمّل أصحابها نصيبهم من المساهمة في خطة مواجهة الأزمة، فالكل يتحدث عن إعادة المال المنهوب، والكل يتحدث عن أرباح طائلة حققتها المصارف وعن استفادتها من الهندسات المالية، ومضاعفة أرقام حسابات حققها كبار المودعين بفوائد مبالغ بها تمّ توظيفها في سندات الخزينة أو في إيداعات مصرف لبنان، وإذا كانت أهداف الحملة على الحكومة هي دفعها للتراجع عن التدقيق في هذه الملفات، والتخلي عن مطالبة المصارف بتحمل نصيبها من المشاركة في الحل، بعدما نالت نصيبها من أرباح الأزمة، فالحكومة ستتوجه إلى مجلس النواب بعدما تنهي دراسة مسودة الخطة، ويستطيع مجلس النواب أن يقر عفواً مالياً على الجرائم المرتكبة بحق المال العام، كما فعل مع جرائم الحرب الأهليّة التي تحلّ ذكراها هذه الأيام، كما يستطيع توفير الحصانة للمصارف وللحسابات التي حققت أرباحاً طائلة من الفوائد ومن سندات الخزينة، بينما الحكومة تتعهد بأن الحسابات التي لا تخص أياً من هذه الحالات، فيرعاها الحق الدستوري بحصانة الملكية الخاصة وحمايتها.
بعدما خضع حاكم البنك المركزي رياض سلامة لاستجواب الحكومة في جلستها الأخيرة، يتوجه الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري للانخراط بالمواجهة للدفاع عن سلامة ومواقع نفوذ المستقبل في الدولة، بحسب ما علمت «البناء» مستغلاً ما سُرب في الاعلام عن ان الخطة المالية والاقتصادية التي تعتزم الحكومة عرضها تمس بودائع اللبنانيين، حيث من المتوقع أن يصل الحريري الى بيروت الاسبوع المقبل بحسب أوساط مستقبلية لـ«البناء» والتي أكدت بأن الحريري لن يقبل المسّ بمواقع المستقبل في الدولة لا في مصرف لبنان ولا في القضاء ومطار بيروت مهما كان الثمن، مضيفة أن الحريري لا يزال يمثل السنة في لبنان وليس الرئيس حسان دياب والأفضل على الجميع أن يعرف موقعه وحجمه.
في المقابل برز الاستغلال المستقبلي – الاشتراكي لمسألة الودائع في الخطة الحكومية المالية والاقتصادية كعنوان سياسي شعبي للمعركة ضد الحكومة وهم أنفسهم الذين يدافعون عن المصارف وحاكم مصرف لبنان وعن كل مواقع الهدر والفساد! فقد اعتبر عضو كتلة المستقبل النيابية النائب نزيه نجم أن «ما تضمنته الخطة المالية الحكومية حيال الودائع سيؤذي كل الشعب اللبناني، حيث أن المودعين المقيمين والمغتربين الذين وثقوا بالدولة وبالنظام المصرفي سيخسرون جزءاً كبيراً من ودائعهم بدلاً من ان تبادر الحكومة الى مكافحة الفساد ووقف مزاريب الهدر واستعادة الأموال المنهوبة». واشار نجم لـ«البناء» الى ان «نقص السيولة وحجز ودائع اللبنانيين هي مسؤولية الدولة وليس المودعين، ولذلك يجب على الحكومة أن تبادر الى التصرف بأملاكها المقدرة بـ 600 مليار دولار لمعالجة أزمة الودائع والمصارف».
وعما اذا كان تيار المستقبل يوافق على محاسبة الفاسدين من تياره لفت نجم الى ان «الرئيس الحريري كان اول الداعين لمحاسبة كل المسؤولين عن انهيار الوضع الاقتصادي لأي جهة انتمى، لكن أن تقتصر التهم والاستدعاءات والتحقيقات والمحاسبة على موظفين من جهة سياسية محددة فأمر لن نقبل به»، مشيراً الى «الهجوم الشرس الذي يتعرض له الحريري والمستقبل وكل الموظفين والشركات والمواقع التابعة له، في مقابل صمت الحكومة والعهد عن العجز في الكهرباء». وكشف نجم عن عرض نقله وزير الطاقة ريمون غجر للحكومة وللجنة الطاقة النيابية من شركة سيمنز لإنتاج الكهرباء من دولة لدولة بكلفة 7 سنت للكيلو الواحد ولم يعمل بهذا الاتفاق». واضاف نجم ان «الحكومة سقطت عندما مدّت يدها على أموال وجيوب اللبنانيين»، وأكد ان الخطة المالية كما هي لن تمر في المجلس النيابي.
