من الصحافة اللبنانية
أبرز ما ورد في عناوين وافتتاحيات بعض الصحف اللبنانية
لبناء: فوضى أمنية وفلتان أسعار وشح في السيولة النقدية… والطريق مسدود أمام المخارج السريعة ربط الوضع المصرفي بحكومة معدّلة برئاسة الحريري… ووعود بقبول الحراك المصارف تدعم إقفال الطرقات… ومشروع صفقة لفتحها مقابل شروط سياسيّة
كتبت صحيفة “البناء” تقول: بقي التحرك النيابي الذي بشّر به رئيس مجلس النواب نبيه بري، وافتتحه بلقاء مع وفد من تكتل لبنان القوي لتفعيل السير باقتراحات قوانين تتصل بمكافحة الفساد، هو الإشارة الوحيدة لحضور مؤسسات الدولة، التي يبدو أغلبها مستنكفاً عن القيام بمسؤولياته في لحظات دقيقة ومصيرية، حيث الفلتان الأمني يحكم الشارع والناس باتت تخاف مغادرة منازلها ولا تعرف ما ينتظرها في الشارع، لأنّ عصابات السرقة وفرض الخوات أول المستفيدين من إخلاء الأجهزة الأمنية للشارع تحت شعار تفادي التصادم مع المتظاهرين الذين يقطعون الطرق، وفلتان الأسعار بات شرعة السوق مع تسعير الدولار على 1800 ليرة وقياس الأسعار بالليرة اللبنانية على هذا الأساس، عدا الاستغلال للفوضى السياسية والأمنية، الذي يتذرّع بدفع تكاليف إضافية لإيصال المواد الاستهلاكية لمجموعات تملك نفوذاً على الذين يتولون إغلاق الطرقات، بحيث سجلت زيادة بنسبة 50 في الأسعار، مع غياب أي شكل من المتابعة الرسمية الفعلية.
بالتوازي، بقيت الصورة السياسية رمادية، حيث قيادة الحراك الشعبي غير المعلنة تتمسك بثنائية قطع الطرقات وربطها باستقالة الحكومة وتشكيل حكومة تكنوقراط. وبالمقابل صدرت مواقف من حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف تربط فتح المصارف بحل سياسي، بما يمنح المعلومات التي تناقلتها مصادر متابعة عن تشجيع المصارف لقطع الطرقات كورقة ضاغطة لما تسمّيه المصادر المصرفية بالحل السياسي. والمقصود هنا كما توضح المصادر المتابعة هو تسوية عمادها صفقة تقوم على مقايضة حكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري، تضم وزراء غير حزبيين، عبر استقالة الحكومة الحالية وإعادة تسمية الحريري لتشكيل الحكومة الجديدة، بموافقة الحراك الضمنيّة، الذي ضمنت موافقته قوى حزبية محلية ومراجع دبلوماسية ذات نفوذ على الحراك، خصوصاً عبر إمساكها بالتأثير على توجيه وسائل الإعلام الكبرى التي تعتمد على التمويل الخارجي، وتعيش تحت ضغوط تسهيلات مصرفية واسعة، والضمانة بفتح الطرقات مع هذه الحكومة تداولته أوساط على صلة بمناخ ساحات الحراك تراهن على استثمار التعب والشعور بالتأفّف الشعبي من قطع الطرقات، لاستثناء الرئيس الحريري من شعار كلن يعني كلن ، وحصر التغيير بالقوى السياسية، التي يشكّل إخراج وزراء التيار الوطني الحر وحركة أمل وحزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي من الحكومة ترجمتها العملية، وفيما لا يمانع الاشتراكي وأمل من تسمية تكنوقراط يمثلانهما، يصير إخراج الوزير جبران باسيل من الحكومة إنجاز يقطفه خصومه وليس الشارع الذي يكون تنازل عن شعار التغيير الشامل. والأهم أن حكومة بدون حزب الله ستصدر في عناوين الصحافة الغربية بتقديم الحراك الشعبي أداة لتعديل الموازين اللبنانية.
