من الصحافة اللبنانية
أبرز ما ورد في عناوين وافتتاحيات بعض الصحف اللبنانية
البناء: عون للمتظاهرين: ملتزم معكم بمكافحة الفساد… و”القومي” يثمّن ويدعو للخروج من الطائفية التعديل الحكومي بدلاً من فتح الملفات: الحريري يلاقي جنبلاط وجعجع بحكومة دون باسيل؟ تردّد أمني في فتح الطرقات… وقلق مصرفي من فتح الأسواق… وهروب من قانون الانتخاب
كتبت صحيفة “البناء” تقول: لاقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في مضمون كلمته دعوات المتظاهرين لمكافحة الفساد والنظر في الوضع الحكومي، من دون أن تتضمّن كلمته المتلفزة جدولاً لخطوات محدّدة ينتظرها الشارع لا تنتمي للوعود والنيات الحسنة، فقد ذكّر الرئيس بمواقفه وسعيه وتقدّمه باقتراحات قوانين لرفع الحصانات ورفع السرية المصرفية عن كل المسؤولين الحاليين والسابقين، وسعيه لقوننة آلية ملاحقة واستعادة المال المنهوب، وأبدى انفتاحه على إعادة النظر بالوضع الحكومي، وشرح للمتظاهرين استحالة الحديث عن تغيير النظام بكبسة زر، داعياً للقاء مَن يمثل ساحات الاحتجاج لفتح حوار معهم حول مطالبهم، وفيما لم تتلقَّ الساحات كلمة رئيس الجمهورية بردات فعل تحدث اختراقاً في المسار المقفل سياسياً، بدا أن البحث في التعديل الحكومي يتقدّم على مستوى الكتل الكبرى، حيث حدّد كل من حزب القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، هدفاً للتعديل هو حكومة من دون وزير الخارجية جبران باسيل. وقالت مصادر مطلعة إنه في الوقت الذي وافقت القوات على البقاء خارج الحكومة وتعيين بدلاء لا يعارضونها بدلاً من وزرائها المستقيلين أو تصغير الحكومة باستقالات موازية من الوزراء المسلمين، لتمنح دعمها للحكومة المعدّلة، إذا تحقق شرط إخراج باسيل منها، أبدى رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي الاستعداد للتضحية بالوزير أكرم شهيب في تعديل حكومي يُخرج باسيل، ويخرج بموجبه وزيران من كل من الوزراء الشيعة والسنة، لمصلحة حكومة عشرينية. وقالت المصادر إن رئيس الحكومة سعد الحريري الذي اتصل برئيس الجمهورية مؤيداً دعوته لإعادة النظر بالوضع الحكومي، لا يمانع مثل هذا التعديل لكنه يخشى المجاهرة به قبل نضجه، تحسباً لخسارة العلاقة مع رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، ويحاول عبر رئيس مجلس النواب تسويق الطرح، واستكشاف موقف ثنائي حركة أمل وحزب الله ليتخذ القرار بالخطوة التالية، بينما قالت المصادر إن حزب الله رفض الفكرة بالمطلق واعتبر أن وراءها محاولة لمعاقبة باسيل على مواقفه الخارجية وليس على المواقف الداخلية التي لا يتفق الحزب معها كلها بالضرورة، لكنه لا يراها سبباً كافياً للحملة المنظمة لتغيير حكومي تحت شعار المطلوب رأس باسيل إلا إذا كان الأمر تلبية لطلب خارجي يتصل بمواقف باسيل من المقاومة وسورية في المحافل الدولية.
بالتوازي راوحت المعالجات مكانها سياسياً وأمنياً ومالياً. فالحديث عن مكافحة الفساد حلّ مكانه الحديث عن التعديل الحكومي، وترتيب الوضع الأمني وفقاً لمعادلة حرية التجمع في الساحات وبالتوازي ضمان حرية التنقل وتأمين فتح الطرقات، يعيقه التردّد الأمني على مستوى قيادة قوى الأمن الداخلي وقيادة الجيش، خشية وقوع تصادمات في ظل ما بدا أنه قرار قواتي بالذهاب إلى الصدام إذا أصرّ الجيش على فتح طريق جونية، بينما كشفت الأوساط المصرفية عن خشيتها من فتح الأسواق دون توافر صدمة سياسية إيجابية، يجري تسويق الدعوات للتعديل الحكومي في ظلالها، وغاب عن التداول السياسي ما طرحه الحراك من دعوة لقانون انتخابي جديد غير طائفي وفق النظام النسبي وفي لبنان دائرة واحدة، وهو ما تضمّنه بيان الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي ثمّن كلمة رئيس الجمهورية ودعا للخروج من النظام الطائفي في ظلّ المناخ الذي وفّرته التعبيرات الشعبية في الساحات ومناداتها بقانون انتخابي جديد خارج القيد الطائفي.
