تحليلات: خطة ريفلين فاشلة وغانتس ضعيف أمام نتنياهو
انتقد محللون إسرائيليون بارزون خطة الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، لتشكيل حكومة وحدة، يتناوب على رئاستها زعيم حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، ورئيس كتلة “كاحول لافان”، بيني غانتس، خاصة في حالة تقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو، ولكن دون أن يستقيل من منصبه، وإنما يبقى في منصبه وفي الوقت نفسه يتعذر عليه القيام بمهامه، بينما يتولى غانتس مهام رئيس الحكومة “بشكل فعلي“.
وأجمع المحللون أيضا، على أن غانتس، الذي يفضل البعض تعليق آمال عليه لأسباب تبدو كأنها مبهمة، عديم الخبرة السياسية، وهو شخص ضعيف، خاصة أمام نتنياهو، وكان سيوافق على خطة ريفلين، فور طرحها في بداية الأسبوع الحالي، لولا المعارضة الشديدة من جانب قادة “كاحول لافان” الآخرين الثلاثة، يائير لبيد وموشيه يعالون وغابي أشكنازي، وبشكل خاص لبيد.
ورأت محللة الشؤون الحزبية في “يديعوت أحرونوت”، سيما كدمون، أنه “خلال فترة التعذر الطويلة كأبدٍ، التي يقترحها الرئيس (ليس لـ100 يوم كما ينص القانون، وإنما لفترة أطول بكثير)، سيكون غانتس رئيس الحكومة الفعلي، ويتمسك نتنياهو بهذه الصفة وبكافة التشريفات المرافقة. لكن من خلال معرفتنا بالنفوس الناشطة، يسهل تخيل ماذا سيحدث هنا، ومن سيكون رئيس الحكومة بالفعل ومن الذي يتعذر عليه القيام بمهامه. وخلال وقت قصير قد يتحول غانتس من رئيس حكومة فعلي إلى خرقة بأيدي الذي يشد الخيوط، والرجل الأكثر حنكة في المؤسسة السياسية، الذي يواصل التضليل واللعب بالدولة كأنها ساحة ألعابه الخاصة” في إشارة إلى نتنياهو.
وأضافت كدمون أن خطة ريفلين تعني أن “الشخص المتهم بمخالفات خطيرة مثل الرشوة، الاختيال وخيانة الأمانة، سيواصل عمليا ولايته تحت غطاء منافق، يتعين على جميعنا أن نكون جزءا منه… وهذه مرحلة أخرى في طريق نتنياهو إلى الهدف السامي، الذي يسمى صراع بقاء. أو بكلمات أخرى: كيف يتم إنقاذ رئيس حكومة من ثلاث لوائح اتهام، فيما جميع الوسائل تقدس ذلك“.
وحول غانتس عديم الخبرة السياسية، كتبت كدمون أنه “بعد يومين من الانتخابات، جلس ريفلين ونتنياهو، اللذان بحوزتهما معا قرابة 100 سنة من الخبرة السياسية، مقابل غانتس الذي بصعوبة توجد بحوزته تسعة أشهر من الخبرة السياسية. وحضر نتنياهو إلى ديوان الرئيس وبدا متعبا ومهزوما، لكن لا تسمحوا له بإرباككم: هو ليس متعبا، وليس مهزوما وكمية الأدرنالين في دمه بإمكانها تشغيل مفاعل نووي. وغانتس، كالمتوقع، خرج من اللقاء الأول مثل عجينة قاموا بعجنها جيدا قبل أن يدخلوها إلى التنور“.
لكن بعد هذا اللقاء، وفقا لكدمون، اصطدم غانتس مع لبيد، الذي تواجد في باريس، وبعث برسالة إلى غانتس، مفادها أنه يعارض بشدة الدخول إلى حكومة برئاسة نتنياهو، وأنه بحال وافق غانتس عليها فإنه (لبيد) سيشق “كاحول لافان”. والصورة التي رآها لبيد في ذهنه هي أنه “نتنياهو في مركزها، وهو، لبيد، يقف بين الحريديين يعقوب ليتسمان وأرييه درعي. وكل هذا فيما انتخابات جديدة تخيم في الأفق“.
وأضافت كدمون أن لبيد، رئيس حزب “يش عتيد”، وضع إنذارا أمام غانتس: “إما لا تشكل حكومة وحدة أو أن ييش عتيد سيكون خارج كاحول لافان. وادعى لبيد أن نتنياهو يريد إنهاء المسألة بأسرع وقت، قبل جلسة الاستجواب (الأسبوع المقبل)، من أجل أن يصل إلى المستشار القضائي للحكومة كمن سيكون رئيس الحكومة المقبل. وآخر شيء يريده نتنياهو هو أن يصل إلى هناك كخاسر. كمن كان رئيس حكومة. ومن أجل ذلك هو مستعد لبيع الجميع، وبضمنهم كتلة إلى اليمين والحريديين“.