الاخبار: سقوط الهيركات يشرّع بيع الدولة؟
كتبت الاخبار تقول: طارت الـ«هيركات» قبل أن تصبح اقتراحاً. غالبية «الطبقة الحاكمة» تكفّلت بالقضاء عليه. ثم صار الحديث عن بيع الدولة أكثر جرأة. الذريعة هي ببساطة أن الدولة هي التي تتحمّل أغلبية الدين، وهي التي يُفترض أن تتحمل جزءاً من المسؤولية. هنا ليس مهماً من أدار دفة الدولة وأفرط في انتهاك ماليتها، الأهم أن هؤلاء منتخبون، وإعادة انتخابهم صكّ براءة لهم
رغم أن مسودة الخطة الحكومية لمعالجة خسائر الدولة لم تتضمّن صراحة اقتراح «قص الودائع» (هيركات)، إلا أن هذا الاقتراح سقط بالضربة القاضية. التيار الوطني الحر والحزب الاشتراكي وتيار المستقبل وحركة أمل عطلوا مفعوله قبل وصوله إلى المهد، ثم أتى الحرم الديني ليقضي عليه. لم يكن ينقص سوى دار الفتوى، الذي دبّج سيدها بياناً، وصل فيه إلى اتهام السلطة بشن حرب اقتصادية «لسلب أموال الناس بالباطل من المصارف».
ليس رئيس الجمهورية بعيداً عن التوجه المعارض للهيركات. مصادر بعبدا عمّمت أمس أنه ليس في وارد القبول بهذه الخطوة. وقالت إنه أبلغ المعنيين بموقفه هذا منذ فترة، لكنه لا يدخل في الجدال القائم حولها، خصوصاً أن الموضوع لم تطرحه الحكومة ولم تقدم أي اقتراح بشأنه.
لا «قصّ شعر» للودائع إذاً. وبالتالي، فإن النقاش سيفتح مجدداً في آلية الوصول إلى تسديد الخسائر التي تقدرها الخطة بـ83 مليار دولار، لكن ذلك لا يعفي أن لكل من المعترضين حساباته وأسبابه لرفض «مساهمة المودعين». المزحة السمجة هي في الإشارة إلى أن المطلوب أولاً استعادة الأموال المنهوبة. تلك نغمة يكثر سماعها على لسان الناهبين أنفسهم، وهؤلاء يدركون أن ما من قوة ستحاسبهم، وما من قوة ستسحب منهم ما راكموه من ثروات على مدى سنوات طويلة من الهدر والسرقة، وإن ينص اقتراح الحكومة على التدقيق في حسابات مشبوهة لموظفين.
كان المطلوب ضريبة على الثروة لمرة واحدة. وتلك الضريبة ليست اختراعاً لبنانياً، وبالتالي فإن اللجوء إليها في حالة الإفلاس قد يكون أكثر من ضروري، في بلد لطالما أعفى الأغنياء من الضريبة العادلة على الدخل، وأمّن لهم كل أدوات التهرب الضريبي، وأولاها السرية المصرفية.
لم يناقش أحد في تفاصيل هذه الضريبة، أو الفئة التي يجب أن تشملها. قد يعترض البعض على تخفيض السقف إلى 100 ألف دولار، وقد يطلب البعض أن تطال من يملكون ما فوق مليون أو 10 ملايين دولار، لكن النقاش انتهى عند حدود الحق المقدس في الملكية. ما الحل إذاً؟ الكل يدور حول أملاك الدولة. بيع الدولة هو «حلهم الوحيد» الذي ينقذ مصرف لبنان وأصحاب المصارف والمودعين الكبار، الذين هم في الغالب سياسيون أو نافذون بين السياسيين وشركائهم وواجهاتهم وأقاربهم. والحل أيضاً هو تحجيم القطاع العام.
