سورية الصامدة والتحولات القادمة
غالب قنديل
لا ضوضاء ولا ضجيج في الحضور السياسي السوري القوي على مساحة الصراع الاستراتيجي في الشرق حيث يتابع السوريون صمودهم في وجه الحصار الاستعماري والعقوبات ويواصلون البناء والمقاومة بينما الجيش العربي السوري قابض على زناده في جميع الجبهات والمحاور يحصن ما انجزه في الأشهر القليلة الماضية بانتظار صدور إشارة القيادة بفصل جديد من عملية تحرير التراب الوطني.
الصعوبات كثيرة لكن الإرادة الوطنية السورية صلبة وحازمة وعبرعنها الوزير وليد المعلم مؤخرا بإعلان تصميم سورية على طرد جميع الغزاة من أرضها وبسط السيادة الوطنية وسمى الاحتلال الصهيوني والأميركي والفرنسي والبريطاني والتركي بشكل مباشر ومن غير أي تورية وكأنما هو إعلان بدء الفصل الأصعب والأخير الذي سقطت فيه الأقنعة التي صنعتها الدعاية الأميركية الغربية الخليجية والتركية منذ انطلاق العدوان على الجمهورية العربية السورية والذي هندسه الأميركيون والصهاينة وأذنابهم في المنطقة على صورة ثورة مزعومة وحاولوا إعطاءه صفة الحرب الأهلية بعد ذلك.
صلابة الدولة الوطنية وثباتها مكناها من تفكيك البيئة الافتراضية التي صنعها التسويق الإعلامي المكثف للصور الخادعة والمزورة وتكشفت الحقائق تباعا للرأي العام السوري والعربي والعالمي وشرعت المعادلات الميدانية بالتبدل خلال سنوات من التضحيات والشهداء والمعاناة والصعوبات فتمكن السوريون من قلب الصورة بفضل تماسك الشعب والجيش والقائد وتلاحمهم في مسيرة الدفاع عن الوطن واستقلاله الذي كشف الرئيس بشار الأسد من البداية انه المستهدف.
اندحرت خطط كثيرة أعدت للمنطقة العربية وكانت تطال جميع بلدانها بعد فشل محاولة ضرب سورية وإخضاعها ووجد الحلف الاستعماري الصهيوني نفسه في مأزق كبير بعد ما أتاحه الميدان السوري من تبدل في البيئة الاستراتيجية مع حضور واسع ومتعاظم للقوة الروسية الحليفة ومن تجسيد عملي للأخوة الإيرانية العربية ومن انخراط مؤثر لشركاء محور المقاومة جميعا وخصوصا من لبنان واليمن والعراق ويخشى المخططون الغربيون اليوم من نتائج كل ذلك على توازن القوى العام في المنطقة والعالم وعلى مستقبل الكثير من الصراعات والأحداث وهم يهابون بالتحديد تأثيره على امن الكيان الصهيوني المكبل بتوازنات الردع والذي يسكنه الخوف الشديد من احتمالات خطيرة ووجودية في مسار أي حرب قادمة كما يصرح قادته العسكريون خصوصا مع تعافي القوة السورية ونهوضها وهي ستغدو عملاقة وقادرة مع طرد فلول الجيوش الأجنبية من ترابها الوطني فستكون قد هزمت الإمبراطورية الأميركية وحلف الناتو والكيان الصهيوني معا.
يستمر الصمود السوري بكل صعوباته وتفاعلاته وربما تتحضر مفاجآت كثيرة في الفترة المقبلة بفضل الإدارة الذكية للصراع التي تجمع بين الحنكة السياسية والحزم السيادي الاستقلالي والاستعداد للتضحية ومن يسترجع الصيغ السياسية والإعلامية لتوصيف الوضع السوري التي تآكلت وانهارت فانتهى مسارها مؤخرا إلى تبني ثوابت خطاب سورية ورئيسها من اليوم الأول بالتأكيد على أولوية اجتثاث الإرهاب وبسط سيادة الدولة الوطنية على كامل أراضيها وعلى أن الحلول والتفاهمات سورية خالصة تتبلور في حوار بين السوريين يقود إلى وضعها وتنفيذها تحت رعاية الدولة.
من يدقق في ما صدر وما اعتمد من نصوص حول المسار السياسي مؤخرا يستطيع التعرف على هوية المنتصر النهائي في اخطر صراع عالمي متشعب جمع بصورة معقدة بين حروب الوكالة والغزو الاستعماري المباشر وكان الذروة في انماط الخداع والتزوير وتسويق الأكاذيب التي لم تنقطع إلى اليوم لكن الحقيقة السورية كشمس بلاد الشام بشروقها تسطع بقوة ولا مجال لإنكارها.
سورية القلعة القومية الصامدة والمتكاتفة بقوة مع حلفائها الكبار في العالم والإقليم تصنع التحولات والمعادلات الجديدة وتكتب صفحة من تاريخها المجيد.