الصحافة الأمريكية

من الصحف الاميركية

تناولت الصحف الاميركية الصادرة اليوم دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إنهاء جلسات الاستماع في الكونغرس ضمن التحقيقات الهادفة إلى عزله، ووصفها ساخرًا بأنها “مطاردة ساحرات، وتسيء للبلاد“.

وقد تزامن ذلك مع إقرار السفير الأميركي لدى الاتحاد الأوروبي غوردن سوندلاند خلال شهادته في مجلس النواب بأن ترامب أمره بالعمل مع محاميه رودي جولياني بشأن ملف أوكرانيا، وأن الأخير كان يريد حث الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على التحقيق مع منافسي ترامب السياسيين.

وأكد ترامب على تويتر أثناء توجهه إلى تكساس في طائرة الرئاسة، أن سوندلاند على العكس قد برأه، وطالب بالإنهاء الفوري للتحقيق بهدف عزله. وقال إن “حملة مطاردة العزل انتهت الآن.. يجب أن تنتهي حملة المطاردة الآن، إنها سيئة جدا لبلدنا”.

نشرت صحيفة واشنطن بوست مقالا للصحافي إيشان ثارور، يقول فيه إن هناك أسبابا كثيرة تجعل المرء لا يفاجأ بقرار إدارة ترامب بأن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية لا تنتهك القانون الدولي.

ويقول ثارور إن هذا القرار الذي أعلن عنه يوم الاثنين وزير الخارجية مايك بومبيو يعد إجراء آخر أحادي الجانب رحبت به الحكومة الإسرائيلية اليمينية، التي شهدت اعترافا من الرئيس ترامب بالسيادة الإسرائيلية على القدس وهضبة الجولان.

ويشير الكاتب إلى أن “هذا القرار متناسق مع نمط السياسات التي ينتهجها سفير ترامب في إسرائيل ديفيد فريدمان، الذي يعد مؤيدا شديدا للاستيطان في الضفة الغربية، ما يضعف الاحتمال الذي هو في الأصل ضئيل في قيام دولة فلسطينية مستقلة.

ويلفت ثارور إلى أن “هذا القرار يتناغم مع دعم الإنجيليين المحليين لترامب، فالمسيحيون اليمينيون في أمريكا يرون في سيادة إسرائيل على الأراضي المقدسة جزءا من العناية الإلهية، بالإضافة إلى أن القرار هو بمثابة رفض لموقف الرئيس السابق باراك أوباما، الذي اختار في آخر شهر له في الحكم الامتناع عن التصويت بدلا من استخدام حق الفيتو ضد قرار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وصف المستوطنات بأنها (انتهاك فظيع بموجب القانون الدولي)“.

ويقول الكاتب: “كما هو الحال بالنسبة لتحركات ترامب الأخرى في إسرائيل، فإن هذا القرار قد يساعد على تعزيز حظوظ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المتراجعة، وهو حليف وصديق حميم قد توجه إليه تهم تزوير وارتشاء وخيانة للأمانة الأسبوع القادم، ومنافسه الرئيسي بني غانتس، وهو رئيس أركان سابق، يحاول تشكيل حكومة قبل منتصف ليل يوم الأربعاء، وإن فشل غانتس فإن شلل البرلمان سيستمر، ممهدا الطريق ربما لانتخابات ثالثة في أقل من عام“.

ويفيد ثارور بأن “بعض الإسرائيليين يحثون غانتس على تشكيل حكومة وحدة وطنية مع حزب الليكود، وكلا الزعيمين رحب بإعلان بومبيو، وهو ما يعكس بوضوح أنه بالرغم من الخلافات الأخرى الكثيرة، إلا أنه بخصوص مستقبل الأراضي الفلسطينية المحتلة فإنه ليس هناك فرق كبير بين معسكر الوسط واليمين، وعادت مجموعات المستوطنين والسياسيين اليمينيين إلى تجديد الدعوة لضم أجزاء من الضفة الغربية“.

وينوه الكاتب إلى أنه “منذ حرب 1967، انتقل 700 ألف مستوطن إسرائيلي للعيش في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وهي المناطق التي ستقوم عليها الدولة الفلسطينية المفترضة، لكن معظم البلدان الأخرى، بما فيها أقرب حلفاء أمريكا في أوروبا، تبقى مصرة على موقفها بأن هذه المستوطنات غير قانونية وضد مصلحة السلام، إلا أن الإدارات الأمريكية المختلفة سارت في خط أكثر غموضا“.

ويذكر ثارور أن “وزارة الخارجية الأمريكية أصدرت عام 1978 رأيا قانونيا بأن المستوطنات غير قانونية تماما، لكن بومبيو استشهد بسابقة مفترضة وضعها الرئيس الأسبق رونالد ريغان، مشيرا إلى مقابلة عام 1981 مع ريغان، التي قال فيها إن المستوطنات (ليست غير قانونية)، لكن كما أشار العديد من زملائي، فإن (ريغان مضى في مقابلته ليقول إن المستوطنات غير حكيمة، وفي خطة السلام التي أعقبت عام 1983 قال بأن التبني الفوري لتجميد المستوطنات من إسرائيل من شأنه أن يحسن من فرص السلام أكثر من أي فعل آخر)“.

