الثورة الإسلاميّة ومحور السنة! ثريا عاصي
من نافل القول أن تيارا من سكان لبنان الذين إحتل المستعمرون الإسرائيليون أرضهم في سنة 1982، إنضموا إلى صفوف «الثورة الإسلامية» التي قادها الإمام الخميني في ايران، حيث تكللت في سنة 1979 بإسقاط نظام الشاه. نظم هذا التيار في لبنان مقاومة ضد قوات الإحتلال إلى أن أجبرها على الجلاء عن التراب الوطني دون توقيع إتفاقية إعتراف بشرعية إحتلالها لفلسطين.
عندما نقول «ثورة إسلامية» فذلك يعني أن هذه الأخيرة حاملة لمشروع يتعدى حدود البلاد الإيرانية ويشمل الحالة الإسلامية أينما تواجد المسلمون. من البديهي أن هذه الثورة أخافت حكام العرب. دب الرعب في أركان نظم الحكم التي تستخدم الدين أساسا لدعائم سلطتها.
ينبني عليه أن حربا إندلعت في الواقع بين هذه الثورة الإسلامية من جهة وبين الذين نظروا إليها كمثل خطر يتهدد عروشهم بمصير يشبه مصير شاه إيران. منذ أن نشبت تلك الحرب في سنة 1980 والموجات الصدمية تتعاقب على البلاد العربية. لجأت نظم الحكم الهلِعة إلى شتى الوسائل والأساليب بقصد منع التواصل بين «الثورة الإسلامية» من جهة وبين الجماهير العربية التي توسمت فيها الأمل والضوء، إذ أدركت هذه الجماهير أن الفرق كبير في ميزان كفاح الإستعمار، بين أن تكون إيران إلى جانب القضية العربية وبين أن تكون إلى جانب المستعمرين الإسرائيليين!.
لم يخطر بالبال آنذاك أن نظم الحكم سوف تـُخرج موازين العصبية والعنصرية والمذهبية. مجمل القول هنا، أن هذه النظم المرتعدة خوفا، أعلنت حربا، ألبستها تارة عباءة القومية العربية وتارة أخرى عباءة السنة، والسلف. أكتفي بهذا الاستطراد، فايفاء الموضوع يحتاج إلى تفاصيل لا يتسع لها المجال هنا.
ولكن تحسن الملاحظة في هذا السياق إلى أن نظم الحكم إستنجدت جهارا نهارا، في تصديها «للثورة الإسلامية» بالأمبريالية الأميركية وحلفائها، من بينهم المستعمرون الإسرائيليون. تجلى ذلك تحت مسميات كمثل التطبيع، الإعتدال وحوار الأديان والحضارات بالإضافة الى المؤتمرات التي كانت تعقد في شرم الشيخ وتلك التي يستضيفها أمراء قطر. كانت محصلة ذلك كما هو معروف سلبية جدا على الصعيد الفلسطيني إذا أخذنا بالحسبان العلاقة المتقلبة والمتغيرة بين فصائل المقاومة الفلسطينة من جهة وبين الثورة الإسلامية من جهة ثانية. بل لا حرج في القول إن هذه الفصائل تميل في غالبيتها، في الراهن إلى محور «السنة» الذي يتزعمه الملك السعودي ضد الثورة الإسلامية. غني عن البيان أن المقاومة في لبنان صارت جزءا عضويا من الثورة الإٍسلامية وأن محاولات استمالتها إلى «محور السنة» محكوم عليها بالفشل، كمثل محاولات تصفيتها المتكررة.
نحن إذن حيال صراع شديد، يتواجه فيه «محور السنة» و«الثورة الإسلامية»، ويدور على أرض سوريا والعراق ولبنان وفلسطين واليمن. السؤال الذي لا مفر منه هو بمن نلتحق في الراهن، بالثورة الإسلامية أم بمحور «السنة»؟! نحن الذين نحلم بوطن حقيقي، بدولة عادلة تضمن المساواة بين سكانها، لا دينية لا إسلامية، دولة مستقلة متحررة من نفوذ المستعمرين، دولة تقدمية تساند النضال ضد التمييز العنصري وضد الإستعمار الإستيطاني وتدعم حق الشعوب في تقرير مصيرها وفي اختيار النظام السياسي الذي يلائم تراثها ويلبي ضرورات تطورها وأمنها!
(الديار)