هذه التعقيدات جعلت مشروع الصفقة يتعقّد، رغم ثقة أصحابها بقدرتهم على ضمان فتح الطرقات وتعديل سقوف الحراك، بسبب ما تكشفه من صحة المخاوف التي أعلن عنها الأمين العام لحزب الله من تحويل الحراك إلى أداة لاستهداف معنويات المقاومة وحضورها، بدلاً من بقاء الساحات ورقة ضاغطة لضمان صدور الموازنة بدون ضرائب، وبدء ضخ الأموال للقروض السكنية، وسواها من مضمون الورقة الإصلاحية، وبالتوازي السير بفتح ملفات الفساد، وصولاً لفتح باب قانون الانتخابات النيابية مع شكوك حزب الله بجدية وصدقية الحديث عن فرصة لقانون يستند على النسبية ولبنان دائرة واحدة وخارج القيد الطائفي، كما يبشر بعض نشطاء الحراك.
مصادر على صلة بالمشاورات السياسية الدائرة أبدت خيبتها من مستوى البحث الدائر حول تسوية تضمنها دوائر خارجية وأحزاب تحاول السيطرة على الحراك، وأبدت الخشية من بقاء الاستعصاء حتى يصير قطع الطرقات مصدراً لغضب معاكس ينعكس على حجم المشاركة في الساحات، ويؤدي إلى إجبار الجيش والقوى الأمنية على فتح الطرقات في ظل ضمور الساحات، وفقدان فرصة تمثيلها أداة ضغط مطلوبة على الحكومة التي لم تمتثل إلا تحت الضغط وتتبنّى بعضاً مما كان عليها السير به منذ زمن طويل.
سجلت حشود المتظاهرين تراجعاً ملحوظاً في الساحات لاسيما رياض الصلح والشهداء وطرابلس، فيما اقتصر الحضور في الجنوب على أعداد متواضعة، بينما واصل حزب القوات حشد مناصريه بهدف الإبقاء على الطرقات مقطوعة رغم المناشدات السياسية الرسمية والكنسية بفتحها. وقد أفادت قناة الـ”ام تي في” أن “مجموعة من المتظاهرين من جل الديب والزوق وغزير زارت بكركي للقاء البطريرك مار بشارة بطرس الراعي بطلب منه، وهو ذكّرهم ببيان بكركي وجدد مطلبه بضرورة فتح الطرقات إلا انهم أكدوا أن الطرقات لن تفتح إلا بعد إسقاط الحكومة”.
في المقابل، خرجت مسيرة مؤيدة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون في جونية وسط إجراءات أمنية للجيش اللبناني. وحذرت أوساط تكتل لبنان القوي من أن “ما يجري في الشارع من ممارسات ومواقف لبعض الأحزاب السياسية، لا سيما القوات، مؤامرة على العهد بسبب مواقفه الوطنية والخارجية الداعمة للحقوق الوطنية والسيادية من سلاح المقاومة والثروة النفطية والغازية والانفتاح على سورية وإعادة النازحين السوريين”، مشيرة لـ”البناء” الى أن “الحراك تحوّل من مطلبي الى سياسي”.
الأخبار: هلأ لوين؟ رياض سلامة يهوّل بانهيار “خلال أيام”… ثم يسحب كلامه!
كتبت صحيفة “الأخبار” تقول: بالتهويل والتهديد، دخل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي – وزير المالية السابق جهاد أزعور، على خطّ الحراك – قوى السلطة. سلامة يبحث عن مخرج يرفع عنه مسؤولية إيصال البلد إلى الانهيار وتحميل نتائجه للناس التي انتفضت في الشارع، فيما أزعور بدأ يحدّد شروط صندوق النقد الدولي، مروّجاً لاستعادة الثقة عبر خصخصة قطاعي الاتصالات والطاقة.
انهيار خلال أيام
حاكم مصرف لبنان أجرى مقابلة مع شبكة “CNN” سئل فيها: “قلتَ إن لديك ما يكفي من الاحتياطات لضمان عدم حصول انهيار اقتصادي، فهل نتحدث عن أيام أو أسابيع أو شهور؟”. أجاب سلامة: “المسألة مسألة أيام، لأن الكلفة كبيرة على البلاد، ونخسر يومياً المزيد من الثقة، فيما التمويل والاقتصاد يعتمدان على الثقة. المصارف مقفلة، فيما الأصول الأهم للبنان هي المغتربون الذين إذا لم يروا أن هناك حلاً يعطيهم أملاً في المستقبل، فإن التدفقات التي يعتمد عليها لبنان ستنخفض. ومن أجل معالجة الأزمة نحتاج إلى حل فوري. الرئيس الحريري كان يريد الاستقالة من أجل تشكيل حكومة جديدة، وأعتقد أن خطواته السياسية تدل على أنه يحاول الحصول على إجماع على تشكيل حكومة جديدة أو تغيير في الحكومة الحالية بشكل يرضي الشعب اللبناني ويعيد بعضاً من الثقة. حتى الآن ليس هناك تقدم في هذا المجال”.