مبرر «الحقد» على الدولة من أصحاب الدولة أنها هي التي تسببت في وصول المديونية إلى ما يقارب ١٠٠ مليار دولار. والدولة هنا ليست سوى السلطة، التي كانت تحفر قبر البلد بيديها. مجلس الوزراء يقدم مشاريع قوانين موازنة بعجز كبير، ومجلس النواب يصدّق. والكل يدرك من أين يسدد العجز. من الاستدانة. وهنا مصرف لبنان لم يكن يعترض، كما فعل عندما انهار الهيكل. يموّل العجز عبر هندسات تدرّ المليارات على أصحاب المصارف من جهة، ثم يعود فيؤكد متانة العملة من جهة أخرى. وبذلك، كانت السلطة السياسية تستدين لتبذّر وتهدر وتسرق، والسلطة النقدية تؤمن لها كل ما يلزم للقيام بذلك، فيما المصارف تقامر بأموال المودعين، عبر الموافقة على حصر غالبية «استثماراتها» في الدين العام.
يختصر أحد النواب المتمولين الموقف بالتالي: لا يمكن للحكومة أن تكتفي بالإشارة إلى أنها لم تطل في خطتها ٩٠ في المئة من المودعين، ثم تتجاهل أن الـ10 في المئة الباقين يشكلون الاقتصاد والاغتراب ويدخلون الدولارات إلى البلد ويبنون المشاريع. يضيف: هؤلاء لا يمكن مخاطبتهم على طريقة أموالكم لم تعد لكم من ناحية، ثم نطلب منهم من الناحية الأخرى أن يسهموا في عملية الإنقاذ. من سيكون مستعداً لتحويل الأموال مجدداً إلى لبنان، يسأل. لذلك يعتبر أنه قبل الحديث عن الخسائر وكيفية تسديدها، يجب الإضاءة على كيفية الوصول إلى الوضع الراهن والعمل على عدم تكراره.
الحديث يزداد عن ضرورة توزيع المسؤوليات والخسائر بشكل عادل. وهنا، لا يكفي أن تدفع المصارف 20 مليار دولار من رأسمالها، ربما ينبغي أن يفرض على أصحابها الذين ثبت سوء إدارتهم لأموال الناس، أن يسهموا من أموالهم الخاصة.
يوضح نائب اقتصادي أنه عندما تخلفت الحكومة عن الدفع وعدت بإصلاحات، أين أصبحت هذه الإصلاحات؟ وعلى سبيل المثال، ما فائدة أي عملية قص للودائع، إذا بقي مزراب الكهرباء مفتوحاً؟ ألم يكن الأولى بالحكومة أن توضح للرأي العام ما هي خطتها لوقف استنزاف الموازنة من قبل قطاع الكهرباء؟ ألم يكن الأولى أن يسارع مصرف لبنان إلى إلزام المصارف بتخفيض الفوائد على القروض، والتي لا تزال تتخطى العشرة في المئة، بحجة ارتفاع الفائدة على الودائع المجمّدة لآجال طويلة؟
من ضمن مروحة المسؤوليات يأتي دور المودعين. هنا يلين المعترضون عند الإشارة إلى إمكانية استعادة جزء من الفوائد المرتفعة التي أعطيت للمودعين منذ العام 2016، وخاصة عبر الهندسات المالية.
خلاصة كلام معارضي الهيركات أن الدولة، كشخص معنوي، تتحمل مسؤولية جزء كبير من الانهيار، وهي لا بد أن تسهم في الخروج منه. كيف ذلك؟ هنا تصل الزبدة مجدداً: من خلال بيع ما تملكه، أو مشاركته مع القطاع الخاص، بعد إجراء تقييم لممتلكاتها وممتلكات مصرف لبنان. لكن ماذا عن مسؤولية من بدّد هذه الأموال، ولماذا يتحمل الشعب اللبناني، المالك الفعلي لأملاك الدولة، كلفة سوء الأمانة؟ يجيب نائب في كتلة كبيرة: ببساطة، لأنه هو من أتى بهذه الطبقة إلى الحكم، وهو بتكرار انتخابها إنما يشرّع لها سرقتها! وفق هذه «النظرية»، يجري البحث عن حلول للأزمة.
