حول التصدي الإعلامي لخطة ترامب
غالب قنديل
ثمة حاجة ملحة لتطوير النقاش الإعلامي حول خطة ترامب وخطوط المجابهة المجدية في معركة الوعي التي هي بداية أي مقاومة قومية ووطنية للمشاريع الاستعمارية وليس صحيحا أن تعامل تلك الخطة الاستعمارية الصهيونية بالاكتفاء بتكرار بديهيات الموقف القومي والوطني التاريخي.
أولا لقد كرس كل من الغرب الاستعماري والكيان الصهيوني والحكومات العربية الرجعية التابعة سنوات مكثفة من الجهد الدعائي والتضليلي لمسح الذاكرة وللتحكم بالعقول في الوطن العربي وداخل فلسطين المحتلة نفسها لقتل فكرة وحدة المعركة المصيرية وترابطها في جميع ساحات الوطن العربي وبات شائعا في التفاعل مع قضية فلسطين وفي معظم الأحوال تصرف الجمهور العربي بمنطق التضامن مع هم خارجي وليس بوصفه هما يعنيه لارتباطه عضويا بتحرر جميع البلاد العربية من الهيمنة الاستعمارية الغربية وبضرورة التخلص من القاعدة الاستعمارية العدوانية المسماة إسرائيل.
ثانيا تم ترويج فكرة استحالة حلم العودة وتحرير كامل التراب الفلسطيني بمصنفات متعددة من مشاريع التسويات والاستسلام وسبل التفاوض مع العدو وتمت تجزئه قضايا البلدان العربية وفصلت طرقها الوطنية الخاصة إلى التنمية وتغلغلت بالدعاية المضللة أفكار كثيرة لخنق إرادة المقاومة وامل التحرير في وجدان الشباب الفلسطيني الذي تمردت نخب واعية من طلائعه وانبرت تقاتل وتهتف في الساحات في جميع المراحل بينما اشتغل المستسلمون على تعميم اليأس وشيطنة النهج المقاوم ونبذ القتال للتحرير.
ثالثا في صفقة ترامب ما يكشف الأهداف النهائية لجميع مشاريع التسوية التي طرحها وروجها الغرب الاستعماري منذ مشروع روجرز وانصاعت لها الحكومات التابعة وتجندت في خدمتها فالغاية هي شطب حق العودة واستكمال تهويد فلسطين وتشريد شعبها تحت شعار استيعاب اللاجئين وتوزيعهم بعيدا عن ترابهم ومنبتهم الذي اقتلعوا منه عنوة خلال اكثر من قرن مضى بالحروب والمجازر التي كانت بدعم ومشاركة جيوش الغرب الأطلسي وخصوصا الثلاثي الأميركي الفرنسي البريطاني الذي ليس مصادفة انه ثلاثي النهب والهيمنة على البلاد العربية بقيادة أميركية منذ العدوان الثلاثي على مصر.
رابعا في صفقة ترامب تحصين للكيان الاستيطاني الصهيوني الذي نزعت قوى المقاومة أنيابه وردعت قوته العسكرية وجعلته عاجزا عن المبادرة مهزوما واجفا يخشى معادلات الردع التي يطوقه بها محور المقاومة وفي الصفقة إحياء لمشروع إسرائيل العظمى المهيمنة في المنطقة.
تقدم الخطة تحت شعار التطبيع دورا إقليميا للكيان الصهيوني كوكيل وشريك للاستعمار الغربي ولنهبه اللصوصي لثروات العرب عبرت عنها مشاريع النفط والغاز الأخيرة وتيسيرا لدخول الوكلاء الصهاينة وشركاتهم في قلب مسام الاقتصاديات والبنى الاجتماعية والثقافية العربية تحت عنوان التطبيع والسلام وليس من المصادفة تزامن الحرب الاقتصادية الضارية ضد إيران وبلدن الطوق العربي حول فلسطين مع عرض خطة تقدم الأموال العربية مقابل الخروج من معادلات الصراع العربي الصهيوني والتخلي عن فلسطين والتطبيع مع العدو والالتحاق بالإمرة الأميركية الصهيونية والخضوع التام لمنظومة الهيمنة والسرقة المنظمة في المنطقة.
خامسا في صفقة ترامب حلب لمزيد من الثروات العربية المنهوبة من خزائن الخليج لحماية الصهاينة ولإحكام قبضة منظومة امنية عسكرية إقليمية بشراكة كاملة مع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني ودول الغرب ضد الشقيقتين إيران وسورية وسائر اطراف محور المقاومة من بيروت وبغداد وصنعاء وفي قلب فلسطين.
التهجير والاقتلاع والقتل والتشريد والتوطين في الخارج هو الحل الاستعماري الصهيوني المعروض على الفلسطينيين والنهب الغربي الصهيوني للثروات العربية والهيمنة المحكمة على الأسواق والخضوع المذل للاستعمار ووكلائه وعملائه هو المعروض على جميع العرب.
سادسا واهم هو الباحث عن طرق المواجهة بالمفرد فقد جرب الأشقاء المصريون والأردنيون والفلسطينيون بأنفسهم أوهام السلام المزعوم ووعود الرخاء الكاذبة خلال عقود مع اتفاقات الذل والكذب المنظم وخبروا جميع أفخاخ التفاوض التي جلبت الكوارث العميمة وخدمت الأطماع التي لانهاية لها وصاحبتها عوارض انهيار وإفقار وتدمير لقوى الإنتاج العربية.
إن طريق بناء مستقبل المنطقة ورخاءها هو تطوير محور المقاومة إلى اتحاد عربي إيراني تحرري متكامل وخوض معركة طرد جميع قوات الولايات المتحدة والحلف الأطلسي من المنطقة ولاسيما من العراق وسورية وتكامل القدرات الاقتصادية والعسكرية والسياسية بين جميع اعضاء محور المقاومة بدون استثناء من صنعاء إلى غزة وكل انتصار في اليمن وسورية وكل تحول في لبنان والعراق لصالح قوى المقاومة وخيارها التحرري وكل قوة مضافة تمتلكها إيران فيها الكثير لفلسطين ولشعبها المقاوم الأبي في كل مكان داخل الوطن المحتل وخارجه.
سابعا سقطت في سياق التجربة التاريخية جميع اوهام الحقوق والأعراف الدولية وكذبة القانون الدولي في الدفاع عن الحق العربي المهدد والمغتصب ولا يجوز في هذه المعركة أن يتلبس الإعلاميون دور الدبلوماسية العربية والإيرانية في الدفاع عن الحق العربي المسفوك فلتكن للمعركة الدبلوماسية لغتها التي يتقنها المنتدبون لخوضها من محور المقاومة وليكن الخطاب الإعلامي المقاوم خطاب القتال والصمود والتمسك بالمباديء وتأكيد فكرة التحرر ووحدة المعركة وترسيخها على أوسع نطاق ممكن ولتتفتح ملايين الورود ولترتفع ملايين المشاعل على دروب المقاومة والنصر .. فلابديل عن القوة لدحر الغزوة الاستعمارية الصهيونية الرجعية الممتدة منذ عقود.