كلام سلامة لا يحتمل الكثير من التأويل؛ فمن جهة، يأتي بعد ساعات على لقائه رئيس الحكومة سعد الحريري بحضور وزير المال علي حسن خليل، كما أنه للمرّة الأولى يقرّ بأن اقتصاد لبنان قابل للانهيار سريعاً لأن الاحتياطي بالعملات الأجنبية لا يكفي إلا لأيام. وهذا الكلام لا يمكن تفسيره إلا بأنه محاولة لغسل يديه من أي مسؤولية تتعلق بحدوث الانهيار، وتحميله للتحركات الشعبية، رغم أن سياساته النقدية، والنموذج الاقتصادي المعتمد في لبنان على مدى العقود الماضية، أوصلا البلد مراراً وتكراراً لمرحلة الانهيار التي استدعت طلب مساعدات مالية من الخارج للبنان. كما بدا أنه يحاول، عبر التهويل من الانهيار، تقديم يد المساعدة للحريري لإجراء تعديل حكومي أو تشكيل حكومة جديدة، أي تحميل القوى السياسية الرافضة لهذا الإجراء مسؤولية الانهيار.
الحاكم يلحس كلامه
لاحقاً، أجرى سلامة حواراً مع “رويترز” حاول فيه إنكار ما قاله للقناة الأميركية رغم وضوح كلامه، زاعماً أن العنوان الذي وضعته CNN “لا يتماشى مع ما قلته في المقابلة معهم”، ناكراً أنه قال “نحن بصدد الانهيار خلال أيام، بل ما قلته هو أننا نحتاج حلّاً فورياً خلال أيام لاستعادة الثقة وتفادي حدوث انهيار في المستقبل”.
وزعم سلامة أنه “عندما تفتح المصارف أبوابها، لن تكون هناك قيود على حركة الأموال ولا خفض لقيمة الديون”. لكن، وفي مقابل مزاعمه، تشير الوقائع إلى أن المصارف تطبّق قيوداً منظّمة على عمليات السحب والتحويل، منها تحديد سقف للسحب النقدي من الصرافات الآلية، وامتناع المصارف عن تمويل عمليات التحويل من الليرة إلى الدولار بشكل استنسابي، وبحجّة أنه لا توجد لديها سيولة كافية للقيام بكل العمليات… ثمة الكثير من الإجراءات التي يمكن إدراجها تحت عنوان “قيود على السحب والتحويل”، تمارسها المصارف منذ أشهر بناءً على اتفاق شفهي مع مصرف لبنان. لا فرق بين وجود قرار خطي من مصرف لبنان أو اتفاق شفهي مع المصارف ما دامت النتيجة واحدة، إلا إذا كان سلامة يعتبر أن إقفال المصارف أبوابها لا يمكن أن يندرج في إطار القيود على السحب والتحويل أيضا. فإذا كان الوضع جيدا، فلماذا يستمر إقفال أبواب المصارف لليوم العاشر؟
ولم يكتف سلامة بهذا السلوك المتهوّر من حاكم لمصرف لبنان، بل عندما سئل عن احتمال لجوء لبنان إلى برنامج مع صندوق النقد الدولي، أجاب: “على الحكومة أن تقرّر ما ينبغي القيام به”. لم ينف سلامة احتمال القيام بهذه الخطوة، ولكنه تركها لتكون قراراً سياسياً على عاتق قوى السلطة التي فشلت في إدارة الأزمة منذ سنوات.
إصلاحات الـIMF مجدداً
تهديدات سلامة سبقها كلام لوزير المالية السابق جهاد أزعور الذي يرأس حالياً إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي. أزعور قال لـ”رويترز” إن الصندوق يدرس الإجراءات التي أعلنتها الحكومة الاسبوع الماضي (الورقة الاقتصادية لرئيس الحكومة) “ليس فقط ما تتضمنه، بل الجدول الزمني للحزمة في بلد مثل لبنان الذي يعاني من مثل هذه المستويات المرتفعة، من الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي ومستويات مرتفعة لعجز مزدوج”. وأوضح أن “ثمة حاجة عاجلة إلى إصلاحات أساسية في لبنان من أجل استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي والثقة وتحفيز النمو وتقديم بعض الحلول للقضايا التي يثيرها الشارع”. ويعتقد أن استعادة الثقة في الاقتصاد تأتي عبر “تنفيذ بعض الاصلاحات التي طال انتظارها في قطاعي الطاقة والاتصالات، وفقاً لجدول زمني مفصّل جداً”.
