حماس والهدنة طويلة الأمد حميدي العبدالله
كشف موقع «والا» الإسرائيلي وثائق مصورة باللغتين العربية والانكليزية، تشير إلى أنّ حماس معنية بوقف إطلاق نار أو هدنة طويلة الأمد تستمرّ لسنوات مقابل فكّ الحصار المفروض على غزة.
حول صحة هذه الأخبار المسرّبة، يبدو أنها صحيحة في ضوء أمرين أساسيين، الأول أنّ حماس أكدت الخبر في معرض التعليق عليه، عندما أشارت إلى وجود عروض، ولكنها قالت إنه لم يتمّ الردّ عليها بعد. وعادة هذه عملية محسوبة لتهيئة الرأي العام لمثل هذا الخيار. الأمر الثاني أنّ حركة حماس أيّدت منذ فترة طويلة «هدنة طويلة» الأمد مع الكيان الصهيوني كبديل عن تسوية الدولتين. وهذا ما جاهرت به قيادات حماس في فترات متعاقبة.
والأرجح أنّ اندفاع حماس في هذا الاتجاه يعود إلى تفسير قد تجاهر به، أو تبقيه طيّ الكتمان، ويكمن هذا التفسير في الحالة القائمة بين مصر وحركة حماس ومستقبل المعابر بين البلدين، فمن بين الخيارات المطروحة الأخرى، هو خيار تسليم المعابر إلى السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس، لكن يبدو أنّ حماس فضلت خيار الهدنة الذي ينسجم مع خطها وطرحها التاريخي عن الهدنة الدائمة على تسليم المعابر للسلطة الفلسطينية، واحتمالات أن يؤدّي ذلك إلى زعزعة سيطرتها على القطاع. ولكن هذا الخيار، إذا التزمته حماس، ولم يبق في حدود المناورة والضغط السياسي، فإنّ له تداعيات خطيرة أبرزها:
أولاً، وقف المقاومة والتخلي عن كلّ أشكال الضغط على الكيان الصهيوني عبر غزة، ومن شأن ذلك أن يسهّل على العدو الصهيوني ابتلاع القدس وتهويد الضفة الغربية، وهذا سوف يشكل كارثةً أخطر من تلك المترتبة على قيام دولة فلسطينية في الضفة والقطاع عاصمتها القدس الشرقية.
ثانياً، هذا الخيار سيعزز ارتباط غزة اقتصادياً بالكيان الصهيوني في ضوء التخلي عن المعابر مع مصر لصالح المعابر مع الكيان الصهيوني، وتعزيز الارتباط الاقتصادي بالكيان الصهيوني يصبّ في مصلحة هذا الكيان حتى وإنْ استفاد من ذلك جزئياً سكان القطاع المحاصرون منذ فترة طويلة.
ثالثاً، من شأن اعتماد هذا الخيار أن يعزز الانقسامات الفلسطينية ويعمّقها، فهو لن يكون مرفوضاً من قبل السلطة الفلسطينية وحدها التي تعتبره موجهاً ضدّها، بل إنه سيكون مرفوضاً من قبل فصائل أخرى لها وجود وازن في قطاع غزة، ولا سيما الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية، وسترفض قوى المقاومة هذا الخيار، وقد يتحوّل الرفض إلى اقتتال في ضوء تجارب الماضي.
في ضوء هذه التداعيات، من الواضح أنّ السير في هذا الخيار لن يكون في مصلحة حماس، ولا في مصلحة القضية الفلسطينية.
(البناء)