ثمّن الحزب السوري القومي الاجتماعي مضمون كلمة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى اللبنانيين، التي أكدّ فيها على المطالب المحقة، والالتزام بتنفيذ الورقة الإصلاحية ومحاربة الهدر الفساد وتغيير المقاربات الاقتصادية وتطوير النظام السياسي وضرورة مغادرة الذهنية الطائفية والمذهبية التي حكمت لبنان منذ تأسيس النظام الطائفي الذي هو علة العلل. لافتاً الى أنّ هذه المواقف غاية في الأهمية، لأنها لا تعبّر فقط عن تفهّم وجع الناس وتبنّي مطالبها المحقة، بل تشخّص واقع الداء الذي يفتك بلبنان، ألا وهو النظام الطائفي.
ورأى الحزب القومي في بيان أصدرته عمدة الإعلام، أنّ الناس أسمعت صوتها، والمطلوب أن تنتظر وتراقب تنفيذ تعهّدات والتزامات الحكومة والمسؤولين في الدولة. وهذا هو المسار الطبيعي للأمور. والكلّ مطالب بتحصين البلد ضدّ محاولات بعض الأطراف والجهات ركوب موجة التظاهرات لحرفها عن هدفها الحقيقي.
الأخبار: التسييس الفئوي للتظاهرات ينذر بفوضى تهدد الحراك والبلاد
كتبت صحيفة “الأخبار” تقول: من يملكون ترف النقاش المفتوح، وجلّهم من النخب المنتفخة، وحدهم من لا يهتمون لاندلاع الفوضى في لبنان. ليس لأنهم قصيرو النظر حيال ما سيصيبهم من ضرر، شأنهم شأن بقية الناس. ولكن، فقط، لأنهم ليسوا على الطاولة. هؤلاء يتصرفون، في كل الاحتجاجات والانتفاضات والثورات، على أنهم الناطقون الدائمون باسمها، لكن ما يريدونه هو الوصول الى جنّة السلطة، لا أكثر ولا أقل.
قد يكون هذا حقهم. كما هو حق القوى السياسية استغلال كل تطور سياسي أو شعبي لتحسين موقعها. لكن ما ليس من حق كل هؤلاء، محاولة جرّ الناس الى مواجهات وأهداف ليست هي جوهر ما يطالب به الخارجون الى الشوارع في معظم لبنان. ليس من حق هؤلاء، أفراداً أو مجموعات أو قوى سياسية، أخذ الشارع الى مطارح لا تطابق هواجسه الرئيسية المتمثلة في كنس جيش الفاسدين. وهذا الجيش لا يقتصر على من يصرّ الإعلام في لبنان على حصره في لائحة سياسيين. وكأن البقية ــــ من اقتصاديين وتجار ورجال أعمال ورجال دين وإعلاميين وخبراء وناشطي المنظمات الممولة من الخارج ــــ ليسوا من أعضاء هذا الجيش الذي ينهش في جسد لبنان.
بات واضحاً، اليوم، حجم الخطر الذي يحدق بالحراك. والخطر، هنا، ليس من أهل الحراك وجمهوره الحقيقي. بل من مساعي أركان هذا الجيش لنقل المواجهة الى مكان آخر، وإلى إعادة إحياء الشعارات الزائفة حول تعايش الطوائف والطائفيين، وحول وحدة البلاد من شمالها الى جنوبها، وحول الدور السياسي لهذا الفريق أو ذاك، وحول علاقات لبنان بالخارج، وحول أحوال الموضة والتسوّق والصراعات المالية والتجارية. وكأن الناس المقهورين الذين يعانون البطالة والعوز، وباتوا لا يثقون أن في إمكانهم تعليم أولادهم أو توفير ملاذ صحي لهم أو عمل، ليسوا هم أصحاب القضية.
