خطاب الاخوة والشراكة العربية الإيرانية
غالب قنديل
تدفقت الملايين مجددا في شوارع طهران رغم الصقيع لتشارك في الشوارع المحيطة بصلاة الجمعة التي امها المرشد الخامنئي ومن ثم لتنطلق في مسيرات تؤكد النهوض الثوري التحرري الذي حققته دماء القائد الشهيد التي اطلقت موجة عارمة من الوعي والحماس في صفوف الإيرانيين تجلت بقوة في مواكب التشييع الضخمة المهيبة التي فاقت أي تصور وجالت في جميع المدن والبلدات على امتداد إيران التي عاهدت بطلها القومي الكبير الذي ناضل على رأس قوة القدس لتحرير المنطقة من الهيمنة الأميركية الصهيونية والتزم بدعم نضال جميع الأشقاء الطامحين إلى كسر هيمنة الاستعمار الغربي اللصوصي في بلادهم ودحر العدوانية الصهيونية الأميركية التي تهدد وجودهم ومستقبلهم وطموحاتهم إلى حياة حرة كريمة.
إنه السيد الجليل والقائد الثوري الشجاع الذي اتكأ على بندقيته بالأمس كما فعل دائما عندما كان يلقي خطبة الجمعة ليقود التعبئة إلى جبهات القتال دفاعا عن الوطن يوم كان ممثلا للقائد التاريخي مؤسس الجمهورية المستقلة الصاعدة الإمام آية الله الخميني في قيادة الدفاع المقدس وهو يحمل في يده ندوب مؤامرة اغتيال إجرامية استهدفته آنذاك وهو الشخصية الآسرة في مستوى الثقافة والحكمة والجرأة والتمسك بالمباديء.
أولا بعد سلسلة من المعارك التحررية الدفاعية والبناء الوطني الاستقلالي لاقتصاد إنتاجي متقدم وفي ظل ثورة تكنولوجية صناعية ضخمة تخوضها الطلائع الشبابية الإيرانية ومع القدرات الدفاعية العملاقة التي أثبتت جدارتها تحولت إيران إلى قوة استراتيجية رادعة للغطرسة الاستعمارية الصهيونية وقدمت البرهان العملي في ردها على جريمة اغتيال القائد المحبوب الذي قاد الكفاح على جبهات متعددة بطول المنطقة وعرضها وقد كان قرار الرد بذاته إثباتا قويا لشجاعة نادرة في تحدي الإمبراطورية الغاشمة المجرمة وما لبثت الاعترافات الأميركية تتوالى.
ثانيا خطبة المرشد باللغتين الفارسية والعربية كانت مكرسة في جانب مهم منها لمجموعة من الأفكار والمواقف التاريخية التي تضع فيها إيران رصيد تضحيات شعبها في بناء قلعة استقلالية حرة وجميع قدراتها في خدمة غاية مشتركة هي تحرير المنطقة برمتها من براثن الهيمنة الأميركية ونهبها اللصوصي للثروات وعدوانها المتمادي على السيادة والكرامة العربية ودعمها الوقح اللامحدود للكيان الصهيوني الغاصب والذي يمثل تهديدا مستمرا بالعدوان على جميع الدول العربية المجاورة لفلسطين السليبة وهو مايشمل المنطقة العربية قاطبة وحيث تتكفل مقدرات الردع والمقاومة التي دعمتها إيران بلاحدود بنزع زمام المبادرة من المعتدين.
ثالثا الأخوة العربية الإيرانية هي ميثاق التحرر والاستقلال والتنمية في مسيرة طرد القوات الأميركية من غرب آسيا والشرق العربي بالذات وبالتحديد تشمل هذه العملية التاريخية العراق وسورية ولبنان واليمن وتنعكس مباشرة على ميزان القوى في الصراع العربي الصهيوني وبكل ما يتعلق بقضية فلسطين.
برهن هذا السيد الجليل والقائد الثوري والمفكر المرموق بكل وضوح وبلغة مقنعة على وحدة معركة التحرر والتنمية في المنطقة وعلى ارتباطها بحل التناقض الرئيسي بالقضاء على الهيمنة الأميركية وأول الأهداف هو طرد الجيوش الأميركية لتحرير الإرادات السياسية المحلية من الإكراه والاغتصاب الأميركي المذل لكل حق سيادي في جميع البلدان الخاضعة للهيمنة أو التي تخوض قواها التحررية نضالا تاريخيا للتخلص من الهيمنة والحصار والضغوط الاستعمارية والتهديد العدواني الأميركي الصهيوني.
رابعا إنها المعركة الكبرى لقوى التحرر في المنطقة والعالم والقلعة الإيرانية الشامخة هي السند لكل مناضل تحرري لديه الوعي والإرادة من دون قيد أوشرط وهذا ما أظهرته مسيرة إيران وتضحياتها الجليلة في دعم قوى المقاومة والاستقلال خلال العقود الماضية وشراكتها الراسخة مع سورية العربية المقاومة وكانت مسيرة الفريق الشهيد محطة مجيدة في هذا السياق التاريخي.
تعمدت الأخوة العربية الإيرانية خلال عقود بجميع وقفات إيران البطولية منذ اغلاق سفارة العدو في طهران بعد انتصار الثورة وتجددت بدعمها للمقاومة اللبنانية حتى التحرير من خلال الشراكة الاستراتيجية مع سورية العربية وترسخت تلك الحقيقة في حرب تموز وفي ملحمة الدفاع عن سورية وفي نجدة العراق بعد غزوة داعش وبدعم إيران الدائم والمتجدد وغير المشروط لجميع فصائل المقاومة الفلسطينية التي حاصرتها وتآمرت عليها حكومات الخليج التابعة بأوامر اميركية بمن فيها منظمة التحرير التي تركت رهينة لتمويل اميركي صهيوني مشروط بالتنسيق المباشر بين السلطة الفلسطينية وسلطات الاحتلال ضد الفدائيين الفلسطينين.
خامسا لابد من البناء الثقافي الفكري السياسي على خطاب القائد المرشد بتعميق الوعي حول فكرة الأخوة الإيرانية العربية المجسدة لوحدة المصير وحول وحدة المعركة التحررية التي يعني كسبها بناء مستقبل جديد لكل المنطقة اقتصاديا وسياسيا كما شرح السيد الخامنئي.
بكفي ان نتخيل نتائج وانعكاسات طرد الاحتلال الأميركي من العراق وسورية البلدين الشقيقين الكبيرين اللذين قامت الاستراتيجيات الاستعمارية والصهيونية على المباعدة بينهما لمنعهما من التكامل والتحول إلى قوة عربية كبرى مستقلة وفاعلة منذ مطلع القرن العشرين وكيف الحال بالتكامل الممكن بعد تحرير الشرق العربي من الوجود العسكري الأميركي وفتح خطوط التواصل المباشر والشراكات الاقتصادية بين سورية والعراق وإيران ويكفي التفكير بنتائج هذا الإنجاز العظيم الممكن والقريب وانعكاساتها على معركة التحرر والبناء الاستقلالي في اليمن ولبنان وأي كتلة عظيمة ضخمة الإمكانات ستقوم في المنطقة لو تحقق ذلك النصر بجلاء القوات الأميركية الغازية بل وما هي انعكاساته المنتظرة في جميع دول غرب آسيا وشمال أفريقيا وفي العالم.