بمعنى آخر، يُفهم من كلام أزعور أن صندوق النقد الدولي لا يرى إلا خصخصة قطاعي الاتصالات والطاقة خياراً اساسياً للقيام بإصلاحات يرضى عنها الصندوق. وهو الخيار الذي تبنّاه رئيس الحكومة سعد الحريري في الورقة التي وافقت عليها الحكومة وأعلنها بعد جلسة لمجلس الوزراء. ويتناغم أزعور مع احتمالات الانهيار التي سأل عنها ممثلو صندوق النقد الدولي في اجتماعات الخريف التي عقدت أخيراً في الولايات المتحدة. بمجرد وجود احتمال الانهيار، تزداد فرص لجوء لبنان، أو إخضاعه بقوّة الدائنين الأجانب، لبرنامج مع صندوق النقد الدولي مقابل قروض يحدّد الصندوق وجهة استعمالها. لذا، يرسم أزعور الشروط التي سيقبل بها الصندوق للقيام بمثل هذا الأمر، وهي شروط سبق أن طالب بها قبل انعقاد مؤتمر سيدر وبعده. والحديث عن إصلاحات في قطاعي الطاقة والاتصالات في هذا التوقيت السيّئ لبيع أي شيء بالمطلق في لبنان، ليس سوى بداية الوصفة التي يطالب الصندوق بتطبيقها في لبنان، وهي تشمل أيضاً زيادة ضريبة القيمة المضافة والرسوم على استهلاك الوقود.
اللواء: “مأزق السُلطة” يفاقِم أزمة الشارع: مَن يصرُخ أولاً! سلامة يربط منع الإنهيار بحل يُعيد الثقة.. وحزب الله لسلّة كاملة: حكومة أخصائيِّين ولا تَفَاوض تحت ضغط “قطع الطرقات”
كتبت صحيفة “اللواء” تقول: .. في اليوم 12 لحركة الإحتجاجات المنتظمة التي تملأ شوارع بيروت ومربعاتها، ومراكز المحافظات من طرابلس إلى صيدا، وزحلة وبعلبك وصيدا وصور وحلبا والنبطية، وسائر المناطق، بدا المشهد أكثر ضغطاً:
1 – تتباطأ الطبقة السياسية في اجتراح حلول للمشكلات القائمة، واهمها الاقدام على خطوة إنقاذية ليس أقلها، ولادة حكومة انتقالية تخرج “الرموز السياسية” الأكثر استفزازية لمشاعر النّاس وكراماتهم، وتحترم خيار التغيير الذي ينشدونه.
2 – إزاء هذا التباطؤ ترتفع لدى المحتاجين، صيحات الرد على الإستهتار، والذهاب الى خطوات، بعضها يتعلق بشل قطاعات العمل في الوزارات والإدارات بما في ذلك القطاع الخاص..
3 – تتطاير اخبار أو خبريات عن “انهيار هنا” وتكالب على إخفاء الحاجات الضرورية، التي تهم المواطن..
4 – في وقت تمضي فيه المصارف، إلى المضي في الاقفال، وتزويد المصارف، عبر نوافذ السحوبات اليومية (ATM) بما لا يكفي، أو لا يسمن ولا يغني من جوع..
5 – وفي السياق، خرجت تداعيات الحراك اقتصادياً إلى الشارع، فمن جهة نفد الوقود من محطات المحروقات في عكار وصيدا، ومن جهة أخرى ارتفعت أسعار الأدوية المدعومة، وغير المدعومة، وكذلك، رفع أصحاب بيع “تلي Carte“، أسعار بيع وحدات “3G” إلى الضعف وأكثر..
وهكذا بدا ان الأزمة تراوح مكانها، لا الحكومة ماضية إلى تعديل وزاري يقلص عدد وزرائها الى النصف تقريباً، ولا الناس في الشارع على استعداد للانسحاب وفتح الطرقات.
