من الصحف الاسرائيلية
ذكرت الصحف الاسرائيلية الصادرة اليوم انه في أعقاب قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من شمالي سورية تثور مخاوف إسرائيل مجددا، حيث ينظر إلى هذه الخطوة من عدة زوايا، بضمنها أن الانسحاب الأميركي الأخير هو جزء من انسحاب إستراتيجي من الشرق الأوسط، بما يفسح المجال لإيران بتعزيز نفوذها.
كما ينظر إليه من زاوية أن الانسحاب من شمالي سورية قد يهيئ لانسحاب آخر، وخاصة من قاعدة التنف، التي تستغلها إسرائيل لجمع المعلومات الاستخبارية وشن هجمات.
ينضاف إلى ذلك المخاوف الإسرائيلية من عدم تتابع سياسة الإدارة الأميركية، وحالة عدم الوضوح في اتخاذ القرارات، بما يصعب على إسرائيل إجراء محادثات موضوعية مع الولايات المتحدة.
وتجمع تحليلات أمنية إسرائيلية بالنتيجة على ضرورة إجراء تغييرات في الجيش تتطلب ميزانيات أكبر على مستوى الخطط البعيدة المدى، وبضمنها رفع قدرات العمل في الحيزين الجوي والاستخباري.
اعتبر المحلل العسكري لصحيفة هآرتس عاموس هرئيل أن أجندة الرئيس الأميركي تتلخص في “جعل الولايات المتحدة صغيرة مرة أخرى”، وأن انسحابه من الشرق الأوسط يعني تسليم مفاتيح النفوذ لإيران.
وأشار إلى جملة من الأحداث باعتبارها جزءا من عملية بعيدة المدى. وبضمن هذه الأحداث الزيارة الخاطفة لوزير الخارجية الأميركية، مايك بومبيو، لإسرائيل في إطار عملية “تهدئة شرق أوسطية”، واتهامات إيرانية جديدة بشأن هجوم إسرائيلي، واللقاء الاستثنائي لرئيس الأركان الإسرائيلي، أفيف كوخافي، مع رئيس “كاحول لافان”، بيني غانتس، على خلفية تقارير تتحدث عن هجوم إيراني محتمل.
وبحسبه فإن ما يربط بين هذه الأحداث هو عملية بعيدة المدى، باعتبار أن التغيير الأساسي هو إستراتيجي أكثر مما عملاني أو تكتيكي، فالولايات المتحدة تسارع انسحابها من الشرق الأوسط، بينما يتصاعد نفوذ إيران الإقليمي. مضيفا أن هذا هو سبب زيارة بومبيو الخاطفة، وهذا هو السبب المركزي للقاء كوخافي – غانتس في أوج مفاوضات ائتلافية.
ولفت إلى أنه حصل في الأسابيع الأخيرة حدثان دراميان في المنطقة، الأول الهجوم على منشآت النفط السعودية في منتصف أيلول/ سبتمبر الماضي، والثاني هو المكالمة الهاتفية بين الرئيس الأميركي ونظيره التركي رجب طيب إردوغان في السادس من الشهر الجاري. وينضاف إلى ذلك قرار واشنطن إخراج قواتها العسكرية من شمالي شرقي سورية، الأمر الذي فتح المجال أمام العملية العسكرية التركية في المنطقة.
ويضيف أن ما يربط بين هذه الأحداث هو التراجع الحاد في استعداد الولايات المتحدة لوضع جنود وتخصيص موارد في المنطقة، وذلك بداعي أن ترامب، الذي يصف أداءه بـ”الفاشل”، يعتقد أنه حان الوقت لوضع حد لما أسماه “الحرب اللانهائية” للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
كتب مراسل الشؤون العسكرية في صحيفة معاريف” طال ليف رام أن أداء الولايات المتحدة سيؤدي إلى عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، والمخاوف من التخلي الأميركي تتصاعد، حيث أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية قلقة جدا من هذا الأداء الأميركي في المنطقة، ومن أبعاد ذلك على إسرائيل، وتطلق انتقادات بشأن عدم متابعة الإدارة الأميركية، وعدم جاهزيتها لتفعيل القوة في أعقاب “أحداث كبيرة وجدية ذات تأثير بعيد المدى“.
وكتب أن ما كان يقال بحذر شديد في السنوات الأخيرة، منذ صعود ترامب، بات يقال اليوم بشكل حاد ومباشر في غرف المداولات، وخاصة في ظل التطورات الأخيرة، رغم العلاقات الجيدة بين الجيشين الأميركي والإسرائيلي، إلا أن تغيير المسؤولين في الإدارة الأميركية والسياسية غير الواضحة التي يقودها ترامب “تصعب على إسرائيل إجراء حوار مع الولايات المتحدة“.
ويضيف أن مخاوف إسرائيل المركزية، التي يعبر عنها في المحادثات بين المستويين السياسي والعسكري، لا تتصل بتهديد عيني، وإنما تتمحور حول تقديرات بأنه في ظل التطورات الأخيرة، والتآكل في قوة الردع الأميركية، فإن “أعداء إسرائيل”، وخاصة حزب الله، قد “يسمحوا لأنفسهم بالمخاطرة في نشاطهم في المنطقة”، خاصة مع تواصل العمليات الإسرائيلية في سورية.
ويشير إلى أنه في هذه الأوضاع، فإن الجيش الإسرائيلي معني باستقرار سياسي يتيح تنفيذ خطط وتلقي ميزانيات متعددة السنوات تتصل باحتياجات الجيش والتطورات الأخيرة، رغم أن الجيش لا يزال يرى أن هناك هامشا واسعا يحول دون التدهور إلى مواجهات جدية على الجبهة الشمالية، حيث أن الأوضاع لا تزال بعيدة عن أن تكون “حالة طوارئ“.
من جهته كتب المحلل السياسي في موقع “واللا” الإلكتروني أمير بوحبوط أن تواصل التغييرات في الشرق الأوسط، وإمكانية أن تنفذ الولايات المتحدة انسحابات أخرى ترفع من حالة التأهب في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
ونقل الموقع عن مسؤول أمني إسرائيلي قوله إن الجيش يتابع وبحالة تأهب التغييرات في الشرق الأوسط، والاتصالات التي تجريها واشنطن في الأسابيع الأخيرة للتهدئة في المنطقة.
وأضاف أن “التهديدات وقطر دائرة عمل الجيش الإسرائيلي في الشرق الأوسط تلزم الجيش بالتغير، مع التشديد على الحيز الجوي والاستخباري“.
وأضاف المسؤول نفسه أن “العمل ضد أعداء إسرائيل أصبح حساسا جدا، ولذلك فهو يلزم الأجهزة الأمنية بإجراء تقييمات للوضع بوتيرة عالية، وتحليل النتائج للتيقن من أن حلبة واحدة لا تؤثر على حلبة أخرى ضد إسرائيل“.