ترنح الصنم الأكبر فتاه العبيد والمستلبون
غالب قنديل
عندما اجتاحت العولمة الأميركية العالم وحركت الإمبراطورية جيوشها وأساطيلها لتحكم قبضتها الاستعمارية في عدة بلدان من العالم الثالث تجند مئات الكتاب والإعلاميين العرب لترويج الدعاية السياسية والإعلامية لخطاب التكيف والخضوع أمام الهيمنة الاستعمارية الغربية والأميركية خصوصا.
اولا كرست آلة الدعاية العملاقة كامل طاقتها طيلة نصف قرن مضى في تسويق نموذج النيوليبرالية وقيمها وشاع تبرير متجدد لحروب الغزو والاستعمار في تشويه مستمر لصورة حركات المقاومة التحررية وكذلك لصورة منافسي الولايات المتحدة في الشرق وبالمفردات والتعابير ذاتها عن الشمولية والاستبداد في وصف طرائق تداول السلطة والتنكر للخصائص الوطنية والقومية التي انتجتها شعوب وحضارات عريقة لمجرد تمردها على الهيمنة الأميركية ودعمها لنزعة التحرر الوطني وتبارى المتعبدون للصنم الأميركي الأكبر في التسبيح بحمد القوة العظمى الأولى في الكون والرضوخ لوكلائها وعملائها المحليين ونسبة العدالة والخير والإبداع لقوة نهب دموية بطاشة كشرت عن انيابها وأبادت الملايين خلال العشرين عاما الماضية بلا رحمة مستعيرة أكاذيب الاستعمار القديم وفتوحاته بادعاء السعي لتمدين الشعوب والبلدان المستهدفة بالحروب وبخطط نهب لصوصي للثروات والأسواق.
ثانيا سخرت الإمبراطورية جيوشا من العملاء ومنظومة متكاملة من وسائل الدعاية واستلاب العقول في تسويق ادعاءات “نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان والحوكمة الرشيدة” عبر خرافات وأكاذيب أسقطتها الوقائع وفضحتها الجرائم المتلاحقة لحروب الغزو وحروب الوكالة التي سخر فيها المخططون الأميركيون جحافل التوحش والإرهاب وشركات المرتزقة لتدمير الدول الوطنية ولتثبيت الهيمنة وعرقلة نهوض القوى العالمية المنافسة التي جاهرت برفضها للهيمنة الأميركية على العالم ومن بين الأكاذيب الفاضحة التي مزقتها محنة تفشي الكورونا كذبة تفوق النموذج الأميركي و”انسانيته” المزعومة وهو وهم خطير شاع في بلداننا بتصميم ومواظبة طوابير من ادعياء الثقافة والمعرفة وفيهم خدم مستعبدون بالمال ويساريون مرتدون ورجعيون بالأصالة متجذرون في ارتهانهم للهيمنة الاستعمارية وعملائها.
ثالثا في تناغم مريب ومشبوه ألبسوا الولايات المتحدة صورة القوة كلية الجبروت التي لاتقهر ولا مجال لعصيان مشيئتها ورددوا بألف وسيلة وبصيغ متعددة أكاذيب تفضح التحاقهم الذليل بالاستعمارالغربي اللصوصي لبلدان العالم الثالث وشنوا حروب شيطنة قذرة ضد جميع خصوم الهيمنة الأميركية لإظهارهم في موقع المغامرة بتحدي سنة حتمية أين منها الحتميات التاريخية التي انتقدوها في فكر العديد من قوى التحرر التي عرفها العالم في القرن العشرين وقادت تجارب تحررية واستقلالية شقت طريقها الخاص إلى ثوراتها الصناعية ولتنمية ثرواتها وجددت نظمها السياسية بمنطق الرعاية العامة للناس وبالمسؤولية التامة للدول الوطنية عن حماية الوجود الإنساني التي باتت مع تفشي الجيل الجديد من الفيروسات التاجية هما عالميا شاملا يقض مضاجع الشعوب والحكومات على امتداد العالم.
رابعا باعترافات متلاحقة من داخل الولايات المتحدة اهتزت صورة التفوق الأميركي مع الأزمة الأخيرة وقد برز عقم النظام السياسي الأميركي وعجزه في مجابهة تفشي الوباء داخل الولايات المتحدة كما يعترف كبار المنظرين والكتاب ومنهم توماس فريدمان احد أبرز مروجي القرن الأميركي الذين عرفناهم في المنطقة العربية بينما ينصرف العرب من عبيد الصنم الأميركي لمتابعة شيطنة الصين وروسيا وكوبا الدول الثلاث التي تحركت لتغيث دول الغرب الصناعي وعلى راسها الصنم الاميركي الاكبر بينما هي تعاني من العقوبات الأميركية والأوروبية وقد باتت القدرات البشرية والصناعية في مجالات الصحة العامة في هذه اللحظة معيار التفوق السياسي والاقتصادي والاجتماعي وهذه الدول الثلاث تثبت تفوقها الحضاري والعلمي انطلاقا مما حققته لشعوبها امام خطر يتهدد البشرية وثمة من يتوقع ان يبقى هما مقيما لسنوات قادمة تجدده دورة الفصول وهي تضع ما لديها بتصرف الإنسانية بعيدا عن تحميل شعوب الغرب تبعات التخندق السياسي لحكومات واشنطن التي افترت عليها طويلا واستهدفتها بكل وسيلة ممكنة لتخريبها وتدميرها.
خامسا بكل بساطة اهتز الصنم الغربي الأكبر واضطرب العبيد في بلادنا المنكوبة بنخب مستلبة تافهة ومرتزقة تردد اهازيج الولاء وتفاخر بارتهانها وهي تلجأ اليوم إلى اجترار اكاذيب قديمة ومستهلكة لتحد من انبهار الرأي العام العربي بتميز وتفوق الثلاثي الشرقي المتحرر من الهيمنة الذي وهب خبراته وإمكاناته وأرسل الفرق الطبية إلى بلدان الغرب المتغطرس بداعي الواجب الإنساني بينما يمثل الحصار الأميركي القبيح المتواصل لإيران وسورية واليمن في هذا الظرف دليلا مبرما على التوحش الغربي ومجافاة أي قيمة حضارية او إنسانية بالمطلق.
من فضائل تجربة العالم مع كورونا انها انعشت المقاييس الإنسانية في تقدير جدوى النظم السياسية وصلاحيتها والتوحش الغربي في المشهد يقابله الرقي البارز للحكومات التحررية الشرقية بنسخها المتنوعة التي يجمعها أن دولها وريثة ثورات مناهضة للهيمنة والاحتلال قادتها حركات شعبية مناضلة وحققت وثبة كبرى في طريق البناء الوطني الاستقلالي بعيدا عن الإملاءات الأجنبية لمعسكر الهيمنة والنهب العالمي بقيادة الولايات المتحدة اما العبيد الذي صدمهم اهتزاز الصنم الأكبر فدخلوا في هذيان النكران.