الجمهورية: الخطة المالية تطوّق السلطة بالاتهامـــات.. وبري يؤكّد: «الهيركات» لن يمرّ
كتبت الجمهورية تقول: حلّ عيد الفصح على اللبنانيين، وكلّهم أمل في انّ قيامة لبنان من أزمته لا بدّ أنّها آتية، وانّ النور لا بدّ أنّه سينبلج في هذه العتمة الحالكة.
حلّ العيد، وفرحته سرقها الوباء الخبيث، الذي زرع القلق والخوف في كل بيت، بالشراكة الكاملة مع سلطة جائرة، فقدت أدنى حسّ بالمسؤولية، ويتحكّم بها عقل مراهق، متهوّر، آخر بِدَعِهِ ما سمّاها «خطة إنقاذ مالية»، فيما هي في جوهرها ورقة نعوة للبنان، وفرمان لمصادرة مدخرات اللبنانيين، أو بالأحرى سرقتها.
في الشق «الكوروني»، المواطن اللبناني كأي مواطن في دول العالم المنكوبة بالوباء، سلّم أمره الى الله، وينتظر في الحَجر ريثما يتمكن العقل البشري من ابتداع دواء يحتوي وباء «كورونا»، او لقاح يكبح تفشّيه ويضيّق مساحة انتشاره التي تتوسع على مدار الساعة. امّا في الشق الداخلي، فيبدو صراعه مريراً مع السلطة الحاكمة، التي تريد ان تنزع آخر شريان يمدّه بالحياة والمتمثل بمحاولات السطو المتتالية على جنى عمره.
امام هذا الواقع، ثمة سؤال بات يتردّد على لسان كل لبناني ويضعه برسم السلطة السياسية والحكومة التي اوكلت لنفسها مهمة «مواجهة التحدّيات»: كيف يمكن الوثوق بإنقاذ اقتصادي او مالي، اذا كان المعني بهذا الإنقاذ بعضه في ذروة تخبّطه وارتباكه؛ يقول الشيء ونقيضه في آن معاً، ويفعل الشيء ونقيضه في آن معاً، وبعضه الآخر شريك في التآمر على اموال اللبنانيّين، دون أن يرفَّ له جفن؟.
وفي سياق التخبّط وفعل الشيء وعكسه، يسجّل مرجع سياسي عبر «الجمهورية» الملاحظات الآتية:
– اولاً، فشل الحكومة في مهمتها حتى الآن، ودورانها حول نفسها منذ تأليفها، عبر انهماكها بسلسلة اجتماعات لا طائل منها، من دون ان تبادر الى اتخاذ قرار انقاذي جريء او الى خطوة اصلاحية ملموسة، ربطاً بالكمّ الكبير من الوعود التي اطلقتها حينما تشكّلت.
– ثانياً، العالم يطلب من لبنان أن يساعد نفسه لكي يساعده، ومع ذلك لا يلقى استجابة. وذروة التخبّط تجلّت في اجتماع بعبدا الأخير، الذي عقده رئيس الجمهورية ميشال عون مع سفراء مجموعة الدعم الدولية للبنان، إذ حتى الآن لم يُعرف السبب الدافع لمثل هذا الاجتماع، وثمة اسئلة مباشرة بهذا المعنى طرحها عدد من سفراء مجموعة الدعم حول الغاية منه، خصوصاً وانّ مجموعة الدعم سبق لها ان اجتمعت في كانون الاول الماضي من اجل حشد المساعدة للبنان، وانتظرت ان يبادر لبنان الى الإيفاء بالتزاماته، لكنها فوجئت بأنّ الحكومة اللبنانية لم تبادر الى ذلك، فعادت المجموعة الى اصدار بيان اواخر كانون الثاني، اي قبل نحو ثلاثة اشهر، اكّدت فيه في ذلك الوقت، إنّ هناك حاجة ملحّة لأن يتبنّى لبنان حزمة إصلاحات اقتصادية مستدامة وشاملة وذات مصداقية. الاّ انّ هذه الدعوة قوبلت ايضاً بتلكؤ من قِبل الدولة اللبنانية. علماً انّ المطالبات الإصلاحية كانت محدّدة بكل وضوح، وهو تعيين الهيئات الناظمة للكهرباء والطيران المدني والاتصالات، ولا يُفهم حتى الآن سبب تلكؤ الدولة اللبنانية عن اتمام هذا الامر.