لذلك، بات واجباً تحذير الجميع من خطر الفوضى التي تهدد كل شيء: الحراك وما بقي من استقرار في لبنان. الفوضى التي تعيد بثّ الروح في التوترات، التي سرعان ما تأخذ أبعاداً مناطقية وطائفية وجِهَوِية، وسرعان ما تستدعي الخارج للتمويل والدعم والتسلح والغطاء السياسي. وتستدعي آليات الاستفزاز الباحثة عن ضربة ورد عليها. وتستدعي العاطلين عن العمل ودفعهم ليكونوا جيوش الجيل الجديد من ورثة الطائفيين على اختلافهم.
أصحاب المصلحة في نشر هذه الفوضى باتوا أكثر من المتوقع. من بينهم قوى السلطة التي تعتقد بأن الفوضى تعيد إنتاج قواعدها للعودة الى لعبة الحوار من فوق من أجل المكاسب من فوق أيضاً. ومن بينهم، كذلك، أصحاب النفوذ في المؤسسات المالية والاقتصادية الذين يريدون إعادة تعويم تجربة مافيات الحرب لكسب المزيد من الأموال غير المشروعة. ومن بينهم، أيضاً، القوى السياسية المتقلبة ــــ تارة في السلطة وطوراً في المعارضة ــــ والساعية الى تحسين شروطها. كما أن من بينهم المجموعات التي تعيش على تمويل الخارج وتريد تسديد الفواتير له، والإعلام الخاضع لسلطة المال والميليشيات الطائفية. هذا الإعلام الذي يتوهم أن بإمكانه الحلول مكان أهل الحكم، والذي يقوم بأقذر الأدوار في تقديم الشعارات السياسية على الشعارات المطلبية، لأنه ــــ أيضاً ــــ يسدّد فواتيره الى القوى السياسية والمالية التي لا تزال تموّله من أموال الناس والدولة. وهذه هي الحال مع غالبية القنوات التلفزيونية التي سبق لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي استغل نفوذه داخل المؤسسات التابعة لمصرف لبنان وداخل القطاع المصرفي ومع كبار التجار، لمعالجة مشكلات أصحابها، وسهّل لها الحصول على قروض مالية كبيرة، لم يصرف منها قرش واحد في المؤسسات الإعلامية أو لتحسين ظروف العاملين فيها، بل استخدمت لخدمة أصحاب هذه الوسائل ومشاريعهم التجارية الجانبية.
الفوضى المحدقة بالحراك خطيرة لأنها ستضع الناس أمام الاختيار بين الاستمرار في المطالبة بالتغيير الشامل، والفوضى الأمنية والانهيار المالي. يراد، اليوم، أن يقال للناس إن عليكم أن تختاروا: إما القبول بحكم الفاسدين في الدولة والاقتصاد والإعلام والمُستَولِين على القطاعات التربوية والصحية والاجتماعية، وإما الذهاب الى فوضى وحروب تنال من راحتكم وأمن عائلاتكم.
وإذا كان الحراك لم يتشكّل على هيئة تحرّك منظّم تقف خلفه قوى أو تحالفات واضحة، فإن الوقت لا يزال متاحاً لخلق إطار تنسيقي يحميه من عملية التسييس القائمة لأهداف لا تخصّه. وهو إطار ضروري، لكون جيش الانتهازيين يتحرك بقوة داخل الساحات، ولأن الإعلام يريد أن يقرر ما هي المطالب الحقيقية للناس، علماً بأن هذا كله لا يعفي السلطة، وقواها كافة، من التصرف بواقعية بدل الإنكار والمكابرة. أما التذرع بأننا لا نعرف مطالب الناس فهو عذر أقبح من ذنب. الشارع يريد، أولاً، شراكة تمنحه حق الرقابة الفعلية على ما تقوم به مؤسسات السلطة ويريد التثبت من وصول شخصيات الى مواقع القرار والإشراف على إنفاق المال العام وإدارة مؤسسات الدولة. وهو أمر متاح، ما لم تواصل السلطة عمليات فحص دماء الطائفية والولاءات الشخصية لكل مرشح لتولّي وظيفة عامة. ولأن الناس يريدون الخلاص من زمن ربط مصير البلاد ومقدراتها بأشخاص دون غيرهم. هل بات لبنان عاجزاً عن إيجاد حاكم جديد لمصرف لبنان يتولى الإشراف على آليات منطقية وعملية ولاسياسية للسياسات النقدية في البلاد؟ هل يخلو لبنان من شخصيات تجيد إدارة وزارات الخدمات كافة من دون الخضوع لوصاية هذه الجهة السياسية أو تلك؟ وهل بات خالياً من كوادر قادرة على حفظ الحق العام في البحر والبر والهواء؟ هل بات لبنان عاجزاً عن إدارة مرفق عام، حتى يكون البديل بيع الدولة إلى أثرياء جمعوا أموالهم من السرقات والفساد.
