حلب ورسالة النصر
غالب قنديل
بهجة الانتصار وفرحة التحرر من دوامة النزيف والموت والدمار أخرجت سكان مدينة حلب في احتفال جميل بحدث عظيم طال انتظاره منذ سنوات طويلة تعرضت فيها المدينة لاجتياح عصابات التوحش والتكفير المدعومة من الخارج الذي مدها بالمال والسلاح وتدخل بالنار وبجحافل الغزو ليدعم قدراتها على استنزاف الجيش العربي السوري.
أولا بكلمة مقتضبة وواضحة زف الرئيس بشار الأسد لمواطنيه جميعا وبالذات لأبناء المدينة خبر اكتمال تحرير عاصمة سورية الاقتصادية الكبرى التي دمرت صروح عمرانها ونهبت آلات معاملها ونقلت إلى تركيا مع سجلات التصدير.
كان الفاعل الرئيسي في تلك الجريمة هو رجب طيب اردوغان من ضمن حلف العدوان الدولي الإقليمي بقيادة الولايات المتحدة ودول الناتو وحكومتي السعودية وقطر وتحولت إلى صروح مهدمة ومنهوبة أحياء المدينة التي هي في الجغرافية السورية ثغر العروبة الشمالي وعقدة النقل إلى الغرب الأوروبي عبر تركيا.
باكتمال هذا النصر تحققت خطوة هامة في طريق النضال السوري التحرري للقضاء على معاقل الإرهاب وللتخلص من كل غاز ومحتل شارك في العدوان على سورية ورمزية حلب كبيرة وعميقة في جميع فصول ملحمة الصمود والتحرر السورية.
ثانيا أكد الرئيس بشار الأسد لشعبه استمرار معركة التحرير الوطني والهدف التالي بعد حلب هو تحرير إدلب والجيش العربي السوري مصمم على تنفيذ عهد القائد باسترجاع كل حبة تراب سورية من غاصبيها الذين يدنسونها من زمر المرتزقة والإرهابيين ومن جيوش الغزو والاحتلال.
ما بعد إدلب يعرف القاصي والداني ما سيكون لطرد الاحتلال الأميركي وعملائه من الشرق السوري وتستمر في موازاة المعارك الكبرى جهود إعادة بناء سورية القلعة التحررية التي تصدت لأعنف إعصار عدواني عرفه تاريخ الشرق الكبير في العقود الماضية.
وكما قال الرئيس الأسد فقد انتصر الجيش المحتضن من شعبه والمدعوم من حلفائه المخلصين وشركائه في رفض الهيمنة الاستعمارية ولكن مالم يقله تواضعا أنه في كل ذلك انتصار لهذا القائد المقاوم بإرادته الصلبة ببصيرته وبحكمته القيادية وبثقة شعبه العظيم وولائه الوطني.
ثالثا أدهشت صلابة الرئيس الأسد وشجاعته جميع المتابعين الأجانب والعرب ليوميات العدوان الاستعماري على سورية وقد اعترف العديد منهم بقدرة هذا القائد على إدارة الصراع وبرعايته لجسور الوحدة الوطنية لشعب سورية الأبي وبتمكنه من استنهاض وعي وطني قومي في مجابهة الأخطار الوجودية لقوى العدوان بمختلف ادواتها الإعلامية والسياسية والإرهابية وقد أثارت شجاعة الرئيس انبهار العديد من الزوار الأجانب من إعلاميين وسياسيين دخلوا مكتبه في دمشق على وقع القذائف خلال المعارك واستطاع الأسد في جميع محطات ظهوره الإعلامية بكل رصانة وهدوء تقديم الحرب الوطنية التي يقودها كملحمة للدفاع عن الاستقلال ولرفع راية التحرر الوطني وهو ألهم المواطنين والجنود والضباط بروح التضحية والفداء دفاعا عن الوطن من خلال التصاقه بشعبه في أصعب الظروف وتقديمه المثال في الصمود والإرادة الوطنية الحرة.
رابعا رغم كثافة المتاعب والتحديات والثغرات برهنت الدولة الوطنية السورية على متانة بنيانها وكانت بجميع مؤسساتها في قلب المسيرة الوطنية للدفاع عن الاستقلال ولتثبيت إرادة الصمود ومراكمة مقدرات الدفاع الوطني وكان الرئيس في المقدمة قدوة للجميع في وضع الأولويات بشكل دقيق والتحرك لتذليل الصعوبات ومثالا في التصدي للفساد والترهل والتبقرط في قلب الحرب الوطنية وفي صلب هموم الدفاع عن الوطن والشعب.
الانتصار السوري يحمل ثمار ونتائج قدرة الرئيس بشار الأسد على نسج تحالفات وشراكات كبرى بين سورية ورفاق دربها في محور المقاومة إضافة إلى تمكنه من إنشاء حلف كبير وقوي مع روسيا والصين وقد أسس في كل ذلك لشراكات سياسية وعسكرية واقتصادية تحتل فيها القلعة السورية مكانة مركزية ومقررة كما سيكون لها أثر كبير في مستقبل المنطقة والعالم من خلال مبدأ الرئيس الآسد الاستراتيجي “التوجه شرقا”.
التصميم على مواصلة مسيرة التحرير حتى النصر النهائي وعلى إعادة بناء ما دمره العدوان هي رسالة الأسد لشعبه في بيان تحرير حلب وهي دعوة لمواصلة الصمود وبذل المزيد من التضحيات في سبيل الوطن وبقدر ما كانت معاناة السوريين قاسية وشديدة خلال سنوات الحرب العدوانية فإن امل الانتصار وإعادة البناء يمثل قوة ملهمة للوجدان الشعبي وهو امل واقعي لم يعد بعيدا كما تثبت التجربة الحية.