– ثالثاً، ذروة تنفيذ الشيء وعكسه، تبدّت اولاً في التشكيلات القضائية، حيث على السطح يطفو كلام على استقلالية السلطة القضائية، وامّا في جوهر المسألة فيعطّلها اصرار مراجع رئاسية على التدخّل السياسي فيها، برغم ارادة مجلس القضاء الاعلى التي وضعها على اساس الجدارة والكفاءة والدرجة. (يُشار هنا إلى أنّ مصادر وزارية كشفت، عشيّة جلسة مجلس الوزراء المقررة اليوم، انّ وزيرة العدل ماري كلود نجم ستُحيل في الساعات المقبلة مشروع التشكيلات القضائية مع ملاحظاتها عليه الى وزيرة الدفاع المعنية به بموجب المادة 13 من قانون القضاء العسكري، على أن يُحال بعدها الى وزير المال ثم الى رئيس الحكومة ومنه الى رئيس الجمهورية). وتبدّت ثانياً في التعيينات المالية، اذ بعدما اسقطها منطق المحاصصة وضرورة اعتماد آلية توظيف على أساس الكفاءة، جاءت التعيينات الاخيرة في مجلس الوزراء مناقضة لهذه الآلية، فضلاً عن انّها شكّلت افتراء على الطائفة الارثوذكسية ومصادرة موقع وظيفي حق لها، وإسناده الى موظف من طائفة اخرى، وهذه المسألة ما زالت في دائرة التفاعل.
اللواء: خطة الإنقاذ الإقتصادي تترنح.. فمتى خطة رفع الحجر الصحي؟
كتبت اللواء تقول: ثمة أسئلة مفيدة، وبعضها محرج، لكنه ليس خطيراً: إجراءات التعبئة العامة، التي قررها مجلس الوزراء في 15 آذار كخطوة باتت بالغة الضرورة لمواجهة انتشار وباء فايروس كورونا، ومددت تباعاً لمرات، وآخرها بدءاً من يوم أمس، وحتى منتصف ليل 24 نيسان الجاري، بمعدل أسبوعين، مع قرارات اتخذها وزير الداخلية، من ضمن التعبئة، وتقضي للحد من الازدحام في الشوارع باعتماد نظام السير المفرد والمزدوج طوال أيام الأسبوع، باستثناء السير يوم الأحد، إذ عاد وسمح فقط لسائقي السيّارات العمومية التي تخرج للعمل، وسط شكاوى ملموسة من انعدام الركاب، وحركة الانتقال.. من الاسئلة المفيدة، وغير المحرجة، وغير الخطيرة؟
1- إلام سيستمر اجراء التعبئة العامة؟
2- إلى حدّ يمكن للبنان تحمل تعطيل دورة الإنتاج، على محدوديتها، سواء في الزراعة (وهذا موسمها) أو في الصناعات المحلية، التي أثبتت نجاعتها وفعاليتها في مواجهة الفايروس القاتل؟
3- إلام يمكن تحمل تعطيل الدورة المالية، وتغذية الخزينة بالضرائب وسداد الرسوم، مع شلل تام في عمل المصارف، وترك الحرية الكاملة لمدراء وموظفي المصارف، للعمل بطريقة، كيفية، تسلطية، متذرعة بإجراءات التعبئة العامة؟
واسئلة وراء أسئلة، ودائماً حسن النية هو الأصل، في تداولها، ماذا عن المساعدات المتواضعة التي اوقف الجيش اللبناني توزيعها الذي كان مقرراً على المحتاجين اليوم، وسط تلاعبات، يؤمل ان تكون محدودة، من قبل نافذين أو سلطات محلية، لا شأن للقوى المكلفة التوزيع بها، وإلام يمكن ان تدوم، في بلد تنهشه الأزمات، قبل الكورونا، وبالطبع بعدها.