على أن الدور الأبرز في منع انزلاق الجميع نحو الفوضى المدمرة، هو لقوى أمنية وعسكرية، يجب أن تفكر قياداتها، لمرة واحدة، بأن طموحاتها السياسية لم تعد تنفع. هذه القيادات الطائفية لم تعد قادرة على حماية مواقعكم. ووعود الدول الخارجية لكم بمناصب وامتيازات لم تعد قابلة للتحقق. انظروا من حولكم كيف يهرب الغرب، تاركاً من وثق به وتعامل معه. وإذا لم تبادر القوى العسكرية والأمنية الى ابتداع وسائل تمنع صدام الناس بعضها ببعض، وتمنع استغلال هذا أو ذاك لإدارة الحراك، وهو أمر في إمكانها فعله، فسنكون أمام انقسامات تطيح وحدة هذه القوى وفعاليتها. عندها، سيقول الناس بأن من غير المجدي إنفاق قرش واحد على جيش وقوى أمن وأجهزة لا تبادر الى حماية السلم الأهلي…
لبنان اليوم على مفترق طرق. والفوضى التي تهدّد الحراك الشعبي ستجلب العار لكل من يعلم ويصمت، ولكل من يصرّ على أنه الأكثر معرفة، وكل من يمارس فوقيّة أخلاقيّة على الآخرين.
النهار: للمرة الأولى خيارات التغيير الحكومي على الطاولة
كتبت صحيفة “النهار” تقول: اذا كان “اقتحام ” أنصار “حزب الله” الساحة الرئيسية لانتفاضة الغضب، ساحة رياض الصلح، طبع ميدانياً اليوم الثامن من الاحتجاجات والاعتصامات والتظاهرات التي تعم لبنان من دون تراجع أو تهاون، فان هذا التطور لم يحجب التطور السياسي الابرز منذ بدء الانتفاضة والذي تمثل في وضع الواقع الحكومي على طاولة اعادة النظر تعديلاً للحكومة أو تبديلاً شاملاً لها. هذا الواقع اكتسب دلالات مهمة من شأنها ان تضع للمرة الاولى المواجهة الجارية بين السلطة السياسية والانتفاضة الاحتجاجية الشعبية أمام اختبار حساس ومحك حاسم يتوقف عليهما تقرير مصير الحكومة كما الانتفاضة في الايام المقبلة.
فحتى البارحة، لم تكن الانتفاضة الماضية بوتيرة الزخم التصاعدي نفسه على رغم هطول الامطار الغزيرة واغراق الطرق وساحات الاعتصامات بالسيول قد اطلقت أي اشارة أو مؤشرالى تلقف الرسائل والمبادرات التي تأتيها من جانب العهد والحكومة والمسؤولين. وهو الامر الذي تكرر أمس في ردة الفعل السلبية للمنتفضين والمتظاهرين والمعتصمين على الكلمة التي وجهها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اسوة بردة فعلهم الاولى على الخطة الاقتصادية والمالية الاصلاحية التي اعلنها رئيس الوزراء سعد الحريري والتي تبناها مجلس الوزراء في جلسته الاخيرة.
وبدا واضحاً أن لغة التخاطب والمقاربات الحوارية بين السلطة والمنتفضين لا تزال منعدمة حتى الآن بما يعني ان المنتفضين لن يتراجعوا قبل تلقيهم مبادرة سياسية كبيرة وملموسة بحجم تغيير الحكومة وليس أقل من ذلك. لكن هذا المسار، وان لم يتبلور بعد ما اذا كان اركان السلطة والقوى السياسية شرعوا فعلا في تداوله كخيار حتمي أو ان لديهم خياراً بديلاً يمكن ان يقنع المنتفضين، بدا كأنه بات مطروحاً ضمناً في خلفية المشاورات السرية الجارية بعيداً من الاضواء منذ أيام وخصوصاً بعدما شكلت كلمة الرئيس عون اضاءة للاشارة الخضراء أمام انطلاق البحث جدياً في الواقع الحكومي وترحيب الرئيس الحريري بالموقف الرئاسي.