ويعلق الكاتب قائلا إن “هذا الأخير بشكل قاطع ليس موقف إدارة ترامب، وبدلا من الدعوة إلى تجميد المستوطنات، فإن البيت الأبيض قام بتنفير الفلسطينيين ومعاقبتهم، من قطع لسبل الحصول على مساعدات إلى إغلاق مكتبهم الرئيسي في أمريكا، وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، لـ(واشنطن بوست): (هذه إدارة قررت التحول من التفاوض إلى الإملاء، وتحولت من كونها مؤيدة لإسرائيل إلى مؤيدة للاحتلال الإسرائيلي)“.

وتنقل الصحيفة عن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قوله في تغريدة له: “لقد صححت إدارة ترامب ظلما تاريخيا، واصطفت مع الحق والعدل، أشكر الرئيس.. اليوم هو يوم عظيم لدولة إسرائيل، وإنجاز سيكون بارزا لأجيال..”، مشيرة إلى قول بومبيو بأن الإدارة كانت ببساطة تعترف “بالواقع على الأرض” باختيارها أن تنظر إلى المستوطنات على أنها قانونية.

ويورد ثارور نقلا عن آرون ديفيد ميلر، وهو مفاوض سابق في عملية السلام في الشرق الأوسط تحت إدارات جمهورية وديمقراطية، قوله لقسم “توديز وورلد فيو” في صحيفة “واشنطن بوست” إن ذلك “الواقع” ساعدت على تشكيله الإدارات الأمريكية المختلفة التي عمل معها.

وأضاف ميلر، الذي أصبح الآن زميلا في “كارنيغي إنداومنت”: “منذ معادلة ريغان الغريبة فإننا تجنبنا بشكل متعمد عدم اتخاذ موقف بشأن إن كان النشاط الاستيطاني، بما في ذلك في القدس الشرقية، قانونيا أم لا.. وعلى مدى الخمس وعشرين سنة الماضية أذعنا لمشروع الاستيطان، وفشلنا في فرض ثمن عليه“. 

وتابع ميلر قائلا إن الإعلان الآن “يضع هذا الاختلال في التوازن في قالب جديد، وإن حصلت إسرائيل على حكومة فعالة فإن هذا يعد ضوءا أخضر للموافقة على موجة نشاط استيطاني“.

ويشير الكاتب إلى أن بومبيو وحلفاءه يصرون على أن هذه الإجراءات تخلق أساسا أكثر صلابة للمفاوضات، “لكن تلك وجهة نظر يتم السخرية منها على نطاق واسع؛ وانتقدت الحكومات الغربية والعربية بسرعة التحركات الأخيرة، ولم تثق كثيرا في عملية السلام الوهمية التي يقودها جاريد كوشنر، زوج ابنة ترامب، وقامت إدارة ترامب بتهميش القيادة الفلسطينية الضعيفة، في الوقت الذي يئس فيه الكثير من الفلسطينيين العاديين من قيام دولة مستقلة، ويطالبون بدلا من ذلك بإنهاء الاحتلال وحقوق متساوية داخل إسرائيل“.

وتنقل الصحيفة عن ميلر، قوله إن قرار الاعتراف بالمستوطنات “تحرك غبي لا يرتبط بأي استراتيجية.. ولا يمكنك إلا أن تتوصل إلى الاستنتاج بأن دوافعه هي السياسة الداخلية“.

ويلفت ثارور إلى أن من بين الذين أطلعوا على القرار قبل إعلانه، كانت المجموعات الإنجيلية الرائدة التي تدعم مشروع الاستيطان الإسرائيلي، والتي يشكل أتباعها قاعدة أساسية يعتمد عليها نجاح ترامب السياسي محليا.

وتورد الصحيفة نقلا عن مايك إيفانز، وهو عضو في مجموعة المستشارين المسيحيين الإنجيليين غير الرسمية، قوله: “لقد ساعد دونالد ترامب إسرائيل أكثر من أي رئيس في تاريخ أمريكا”، واحتج بأن “المشكلة الأساسية” بين الإسرائيليين والفلسطينيين هي “ليست الأرض”، لكن، عنصرية العرب المفترضة وفساد زعمائهم.

وأضاف إيفانز قائلا للصحيفة إنه احتفل باتصال شخصي مع بومبيو مساء الاثنين، “فهذه أرضهم لآلاف السنين”، مشيرا إلى التاريخ اليهودي في الضفة الغربية، وقال: “إنها أرض الكتاب المقدس“.

ويختم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن غيره من الشخصيات الدينية لم يكونوا بالحماس ذاته، فقال رئيس حاخامات لأجل حقوق الإنسان، وهي جمعية حقوقية تعمل في الضفة الغربية، آفي دبوش، لـ”واشنطن بوست”: “يجب علينا الآن أن نتذكر أصولنا.. لقد كان إبراهيم أبا للشعبين اليهودي والمسلم، وفي المحصلة يجب علينا جميعا أن نعيش هنا، وليس أن نموت بناء على معتقد متطرف بأن كل شيء يعود لملكيتنا نحن فقط“.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى