الغارديان: السعودية تراقب مواطنيها في الولايات المتحدة
صدرت تقارير صحافية كثيرة في الأعوام القليلة الماضية عن تجسس السلطات السعودية على معارضين في الخارج، في استهداف وصل إلى حد اغتيال الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018، لكن ربما تكون هذه المراقبة جزءا من حملة تجسس أكبر كما تفترض صحيفة “ذي غارديان” البريطاني.
وأصدرت الصحيفة تقريرا ادعت فيه استنادا إلى كاشفي فساد يسعون لكشف نقاط الضعف في نظام التراسل العالمي “إس إس 7″، أن السعودية في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، ونجله ولي العهد محمد بن سلمان، يبدو أنها تستغل نقاط الضعف في شبكة اتصالات الهاتف المحمول العالمية لتعقب مواطنيها أثناء سفرهم إلى الولايات المتحدة.
وتشير البيانات التي سلمها كاشفوا الفساد الذين لم تسمهم الصحيفة، إلى أن السعودية تشن حملة تجسس منهجية ضد مواطنيها، وفقا لخبراء معلومات، إذ تُظهر أن الشركات السعودية قدمت ملايين طلبات التتبع السرية على مدار أربعة أشهر منذ تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، لهواتف مواطنين.
ويبدو أن طلبات التعقب والتي سعت إلى تحديد أماكن تواجد هواتف مسجلة في السعودية، في الولايات المتحدة، صدرت عن أكبر ثلاث شركات للهواتف المحمولة في السعودية.
وزعم كاشفوا الفساد أنهم لم يتمكنوا من العثور على أي سبب تقني مشروع يدفع السعودية إلى زيادة طلبات الحصول على معلومات مرتبطة بمواقع هواتف المواطنين في الولايات المتحدة، لذا فقد رجحوا أن إجراء اتُخذ لأغراض التجسس على المواطنين السعوديين.
وقالت “ذي غارديان” إن خبراء الاتصالات والأمن راجعوا البيانات التي سربها كاشفوا الفساد وأكدوا أنهم يعتقدون أيضًا أنها مؤشر على حملة مراقبة من قبل السعودية.
وتبيّن البيانات أن الطلبات قُدمت للعثور على بيانات حول مواقع تواجد الهواتف المحمولة التي تم تناقلها من خلال نظام المراسلة العالمي “إس إس 7″، والذي يسمح لمشغلي الهاتف المحمول بربط المستخدمين حول العالم. فعلى سبيل المثال، إذا ما أراد مستخدم هاتف محمول من الولايات المتحدة، يتواجد في ألمانيا، أن يجري مكالمة هاتفية مع بلاده، فسيتصل عبر هذه الشبكة.
ويُعد نظام “إس إس 7” مدعاة للقلق بين خبراء الأمن المعلوماتي والرقمي، إذ أنه يتيح تتبع الهواتف. وعلى سبيل المثال، عندما يتلقى حامل هاتف نقال محلي رسالة عبر شبكة “إس إس 7″، لتوفير معلومات المشترك، من مشغل هواتف خلوية أجنبي، فإن هذه الرسالة هي بمثابة طلب تتبع.
ويُعد استخدام مثل هذه الطلبات مشروعا في مساعدة المشغلين الأجانب على تسجيل رسوم التجوال. لكن الاستخدام المفرط لمثل هذه الرسائل معروف في صناعة الاتصالات المتنقلة بأنه مؤشر على تتبع الموقع.
وحذر الخبراء الذين قابلتهم “ذي غارديان”، من طلبات تتبع البيانات الصادرة على مشغلين سعوديين، بسبب ترددها العالي، ما يشير إلى أن هذه الجهات تسعى لتحديد موقع المشتركين فيها (المواطنين) بمجرد دخولهم الولايات المتحدة، لكن الصحيفة تؤكد أن مدى ارتباط هذه الشركات بالسلطات السعودية لا يزال “مبهما“.
ومع ذلك، فقد لفتت إلى أن السعودية اتُهمت كثيرا على مدار الأعوام القليلة الماضية، باختراق هواتف معارضي ومنتقدي حكم بن سلمان، والذي يُعد بمثابة الحاكم الفعلي للمملكة.
وقال العضو السابق في مجلس الأمن القومي في إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، أندرو ميللر، إن المراقبة جزء من طريقة عمل النظام السعودية، مضيفا: “أعتقد أنهم يراقبون ليس فقط أولئك الذين يعرفون أنهم منشقون، ولكن أولئك الذين يخشون أن ينحرفوا عن تأييد القيادة السعودية. إنهم قلقون بشكل خاص بشأن ما سيفعله المواطنون السعوديون عندما يكونون في الدول الغربية“.
وقالت “ذي غارديان” إن البيانات التي حصلت عليها، تُشير إلى أن أكبر ثلاث شركات تشغيل للهواتف المحمولة في السعودية، “الاتصالات السعودية” و”موبايلي” و”زين”، أرسلت لمشغل الهاتف المحمول الأميركي في المتوسط 2.3 مليون طلب تتبع شهريًا من الأول من تشريان الثاني/ نوفمبر 2019، وحتى مطلع آذار/ مارس 2020.
ويبدو أن البيانات تشير إلى أنه تم تتبع الهواتف المحمولة التابعة لسعوديين، أثناء تنقلها عبر الولايات المتحدة بمعدل مرتين إلى 13 مرة في الساعة.