وفي المعلومات المتوافرة لدى “النهار” في هذا السياق ان المشاورات لم ترس بعد على خيارات ثابتة، لكنها تدور حول جملة خيارات منها اجراء تعديل وزاري يشمل تعيين أربعة وزراء مكان وزراء “القوات اللبنانية”، بالاضافة الى استبدال ثلاثة أو أربعة وزراء آخرين من أبرزهم الوزراء جبران باسيل وعلي حسن خليل ومحمد شقير. كما ان ثمة خياراً طرح باستقالة الوزراء من تلقائهم مع وزيري الحزب التقدمي الاشتراكي وائل بو فاعور واكرم شهيب في ظل اتجاه رئيس الحزب وليد جنبلاط الى هذه الخطوة، ويجري تعيين وزراء جدد مكانهم. واذا كان هذان الخياران لايزالان يثيران تساؤلات وشكوكاً حيال ردود الفعل المحتملة عليهما، فان الخيار الثالث المطروح يبقى أبرز الخيارات لانه يتناول التبديل الحكومي الشامل على قاعدة المجيء بحكومة تكنوقراط مصغرة لا يكون اعضاؤها من القوى السياسية وبرئاسة الرئيس الحريري نفسه. ومجمل هذه الخيارات لن تتبلور صورة المواقف منها قبل أيام، في وقت يبدو المشهد العام للازمة أشبه بسباق مع الوقت في ظل تصاعد التداعيات السلبية الناشئة عن ثمانية أيام حتى يوم أمس من اقفال الطرق وشلل الحركة واقفال المؤسسات والقطاعات والمصارف ناهيك بتصاعد حوادث الاحتكاكات والصدامات في بعض ساحات الاعتصام على غرار ما حصل أمس في وسط بيروت.
اللواء: تسابق غربي إيراني على إنتفاضة الشارع.. والمخرَج الحكومي في المأزق! تهاوي دعوات عون قبل أن تُعلَن.. والحريري لن يستقيل قبل البديل
كتبت صحيفة “اللواء” تقول: تهاوت على نحو دراماتيكي، مبادرات السلطة، الواحدة تلو الأخرى، وبدا ان انتفاضة 17 ت1 (أكتوبر) دخلت في منعطف خطير: فإما ان تتحوّل لحظة البحث عن تسوية عند منتصف الطريق، والبداية بوضع حكومي جديد، يبقى عقدته الوزير جبران باسيل، بين ان يرحل أو يبقى، أو الذهاب بعيداً في سياسة العناد، وأخذ الشارع إلى شارعين: واحد يهتف “كلن يعني كلن” وآخر يهتف: “مش كلن يعني مش كلن.. السيّد اشرف منهم كلهن” في إشارة إلى الأمين العام لحزب الله..
وعلى وقع أسئلة مطلقة، وتهاوي الاقتراحات، الواحد بعد الآخر، أكدت جمعية المصارف في بيان لها أمس ان المصارف ستظل ماضية في إغلاق أبوابها بسبب “بواعث قلق ترتبط بالسلامة، وذلك لغاية عودة الاستقرار، وسط احتجاجات عارمة للمطالبة باستقالة الحكومة”، وذلك “لحماية العملاء والموظفين والممتلكات”.
ودعا البيان إلى إيجاد حل سياسي للأزمة، وقال إن الجمعية “تطمئن المواطنين الى أن المصارف جاهزة لاستئناف أعمالها كالمعتاد فور استقرار الأوضاع”. وأضاف البيان أن عمل البنوك سيقتصر على توفير الرواتب من خلال أجهزة الصراف الآلي.
ويقارب الرئيس سعد الحريري الواقع الناجم عن التظاهرات الشعبية باهتمام ومسؤولية لافتة، في البحث عن الحلول المناسبة للخروج من هذه الازمة باقرب وقت ممكن،لأنه لا يمكن ترك الامور على هذا النحو السائد حاليا،انطلاقا من ولوج المخارج السياسية وانتهاج الحوار سبيلا لما يحصل.خلافا من رؤية بعض الاطراف لقمع الاحتجاجات الشعبية بالقوة والعنف.
الجمهورية: مشروع حل: فتح الطرق.. إعتصام في الساحــات.. حوار في بعبدا
كتبت الجمهورية تقول: دلّت وقائع اليوم الثامن للانتفاضة الشعبية الى أنها ماضية الى مزيد من التصعيد، مع إعلان رفضها ما طرحه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في رسالته الى المتظاهرين الذين تعرّض بعضهم الى اعتداءات من جهات حزبية، في الوقت الذي صَعّد المنتفضون من إقفال مداخل بيروت من مختلف الجهات، الى أن سَرت ليلاً معلومات أفادت عن سَعي حثيث على مستويات رفيعة لإعادة تطبيع الاوضاع في البلاد تدريجاً، بدءاً من اليوم وحتى الاثنين المقبل، بالتزامن مع انطلاق حوار بين السلطة وممثلي الانتفاضة.