الجمهورية: “مصرف لبنان” يدقّ جرس الإنذار.. والمحتجّـــون يضغطون.. والسلطة تُفضِّل “التفعيل”
كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: بات من المسلّم به أن إنهاء الأزمة الراهنة، أو بمعنى أدق بدء سلوك هذه الازمة الطريق الى الحل، يحتاج الى ثمن، ولكن ليس أيّ ثمن. والسؤال البديهي الذي يطرح نفسه في هذا الاطار: ما هو هذا الثمن؟ من سيدفعه؟ مِن حساب مَن سيُدفع؟ وعلى حساب من سيُدفع؟ ومِن حساب مَن سيُسحَب؟ إلّا انّ السؤال الأكبر من كل تلك الاسئلة: ما هو الثمن الذي سيدفعه البلد، اذا ما استمر هذا الانحدار الحالي سياسياً واقتصادياً ومالياً وفي الشارع؟ على أنّ كل هذه الحركة السياسية والشعبية تتواكب مع وقائع متدحرجة على كل المستويات، تقترن بتحذيرات مالية على شاكِلة الصورة القاتمة التي رسمها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حول الوضع اللبناني، وأكد فيها الحاجة الى حل فوري وخلال أيام، تجنّباً للأسوأ. وهو كلام أثار ذعراً، سواء على المستوى الشعبي، وكذلك على المستوى السياسي، حيث أكد مرجع كبير لـ”الجمهورية” انّ “صورة لبنان تقترب من السواد الحالِك. ولذلك، ومهما كلّف الأمر، صار من الواجب أن يتبلور مخرج سياسي هذا الأسبوع، والّا فإننا سنندم جميعاً”.
الناس، وعلى رغم الطقس الماطر، ماضية في تحركها ضد السلطة، فغَصّت الساحات بجموع المحتجّين، فيما استمر قطع الطرقات الرئيسية في العديد من المناطق، بالتوازي مع تأكيد المحتجّين الاستمرار في قطع الطرقات لإرغام السلطة على الاستجابة لمطالبهم التي ما زالت تتجاهلها منذ 12 يوماً، في مقابل دعوات الى فتح الطرقات تحت عنوان: إذا كان التعبير عن الرأي حقاً مُصاناً، فحرية تنقّل المواطنين حق مُصان أيضاً.
معايير متناقضة
ومع إصرار المحتجين على البقاء في الشارع، علمت “الجمهورية” أنه في الوقت الذي أكد رئيس الجمهورية أولوية معالجة الوضع الأمني وفتح الطرق اللذين يجب أن يتقدّما على المسارات الأخرى، فإنّ أوساط “بيت الوسط” أعطت الأولوية للمسار السياسي. فالحراك في الشارع ما زال سلمياً، ولا يجوز استدراج الموجودين في الشارع الى أي مواجهة أمنية أو ما يؤدي الى توتير الوضع، فالحراك كان سلميّاً وسيبقى كذلك، ومن المهم التعاطي معه على هذه الأسس.
“تطنيش”!
على الأرض، تكفي جولة على ما عَبّر ويعبّر عنه الناس من مطالب وأوجاع في انتفاضتهم المستمرة منذ 12 يوماً ضد السلطة الحاكمة، وعلى واقع هذه السلطة وكيفية مقاربتها لهذه الانتفاضة الشعبية المشتعلة ضدها في الشارع، للوقوف على مُسلّمتين لدى المحتجين:
– الأولى، انّ الترقيع التقليدي الذي كان مُتّبعاً في مقاربة أزمات ما قبل 17 تشرين الاول 2019، لم يعد اللغة التي يفهمها الناس أو التي يريدون أن يسمعوها بعد، في ذروة انتفاضة صَدّعت السلطة وأصابتها بأوجاع سياسية ومعنوية في كافة مفاصلها.
– الثانية، انّ محاولة البحث عن “كبش فداء”، تُنسَف من خلاله انتفاضة الشارع، هي في نظر الناس محاولة خبيثة، تَنمّ عن أنّ السلطة مُصرّة على المنحى الاحتيالي الذي تسير عليه، بل هي في أحسن الاحوال، محاولة عبثية تواجه فيها الناس بلعبة مكشوفة وخاسرة سلفاً، لن يكون من شأنها إلّا إشعال الشارع أكثر فأكثر في وجه السلطة.