وماذا عن الذين يفقدون أعمالهم من جرّاء الكساد، أو أولئك الذين عادوا من بلاد الاغتراب، والمهددين بخسارة اشغالهم وأعمالهم؟
الديار: الحكومة تبحث تخفيف « قيود التعبئة» نهاية الجاري.. ونتائج المغتربين مشجعة
«إسرائيل» تدخل على «خط» التوتير.. فما هي «رسائل» التحليق المكثف للطيران ؟
«جس نبض» «الخطة الانقاذية» يضع المودعين بين خياري «السيئ والأسوأ»
كتبت الديار تقول: تراجع ارقام المصابين «بفيروس كورونا» يبدو مشجعا لكنه لا يعكس واقع الانتشار في ظل ضآلة الفحوصات، واذا كانت الحكومة قد نجحت في عملية «جس النبض» للخطة الانقاذية وبات الجميع، وخصوصا كبارالمودعين بين خياري «السيئ والأسوأ»، اعلنت منظمة الصحة العالمية ان قرار فرض القيود أو رفعها يجب أن يرتكز على حماية صحة الناس، داعية الدول الى التأني في رفع القيود، بالنظر لانتشار فيروس «كورونا» السريع، وعلمت «الديار» ان الحكومة التي تعقد جلسة لها ظهر اليوم لمتابعة البحث بالشؤون المالية ستبدأ بدراسة بعض المقترحات حول تخفيف «قيود» التعبئة العامة بدءا من نهاية الشهر، اذا ما استمرت عملية انخفاض عدد الاصابات على النحو السائد حاليا، واذا نجحت في محاصرة بؤرتي «الوباء» في بشري، وعكار، وقد تشمل عملية التخفيف العديد من المصالح الاقتصادية والتجارية المشمولة حاليا، مع اعتماد قواعد حماية صارمة، دون ان تشمل المرحلة الاولى المدارس والجامعات… مع العلم ان هذا التوجه الذي يشجع عليه بعض الوزراء يبقى محفوفا بالمخاطر لان اي»دعسة ناقصة» ستؤدي الى موجة ثانية من انتشار الوباء حيث سيصعب السيطرة عليه مجددا، ولكن يبقى على الحكومة اتخاذ قرار صعب ولكنه ملح نهاية الجاري، لان الوضع الاقتصادي في البلاد لم يعد يحتمل، فيما تم ارجاء المساعدات المالية المقدرة بـ 400الف ليرة والتي كان سيبدا الجيش بتوزيعها اليوم، كما تقول مصادر وزارية بارزة.
اسرائيل تدخل على «الخط»؟
في هذا الوقت، دخلت اسرائيل على خط «توتير» الاجواء اللبنانية، حيث لم تفارق طائراتها الحربية والتجسسية السماء اللبنانية خلال الساعات القليلة الماضية، فقام الطيران الحربي بالتحليق على علو متوسط في أجواء المتن وكسروان بعدما حلقت طائرة تجسس معادية بشكل مكثف في اجواء بيروت والضاحية الجنوبية طوال الليل والنهار. واذا كانت هذه الخروقات الفاضحة تأتي بعد ايام على اجتماع رئيس الحكومة حسان دياب مع قائد اليونيفيل في لبنان الجنرال ستيفانو ديل كول، وإبلاغه ان لبنان لن يسكت بعد اليوم على الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة، فإن مصادر معنية بهذا الملف توقفت مليا عند توقيت تكثيف التحليق في الاجواء اللبنانية، ولفتت الى انه يرتبط باكثر من ملف داخلي في اسرائيل، وكذلك تطورات لبنانية على قدر كبير من الاهمية… ووفقا للمعلومات، يرغب الاسرائيليون في توجيه «رسائل» الى حزب الله في «زمن الكورونا»، بعدما غرق كيان الاحتلال في الازمة الطبية الاخطر منذ احتلال فلسطين، نتج منها زيادة في عدد الاصابات ومن بينها رئيس جهاز الموساد يوسي كوهين «بفيروس كورونا»، وفيما «ذهل» الاسرائيليون بنجاح الحزب في احتواء انتشار المرض في مناطقه وبين صفوف عناصره وكوادره، وفي بيئته، يعتقدون اليوم انه زاد من منسوب رفع جهوزيته العسكرية بمزيد من الاسلحة النوعية ومنها «الصواريخ» الدقيقة، ولذلك تم رفع منسوب الاستنفار في «الاجواء» اللبنانية لمحاولة «رصد» اي تحركات في هذا السياق، وتوجيه «رسالة» مفادها اننا لا نزال نولي الجبهة اللبنانية الاولوية على الرغم من الازمة الصحية والسياسية الداخلية.