تحدث مرجع مسؤول لـ«الجمهورية» مساء أمس عن «بدء العد العكسي لإنهاء حال الفوضى التي نتجت من بعض التظاهرات في بعض الأماكن والمناطق، بحيث سيتم فتح كل الطرق والبلد، ليكون الاثنين المقبل يوم عمل طبيعياً في كل المؤسسات الرسمية والخاصة وفي المصارف والبلد عموماً، فيما ينتظِم الحراك، تظاهرات واعتصامات، في الساحات». وقال المرجع انّ رئيس الجمهورية «سيبدأ الحوار المباشر مع ممثلي الحراك الشعبي في ما يرفعونه من مطالب، وسيتم تصنيف كل من لا يشارك في هذا الحوار على انه «حالة مُندَسّة» للتخريب، ويتم التعامل معها على هذا الأساس».
وعلمت «الجمهورية» أنّ اجتماعات عدّة تنعقد بين مختلف الأحزاب، لمناقشة ما يحصل واستنباط الحلول للأزمة السائدة. وأشارت المعلومات الأولية الى أنّ «العد العكسي للحلّ ولفَتح البلد بدأ، وسيكون المشهد مختلفاً يوم الاثنين».
وكان عون قد توجّه أمس برسالة الى اللبنانيين عموماً والمتظاهرين، مؤكداً «انّ الورقة الاصلاحية التي أقرّت ستكون الخطوة الاولى لإنقاذ لبنان وإبعاد شبح الانهيار المالي والاقتصادي عنه»، واعتبر انها كانت «أوّل إنجاز لكم لأنكم ساعدتم في إزالة العراقيل من أمامها، وقد أقرّت بسرعة قياسية». ولفت الى انّ «في مجلس النواب عدداً من اقتراحات القوانين، منها اقتراح قانون لإنشاء محكمة خاصة بالجرائم المتعلقة بالمال العام، واقتراح ثان باسترداد الدولة للأموال المنهوبة، واقتراح ثالث برفع السرية المصرفية عن الرؤساء والوزراء والنواب وموظفي الفئة الاولى الحاليين والسابقين، واقتراح رابع برفع الحصانات عن الوزراء والنواب الحاليين والسابقين وكل من يتعاطى المال العام». وشدد على إقرار هذه القوانين «في أقرب وقت». داعياً المتظاهرين الى مطالبة النواب بالتصويت عليها «حتى يصبح كل المسؤولين عرضة للمساءلة والمحاسبة القانونية، ولا يعود هناك خيمة فوق رأس أحد». كذلك دعاهم الى أن يكونوا المُراقبين لتنفيذ الاصلاحات من خلال الساحات «في حال حصل أي تأخير أو مماطلة»، مشدداً على «حرية التنقّل التي هي حق لكل المواطنين، ويجب ان تُحترم وتؤمّن». ودعا المعتصمين الى «حوار بنّاء يوصِل الى نتيجة عملية، وتحديد الخيارات التي توصلنا الى أفضل النتائج»، مؤكداً أنه ينتظرهم للبدء بهذا الحوار.
وقد تَتبّع فريق عون ردود الفعل على هذه الرسالة، وقالت مصادره لـ«الجمهورية» انه تلقّى ما هو إيجابي وما هو سلبي، مؤكدة انه «كان صريحاً جداً، وخاطبَ المتظاهرين بكل جرأة ووضوح». وأضافت انّ عون أطلقَ في رسالته 3 مسارات متوازية، وهو في الوقت الذي تحدث الى المتظاهرين والمعتصمين عن قراره وأبلغهم علناً انه في انتظارهم للحوار معهم عبر ممثلين لهم، فتحَ باب إعادة النظر في التركيبة الحكومية قبل أن يشرح لهم رؤيته للاصلاحات التي يمكن مقاربتها في المَديَين القريب والبعيد، لافتاً الى فشل سلسلة محاولاته السابقة. وأكدت «أنّ الرئيس قام بواجبه، وأبدى استعداده لمواصلة آلية المحاسبة والحوار في آن، مُلبّياً مطالب اللبنانيين، ورَسم لهم خريطة طريق واضحة وصريحة».