لفت محلل الشؤون الحزبية في “هآرتس”، يوسي فيرطر، إلى أن من خلال خطة ريفلين، “أكد رئيس الدولة لأول مرة أن رئيس حكومة تحت لائحة اتهام لا يمكنه البقاء في منصبه، على الرغم من القانون الذي يسمح له بذلك”. لكن المحلل اعتبر أن ريفلين طرح خطته من أجل تسهيل انتقال نتنياهو من كرسي رئيس الحكومة إلى كرسي المحاكمة، ومسألة التعذر من أجل تعويض قادة “كاحول لافان“.
واتفق فيرطر مع كدمون على أن نتنياهو سيعمل طوال فترة التعذر على أن يكون رئيس الحكومة الفعلي، من وراء الكواليس، فيما المتعذر عن القيام بمهام رئيس الحكومة سيكون غانتس.
وحول ضعف غانتس، نقل فيرطر عن شاهد عيان للقاء بين نتنياهو وغانتس في ديوان رئيس الدولة: “بدأ كلاهما يصعدان السلم، جنبا إلى جنب، إلى الطابق الثاني. ومنذ بداية الطريق وضع غانتس يده على كتف نتنياهو، ومنحه عناقا قصيرا، وواصلا باقي الطريق على هذا النحو، فيما يد غانتس موضوع بودٍ على كتف الرجل الذي قال عنه أكثر الأمور الرهيبة والمهينة“.
وتابع فيرطر أن “هذه اللفتة الجسدية هي التجسيد الأفضل للاختلاف الهائل بين غانتس ورفاقه الثلاثة في قيادة كاحول لافان. ولو كان الأمر متعلقا بغانتس، لكنا اليوم نتواجد في مفاوضات ائتلافية حثيثة من أجل تطبيق مقترحات ريفلين. وكان غانتس مستعدا، منذ يوم الإثنين الماضي، بعد اللقاء الثلاثي الأول في ديوان الرئيس، للاستجابة بشكل إيجابي للخطة، بالمستوى المبدئي طبعا. لكنه مكبل من جهة، ومُدارٌ من الجهة الأخرى. فقد اعتقد لبيد ويعالون وأشكنازي أن هذا المقترح هو انتحار بالنسبة لكاحول لافان“.
ورأى فيرطر أن “موافقة نتنياهو على خطة ريفلين، وبضمن ذلك بند التعذر، إنما عزز وحسب شكوك الثلاثة. فهم لا يصدقون أي كلمة يقولها. وهم مقتنعون بأنه سيضلل ويحتال ويخدع، هو وكتلته، من أجل ألا يخرج التعذر إلى حيز التنفيذ ابدا. وهاكم السيناريو التالي وهو واقعي: الاتفاق يوقع. وفي نهاية تشرين الثاني/نوفمبر أو بداية كانون الأول/ديسمبر تتشكل حكومة متساوية. نتنياهو رئيس الحكومة وغانتس وزير الأمن والقائم بأعماله. وفي هذه الأثناء يطرح ترامب صفقة القرن، أو تنشب حرب في الجنوب أو الشمال. أول كلها معا. وعندها سيقول نتنياهو: لحظة، الآن تغيرون رئيس حكومة؟ عندما توجد فرصة تاريخية للسلام، أو فيما تُقصف إسرائيل بآلاف الصواريخ يوميا، وبعضها صواريخ دقيقة تلحق ضررا إستراتيجيا؟ هل نغير الحكم في فترة مصيرية لمستقبل إسرائيل؟ هل هذه مسؤولية قومية؟“.
وأضاف فيرطر أن “هذا هو نتنياهو الكلاسيكي. وكيف سيتصرف غانتس ورفاقه في هذه الحالة؟ هل سيخرجون من الحكومة ويقودون إلى انتخابات؟ فيما تسقط الصواريخ من كافة الاتجاهات، أو عندما يحض الرئيس (الأميركي) بالحكومة ببدء مفاوضات مع الفلسطينيين؟ الواضح أنه في اللحظة التي سيدخلون فيها إلى الحكومة، ستغلق أبواب السجن عليهم من الخارج“.
ورجح فيرطر أن قرار المستشار القضائي، بعد جلسة الاستجواب، سيكون سريعا باتجاه تقديم لوائح اتهام ضد نتنياهو، وأنه حتى لو أجريت الانتخابات الثالثة في مطلع العام المقبل، فإن نتنياهو سيصل إليها كمتهم، “وحتى لو فاز فيها، فإنه ليس مؤكدا أن يمنحه ريفلين تفويضا بتشكيل حكومة”. لذلكن توقع فيرتر، أن يعيد نتنياهو التفويض الحالي بعد رأس السنة اليهودية، الأسبوع المقبل، من أجل التوجه بأسرع وقت لانتخابات ثالثة، خاصة وأنه ليس بإمكان غانتس تشكيل حكومة.